السيده مريم بنت عمران المعروفه العدرا مريم ، فى الاسلام ، وهى ام السيد المسيح عيسى عليه السلام ، وهى اشرف نساء العالمين و مقدسه وان الله اصطفاها و طهرها وهى اعظم ست فى التاريخ وقد جاءت بمعجزة ميلاد السيد المسيح عيسى من غير اب وبعذريتها و بتبشير أمين الوحى جبريل عليه السلام لها بحملها عيسى عليه السلام كلمة الله ورسول من اعظم الرسل.
وكانت مخطوبه ليوسف النجار وكانت بنت عم ام سيدنا يحيى (يوحنا المعمدان) وجاءت الى مصر بعد ولاده السيد المسيح عليه السلام ومعجزاته وهو طفل صغير فى رحلة العائلة المقدسه و ظلت هناك لفتره من الزمن ، وفى القرأن الكريم قصتها وقصة ميلاد عيسى عليه السلام وفيه سورة كاملة باسمها ، سورة مريم ، وفيه سورة ال عمران أيضا تحكى قصة السيده العذراء والسيد المسيح علهم السلام .
فهي مريم بنت عمران بن ماثان بن عازار بن أبي يوذ بن يوزن بن زربابل بن ساليان بن يوحنا بن أوشيا بن أمون بن منشكن بن حازقا بن أخاز بن يوثام بن عوزيا بن يورام بن سافط بن ايشا بن راجعيم بن سليمان بن داود عليهما السلام بن ايشي بن عوبد بن سلمون بن ياعز بن نحشون بن عمياد بن رام بن حصروم بن فارص بن يهوذا بن يعقوب عليه السلام بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليهما السلام .
وكان أبوها صاحب صلاة في بني إسرائيل، وأمها حَنَّة بنت فاقود من العابدات، وزوج خالتها زكريا عليه السلام نبي ذلك الزمان ، وعاش أبواها في بيئة ساد فيها الظلم والاضطراب، وكانت الحياة التي يعيشها بنو إسرائيل بائسة، فقد حرفوا دينهم وأفسدوا عقيدتهم، وعاثوا في الأرض فسادا، وأضحى الواحد منهم لا يأمن على نفسه غدر الآخر، وفي وسط هذه الحُلكة والدُلجة كان يعيش عمران وزوجه حَنّة، يعبدان الله وحده ولا يشركان به شيئًا، وكان الزمان يمر بهما دون ولد يؤنسهما.
وفى يوم من الأيام جلست حنة بين ظلال الأشجار، فرأت عصفورة تطعم صغيرها، فتحركت بداخلها غريزة الأمومة، فدعت الله أن يرزقها ولدًا حتى تنذره لخدمة بيت المقدس ، فاستجاب الله دعاءها وابتهالها إليه فحملت بمريم ومات عمران وهي حامل ، وكان أول امتحان لأم عيسى مريم البتول عليهما السلام أن أمها التي كانت ترجو أن ترزق بولد ذكر لتهبه لخدمة بيت المقدس جزاء على هذه النعمة بعدما أصبحت عاقرًا
فرزقت ببنت، وليست الأنثى في القوة والجلد والتحمل وخدمة الأقصى كالذكر، وأسفت أم مريم زوج عمران، واعتذرت لله عز وجل فقالت: ﴿رَبِّ اِنِّي وَضَعْتُهَا اُنْثٰى وَاللهُ اَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثٰى وَاِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَاِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطٰنِ الرَّجِيمِ﴾ سورة آل عمران ، لكنها لم ترجع عن نذرها وإن رزقت بأنثى، بل أوفت به كما اشترطته على ربها ، وسمتها مريم ، ومعنى مريم بالعبرية أى الخادم أو خادمة الله.
وحين وضعت امرأة عمران ابنتها مريم عليها السلام، أرسلتها للخدمة في بيت المقدس، كما نذرت لله إن رزقها الولد أن تجعله في خدمة بيت المقدس، فلما وضعت ووجدت أنها كانت تحمل أنثى في بطنها، أوفت بنذرها وأرسلتها للخدمة أيضًا، وقد تنازع عُبَّادُ بيت المقدس أيهم يكفلها، وقد حاول نبي الله زكريا عليه السلام أن يجعل كفالتها له، باعتبار صلته بها؛ حيث إنه زوج خالتها، ولكنهم رفضوا أن يسلموها له إلا بناء على قرعة، فاقترعوا فغلبت قرعة سيدنا زكريا عليه السلام .
