نعيش فى هذه الأيام المباركه فى ذكرى عظيمه تمر على المصريين بكل الفرح والسعاده فهى عيد نصر اكتوبر المجيد الذى استردت فيه مصرنا الحبيبه ارضها وعزها ومجدها ولكن كان هذا النصر بدماء وارواح ابطال سجلوا اسمائهم بدمائهم على ارض الوطن وكم سقط من شهيد بل الاف من الشهداء سقطوا وهم يدافعون عن الارض والعرض ولكن يجب ان نعلم جميعا أن هءلاء الابطال هم شهداء الوطن الذين قال عنهم الله عز وجل فى كتابه الكريم (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ﴾ آل عمران
ولقد ذهَب هؤلاء الشُّهداء إلى جنَّة، إلى كرامة، إلى رِضوانٍ من الله، إلى مَساكِن طيِّبة، إلى حُورٍ مَقصُوراتٍ في الخِيام، أنتم أيُّها الشُّهَداء إلى السَّعادة، أنتم إلى الطمأنينة، أنتم إلى حيث اللِّواذ بِجَلال الله وجماله، أنتم تحت ظِلِّ عرْش الله يوم القيامَة وإنَّ الصورة التي رسَمها القرآنُ الكريم والسُّنة النبويَّة المطهَّرة للشهيد، والمنزلة العالية التي رفَعه إليها، والمقام الكريم الذي أحلَّه فيه في دار البقاء لَمَا يتنافس فيه المؤمنون، ويعمل له العاملون، وحسب المسلم أن يستمعَ إلى قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ * سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ * وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ ﴾ سورة محمد .
وكما أكرَمَهم الله في القرآن الكريم وفي مَقاعِدهم بعدَ الشَّهادة، فقد أكرَمَهم النبيُّ الكريم صلَّى الله عليه وسلَّم فى احاديثه الشريفه وايضا لم يغسلهم حيث قال في شُهَداء أحد " زمّلوهم بكُلُومهم ودِمائهم؛ فإنهم يُبعَثون يومَ القيامة وأوداجهم تَشخَبُ دمًا، اللون لون الدم والرِّيح رِيح المسك " .
والشهادة في سبيل الله من المنازل العالية التي خص الله تعالى هذه الأمة ببركة حبيبه محمد صلى الله عليه وسلم فجعل لها من الأبواب ما يستعصى على الحصر، وما هذا إلا بحبِّه صلى الله عليه وسلم لأمته وفتحه لأبواب نيل المنازل العالية على مصراعها، وليس الموت في الحرب أو الشهادة بالقتل في ميدان الحرب إلا واحدة منها ولذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما تعدون الشهيد فيكم؟
قالوا: يا رسول الله، من قتل في سبيل الله فهو شهيد، قال: إن شهداء أمتي إذًا لقليل، قالوا: فمن هم يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم " من قتل في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في الطاعون فهو شهيد، ومن مات في البطن فهو شهيد"
ومن هنا نعلم أن المفهوم الإسلامي للشهادة ذو دائرة واسعة وأعظم الشهادة هي ما كانت في ميدان القتال في سبيل الله لما لها من فضائل كثيرة لا تعد ولا تحد فضلًا من الله الواحد الأحد ومن فضل الله على الشهداء أنهم أولًا هم ليسوا أمواتًا بل هم أحياء عند ربهم يرزقون، لقول الله سبحانه وتعالى في محكم التنزيل: ( وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ، فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) هم يستبشرون بمن خلفهم من المؤمنين أن يلحقهم الله بهم في منازل الشهداء، وقيل يؤمنهم ربهم من الخوف على من خلّفوا من أهلهم وأبنائهم فالله يتولاهم لهم فيفرحوا ويستبشروا.
