إن الله يأمر بالعدل والاحسان والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يرشدنا الى الاحسان والاحسان افضل وارقى من العدل وذلك لأن العدل هو تأخذ ما لك وان تعطى ما عليك أما الاحسان فهو ان تأخذ اقل مما لك وان تعطى أكثر مما عليك فبذلك يكون الاحسان أعلى وأفضل من العدل وقد كتب الله الإحسان في كل شيء كما ورد في الحديث عن أبي يعلى شداد بن أوش رضي الله تعالى عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته) رواه مسلم أيها المسلمون: إن من الوسائل النبوية في الإحسان إلى الناس وكسب قلوبهم • خدمتهم وقضاء حوائجهم، والسعي في تنفيس كروبهم، وأولى الناس بالخدمة والرعاية الأهل والأقرباء، ولذلك جاء عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي أخرجه الترمذي)، عن الأسود قال: سألت السيدة عائشة رضي الله عنها: عن ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله، تعني خدمة أهله، فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة). ومن منا لا يبالي بكسب قلوب أقرب الناس إليه كالوالدين، والزوجة والأقرباء، وترى بعض الناس كارهين لبني البشر لا يبالي بكلام العلماء والفقهاء ولا يستطيع أن يكسب وده أبيه وأمه، وقلب زوجته أو أخته وهو على خصام دائم معهم. • وممن يجب ان نكسب قلوبهم وودهم وثقتهم الجيران، جاء في الحديث (عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فلا يؤذ جاره و من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فليكرم ضيفه و من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت)، وأي إكرام يقدم إلى الجار اكبر من دعوته إلى الهدى والتقى، فقد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الى مساواة الجار بالنفس فقد جاء عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بلفظ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يُحِبَّ لِجَارِهِ (أَوْ قَالَ لِأَخِيهِ) مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ)، ولذا علينا ان نتحبب الى الجار فنسلم عليه، ونعوده إذا مرض، ونعزيه عند المصيبة، ونهنئه بالفرح ونصفح عن زلته، ولا نتطلع إلى عوراته، ونتستر ما انكشف منها، ونهتم بالإهداء إليه وزيارته وصنع المعروف اليه، وعدم أذيته عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قيل من يا رسول الله؟ قال: من لا يأمن جاره بوائقه ». ومعنى بوائقه غشه، وشره، خيانته. فالذي لا يطمئن منه جاره، ولا بأمنه على بيته و أهله، في حال غيبته حضرته، ليس بمؤمن. لأن المؤمن هو من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم، ونسائهم والبوائق الشرور والأذى. نعم أيها الناس ونكسب كذلك الذين يعملون معنا، فالطبيب يكسب المرضى والأستاذ يكسب التلاميذ، والموظف يكسب المراجعين، وكم سمعنا عن طبيب يتبرم من المرضى ولا يحسن إليهم، ومن معلم ترك تلاميذه، وموظف يعرقل معاملات الناس، وهنا يدعو المظلوم على الظالم، ودعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب وقد جاء عن معاوية رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ يقول: (من ولاه اللَّه شيئاً من أمور المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وخلتهم وفقرهم، احتجب اللَّه دون حاجته وخلته وفقره يوم القيامة). • ومن الوسائل في كسب قلوب الناس الحلم وكظم الغيظ قال تعالى ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 134]، وقد كان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة، والمثل في كظم الغيظ والصفح عن المسيء، ففي صحيح البخاري أن رجلاً أعرابياً أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يطوف بالكعبة فجبذه بشدة مع ردائه أو بردته، فأثر ذلك في رقبته، فالتفت إليه مبتسماً عليه الصلاة والسلام، فقال الأعرابي بشدة وغلظة، وبدون مقدمات يا محمد أعطني من مال الله الذي ليس من مالك، ولا من مال أبيك. فقال الشفيق العطوف على أمته: أعطوه، فأعطاه الصحابة وادٍ من الغنم، فذهب الرجل إلى قومه، وقال: يا قوم أسلموا فإن محمداً يعطي عطاءً لا يخشى الفاقة، وروى البخاري و ابن ماجة، وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (رحم الله عبداً سمحاً إذا باع، سمحاً إذا اشترى، سمحاً إذا اقتضى).، فالسماحة في البيع والشراء هدي نبوي تربوي فيه خير كثير، فعلى البائع ان يكون سهلا، وعلى المشتري ان يكون سهلا كذلك، وإذا طلب صاحب الحق حقه عليه ان يطلبه برفق ولين، جاء في الحديث (كَانَ تَاجِرٌ يُدَايِنُ النَّاسَ فَإِذَا رَأَى مُعْسِرًا قَالَ لِفِتْيَانِهِ تَجَاوَزُوا عَنْهُ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا فَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُ) وفي رواية لمسلم: "قال اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- نَحْنُ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْهُ تَجَاوَزُوا عَنْهُ". رواه البخاري ومسلم. وعن أبي هريرة أن رجلا تقاضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأغلظ له فهم به أصحابه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوه فإن لصاحب الحق مقالا ثم قال اشتروا له بعيرا فأعطوه إياه فطلبوه فلم يجدوا إلا سنا أفضل من سنه فقال اشتروه فأعطوه إياه فإن خيركم أحسنكم قضاء، وقال أنس بن مالك: (والله لقد خدمته عشر سنين، فما قال لشيء صنعته لما صنعته.. ولا لشيء تركته: لم تركته).فاللهم صلى وسلم وبارك على سيدنا محمد سيد المحسنين وحبيب رب العالمين ....