فَكَفَلَها، وهيَّأ لها مكانًا تتعبد فيه في بيت المقدس، لا يدخله سواها، فكانت تعبد الله فيه وتقوم بما يجب عليها من سدانة البيت إذا جاءت نوبتها، وتقوم بالعبادة ليلها ونهارها حتى صارت يضرب بها المثل بعبادتها في بني إسرائيل، وكان الله قد استجاب دعاءَ أمِّها امرأة عمران .
فحفظها من مَسِّ الشيطان، وكان نبي الله زكريا عليه السلام كلما دخل عليها موضع عبادتها وجد عندها رزقا غريبًا في غير أوانه؛ فكان يجد عندها فاكهة الصيف في الشتاء وفاكهة الشتاء في الصيف فيسألها، فتقول له: ﴿هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ﴾ وقد خاطبتها الملائكة، وبشَّرتها باصطفاء الله لها، وبأنه سيهب لها ولدًا زكيًّا يكون نبيًّا كريمًا طاهرًا مكرَّمًا مؤيدًا بالمعجزات؛ فتعجَّبَتْ من وجود ولدٍ من غير والدٍ؛ لأنها لا زوج لها ولا هي ممن تتزوج؛ فأخبرتها الملائكة بأنَّ اللهَ قادر على ما يشاء، فسلَّمت لأمر الله، وعلمت أنَّ هذا فيه محنة عظيمة لها .
وكانت تخرج من بيت المقدس فترة حيضها، أو لحاجة ضرورية لا بد منها، وفي أحد الأيام خرجت لبعض شؤونها وحدها شرقي المسجد الأقصى، إذ بعث الله إليها الروح الأمين جبريل عليه السلام، ووقعت بينهما القصة المعروفة التي قصَّها الله علينا في القرآن، في السورة التي حملت اسم السيدة مريم عليها السلام ، فاضطرَّها المخاض إلى جذع النخلة، فقالت يا ليتنى مت قبل هذا، قالت ذلك في حال الطَّلقِ استحياءً من النَّاس .
فوَلَدَتْ سيدَنا عيسى عليه السلام، وقد تكلم في المهد مدافعًا عن أمه، ومبيّنا أنه رسول رب العالمين إلى الناس؛ لهدايتهم إليه، ودلالتهم عليه ، فسلامٌ على السيدة مريم عليها السلام، التي تُبيِّن سيرتها الزكية أهمية التقوى والعبادة والانصياع لإرادة الله سبحانه والتسليم له، والرضا بقضائه وقدره جلَّ وعلا؛ فقد كان إيمانُها وصلاُحها وإخلاصُها سبيلًا لتكون مثالًا يُحتذى ونموذجًا يُقتدى، ولتكون ممن فضلهن الله على نساء العالمين؛ جزاءَ صبرها وتقواها .
وعاشت مريم عليها السلام مع ولدها عيسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام دهرا طويلا في الجبل يعبدان إلههما الجبار يقومان الليل ويصومان النهار ويأكلان من ورق الأشجار ونبات الأرض ويشربان من ماء الأمطار ، ثم أن عيسى ذات يوم نزل من الجبل يلتقط من نبات الأرض ما يفطر به هو وأمه إذ هبط ملك على مريم (عليها السلام) وهي معتكفة في محرابها وقال : السلام عليك يامريم الصائمة القائمة فخرت مغشيا عليها من شدة هول ملك الموت .
فلما أفاقت من غشوتها قالت له : من أنت يرحمك الله ؟ فلقد اقشعر جسمي وارتعدت فرائصي وذهب عقلي وتلجلج لساني وتغيرت من مخافتك ألواني وخريت من خوفك مغشية على وجهي ؟ فقال لها : يا مريم أنا ملك الموت الذي لا أرحم الصغير لصغره ولا الكبير لكبره ولا الشاب لشبابه ، أنا هادم اللذات ، أنا مفرق الجماعات ، أنا منغص الشهوات ، أنا قاطع الأمنيات ، أنا مرسول لقبض الأرواح ، أنا مخرب القصور ، أنا عامر القبور ، أنا الذي لا أستأذن على أحد بدخولي عليه من الملوك والجبابره ، أنا ملك الموت.