والشهيد أول من يمسح التراب عن وجه زوجته من الحور العين، أي علامات الاستشهاد كالدم أو تراب المعركة تزيِّنه عند البعث وتعرِّفُ به وتبعث منه الرائحة الزكيَّة فيكون شامة بين أهل الموقف بتلك النياشين حتى يخلص إلى قصره وزوجه، ولو كان المراد تراب مدفنه فهو كناية عن سرعة دخوله بيته ولحوقه بأهله في الجنة فلا يكاد ينشق القبر عنه وأثر ترابه عليه إلا ويجد نفسه بين يدي أهله يمسحون ذلك التراب عن وجهه.
وهناك شهيد الدنيا والآخرة وهو الشَّهيد الكامل الشهادة، وهو أَرفع الشُّهداء منزلةً عند الله، وأفضلهم مقامًا في الجنَّة، وهو المسلِم المكلَّف الطاهِر، الذي قُتل في المعركة مخلصًا لله النيَّة، مقبلاً غير مدبِر، سواء قتلَه أهلُ الحرب أو البَغي أو قطَّاع الطريق، أو وُجد في المعركة وبه أثر القتل.
وهناك شهيد الدنيا وهو من غَلَّ من الغنيمة أو مات مدبرًا، أو من قاتَل لتُعلَم شجاعتُه، أو طلبًا للغنيمة فقط، ولعلَّ كل قتيل في المعركة لم يكن مخلصًا لله فهو من شهداء الدُّنيا، فإذا كان الباعث له ليس الجهاد في سبيل الله؛ وإنَّما شيء من أشياء الدنيا، فإنَّه لا يَحرِم نفسَه من الأجر والثواب فحسب، بل إنَّه بذلك يعرِّض نفسَه للعذاب يوم القيامة، فعن أبي هريرة قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: " إنَّ أول الناس يُقضى يوم القيامة عليه رجُلٌ استُشهد، فأُتِيَ به فعرَّفه نعمَه فعرَفَها، قال: فما عملتَ فيها؟ قال: قاتلتُ فيك حتى استُشهدتُ، قال: كذبتَ، ولكنَّك قاتلتَ لأن يُقال: جريءٌ، فقد قيل، ثُمَّ أُمر به فسُحب على وجهه حتى أُلقي في النار " رواه مسلم.
وهناك شهيد الآخرة وهو من أثبت له الشارعُ الشهادةَ، ولم تَجرِ عليه أحكامها في الدنيا أي: إنَّه كباقي الموتى يغسَّل ويكفَّن ويصلَّى عليه ويُدفن، وقد جعلهم الشارعُ في حكم الشهداء، لخصلة خيرٍ اتَّصفوا بها، أو لمصيبةٍ أصابَتهم فقَدوا فيها حياتهم ، وقد ذكر العلماء بناء على ما ورد من أحاديث أنَّ شهداء الآخرة كثيرون، وأوصلها بعضُهم إلى الخمسين، فمن ذلك:
ومن الشهداء طالب الشهادة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " مَن سأل اللهَ الشَّهادة بصدقٍ، بلَّغه الله منازِلَ الشُّهداء وإن مات على فِراشه " رواه مسلم.
ويفيد الحديث: أنَّ من طلب الشَّهادة صادقًا؛ بأن يكون قَصده الجهاد في سبيل الله لنصرة دينه، ثمَّ مات على فراشه؛ فإنَّ الله يَكتب له أجرَ شهيد، ويَبعثه في زمرة الشُّهداء؛ لأنَّ الله علِم صِدق نيَّته وشرف قصده، والقرآن يؤيِّد هذا؛ وذلك أنَّ الهجرة قَبل فتح مكَّة كانت مفروضة، وتاركها عاصٍ، وكان بعض الصَّحابة يموت في الطَّريق قبل وصوله إلى المدينة، فأنزل الله تعالى ﴿ وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ﴾ سورة النساء
بمعنى قد حصل له أجر المهاجِر، وكُتب في زمرة المهاجرين؛ لذلك كان الصَّحابة يحرصون على الموت في سبيل الله، ويسألون اللهَ ذلك في دعائهم وصلاتهم؛ فهذا سيف الله المسلول خالد بن الوليد رضي الله عنه وهو على فراش الموت يقول: "والله لقد شهدتُ مائة زَحف أو زهاءها، وما في موضع شبرا فى جسدي إلاَّ ضَربة سيف أو طَعنة رمح، وهأنذا أموتُ على فراشي كما تموت البعير، فلا نامَت أعين الجبناء".
وحسب المسلم أن يعلمَ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مَن هو عند ربِّه في مقام الإكرام والإحسان، حسبه أنْ يعلمَ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يتمنَّى الموت في سبيل الله لا مرة واحدة، بل مرَّة، ومرَّة، ومرَّة، فيقول الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه " والذي نفسي بِيَده، لوددتُ أن أغزو في سبيل الله فأُقْتل، ثم أغزو فأُقْتل، ثم أغزو فأُقْتل"
رواه مسلم .
وبحسب المسلم أن يعلمَ هذا، فيتأكَّد له أنه لا مَطلب أعزَّ ولا أكرم، ولا أشرف من الموت في سبيل الله، وبحسب المسلم أن يستمعَ إلى قوله النبي صلى الله عليه وسلم " ما من نفسٍ تموت، لها عند الله خيرٌ، يَسُرها أنها ترجع إلى الدنيا وأنَّ لها الدنيا وما فيها، إلاَّ الشهيد؛ فإنَّه يتمنَّى أنْ يرجِعَ، فيُقْتل مرة أخرى ".
وبحسب المسلم أن يستمعَ إلى هذا مِنَ الصادق الأمين الذي لا يَنْطق عن الْهَوَى، فتهون عليه نفسُه وأهله، وماله وولدُه في سبيل الله من أجْل أن يَلْقى الله في زُمرة الشهداء، مصبوغًا بالدم الذي أُريق منه على جسده، والذي يطلعُ به على أهْل الموقف يوم القيامة، شهادة ناطقة بأنه من المجاهدين في سبيل الله؛ يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم " ما مِن مكلومٍ يُكْلَم في سبيل الله، إلاَّ جاء يوم القيامة وكَلْمه يدْمَى، اللون لون دمٍ، والريح ريح المسك " رواه البخاري.
وروى البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: سألتْ أُمُّ حارثة النبي صلى الله عليه وسلم عن ابنها حارثة، وكان قُتل يوم بدر، فقالتْ: يا رسول الله، إنْ كان ابني في الجنة صبرتُ، وإنْ كان غير ذلك، اجتهدتُ في البكاء عليه، فقال صلى الله عليه وسلم: " يا أُمَّ حارثة، إنها جِنان في الجنة، وإنَّ ابنك أصابَ الفردوسَ الأعلى " وروى البخاري ومسلم
ومع موقف عظيم من مواقف الشهداء مع النبى الكريم صلى الله عليه وسلم وهو بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يسوِّي الصفوف في غزوة بدر، ويستحثُّ الْهِمم للقتال، تَعمَّد سواد بن غزية الخروج عن النظام حِيلة منه، فطعَنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقدح في بطنه، قائلاً له: " استوِ يا سواد "
وإذا بالصحابي الجليل يتصنَّع الوجعَ من وكزة القدح، ويطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم القصاص ليكون أوَّلَ اختبار للقيادة النبويَّة الرحيمة في ساحة الجهاد، فيَكْشف الرسول الكريم للصحابي عن بَطْنه؛ ليقتصَّ منه، قائلاً: " اقتصَّ يا سواد " فيقول: يا رسول الله، ليس بي ألَمٌ، وإنَّما أردتُ أن يَمسَّ جِلدي جلدك، ثم أقبل على بَدَن الرسول يُقَبِّله .
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مَن طلب الشَّهادة صادقًا، أُعطيها ولو لم تُصبه " مسلم.