فقالت مريم : جئت زائراً أم جئت قابضاً ؟ قال : بل قابضاً فاستعدي يا مريم ، فقالت : يا ملك الموت لا تعجل علي حتى يجيء قرة عيني وثمرة فؤادي وريحانة قلبي وفلذة كبدي عيسى ، فقال لها ملك الموت : ما أمرني الله تعالى بذلك وأنا عبد مأمور من الله تعالى الحي الذي لا يموت ، وقد أمرني أن لا أرفع قدم حتى أقبض روحك في موضعك هذا .
فقالت : يا ملك الموت قد سلمت أمري لله تعالى ورضيت بقضائه ، فدنى ملك الموت عليه السلام منها وقبض روحها الى رحمة الله تعالى ، فأمسى عيسى تلك الليلة لم يصعد إلى الجبل حتى دنى وقت العشاء الآخرة ، فلما صعد الجبل نظرالى أمه فإذا هي ممدده فظن إنها نائمة ، وقد أدت الفريضة لربها ، ونامت لتستريح ولم يعلم عيسى بما نزل عليها من أمر الله تعالى ، فوضع ما كان عنده من حشيش الأرض ولم يفطر بشيء ، كل هذا لأجل أمه يريد أن يفطر معها ولم يعلم أن ملك الموت قد نزل بها.
وقام عيسى عليه السلام في محرابه وجعل يصلي حتى مضى من الليل ثلاث ساعات ،فجاء ووقف عند رأسها وناداها بصوت خفيف وقلب يدها وقال : السلام عليك يا أماه قد انتصف الليل وأفطر الصائمون وقام العابدون الى عبادة الجبار ، فلم تكلمه ، فقال في نفسه لكل نومة لذة وهي الآن في لذة نومها فما أنا بالذي منغص عليها لذتها.
فعاد إلى محرابه فصلى ثلث الليل الثاني وجاء ووقف عند رأسها وبكى وقال : السلام عليك يا أماه قد انصرم الليل وأفطر الصائمون وقام العابدون إلى عبادة الرحمن فلم تكلمه ، فظن أنها تعبانه من العبادة وقد نامت لتستريح ثم عاد إلى المحراب ولم يفطر تلك الليلة بشيء حتى كان عند الفجر جاء إليها ووقف عند رأسها وناداها فلم تجبه .
فأنكر شأنها فوضع فمه على فمها وخده على خدها وهو يقول : يا أماه حملتيني في بطنك ورضعتيني من ثديك وسهرت علي ليلك وتعبت عليّ نهارك ، يا أماه مضى الليل وجاء النهار وقد جاءت فريضة ، رب العالمين التي لا بد منها ، فبكت عند ذلك ملائكة السماوات رحمة لهما ، وأوحى الله تعالى .
الى الملائكة يا ملائكتي ما يبكيكم ؟ فقالت الملائكة : إلهنا وسيدنا نبكي رحمة على عيسى وأمه عبديك وكلمتك وروحك ، فإذا منادي ينادي في السماء يا عيسى إرفع فمك وخدك عن أمك الصائمة القائمة فإنها عرج بروحها الى ربها ، فلما سمع ذلك الكلام خرّ مغشياً عليه ، فلما أفاق من غشوته نادى بأعلى صوته واحسرتاه وانقطاع ظهراه ، واغربتاه ، واوحشتاه يا أماه من يؤنسني في وحشتي ، ومن يعينني على عبادة ربي .
فأوحى الله تعالى إلى الجبل أن يكلم عيسى فكلمه وقال : يا روح الله ما هذا الجزع أتريد أحسن مني مؤنساً ؟ فقال : أعوذ بعزة ربي ورأفته ، ثم أن عيسى عليه السلام صبر على قضاء الله وقدره وشكره على نعمته وحكمته ...