ولله تعالى: يدان وعينان - ذلكم ما أثبته القرآن والسنة، قال تعالى لنبيه نوح عليه السلام: "واصنع الفلك بأعيننا ووحينا.." هود/37، وقال تعالى: "تجري بأعيننا.." القمر/14، وقال ربنا لموسى عليه السلام: "..وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني.." طه/39 وقال تعالى لنبيه محمد صل الله عليه وسلم: "واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا" الطور/48.
وعلى كل مؤمن أن يثبت لربه ما أثبته تعالى لنفسه وأثبته له رسوله صل الله عليه وسلم، من ذلك ذكر النبي صل الله عليه وسلم يوما بين ظهري الناس المسيح الدجال فقال إن الله ليس بأعور ألا إن المسيح الدجال أعور العين اليمنى كأن عينه عنبة طافية" رواه البخاري.
ولعلك الآن تسألني كيف نجمع بين الآيات الكريمات التي وصف الله تعالى فيها نفسه بأن له عيناً وأن له أعين، وأن له يداً وقال تعالى "يأيدينا" بصيغة الجمع، وأدعك للسادة علماء العقيدة ليعطوك الجواب.. فاستمع إليهم بأذنٍ واعية إنهم يقولون لك:
"الذي عليه أهل السنة والجماعة أن لله عز وجل عينين يبصر بهما ، وهما من الصفات الذاتية التي لا تنفك عنه سبحانه .
قال ابن خزيمة رحمه الله : " نحن نقول : لربنا الخالق عينان يبصر بهما ، ما تحت الثرى ، وتحت الأرض السابعة السفلى ، وما في السماوات العلى ... " انتهى من "كتاب التوحيد"
وقال أبو الحسن الأشعري رحمه الله : " وأن له سبحانه عينين بلا كيف ، كما قال سبحانه : (تجري بأعيننا) " انتهى من " الإبانة عن أصول الديانة"
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " مذهب أهل السنة والجماعة : أن لله عينين اثنتين ، ينظر بهما حقيقة على الوجه اللائق به ، وهما من الصفات الذاتية " انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين"
واستدل أهل السنة على إثبات العينين ، بما رواه البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن الله لا يخفى عليكم ، إن الله ليس بأعور - وأشار بيده إلى عينه - وإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى كأن عينه عنبة طافية).
قال الدارمي رحمه الله في "رده على بشر المريسي": " ففي تأويل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن الله ليس بأعور) : بيان أنه بصير ذو عينين ، خلاف الأعور " انتهى .
وقال الشيخ عبد الله الغنيمان حفظه الله في "شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري" : " قوله: (إن الله ليس بأعور ) : هذه الجملة هي المقصودة من الحديث في هذا الباب ، فهذا يدل على أن لله عينين حقيقة ؛ لأن العور فقدُ أحد العينين ، أو ذهاب نورها " انتهى .
وقد جاءت صفة العين في القرآن الكريم مضافة إلى الله سبحانه وتعالى بصيغتين :
1- صيغة الإفراد ، مضافة إلى ضمير المفرد . مثل قوله تعالى : (وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي) طه/39 .
2- صيغة الجمع ، مضافة إلى ضمير الجمع . مثل قوله تعالى: (تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا) القمر/14، وقوله : (وَاصْنَعْ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا) هود/37 .
فقوله تعالي : (عَلَى عَيْنِي) ، لا يدل على عين واحدة ، وقوله : (بِأَعْيُنِنَا) ، لا يدل على أعين كثيرة ، بل كل موضع يفسر بحسبه ، وذلك أن لفظ العين إذا أضيف إلى اسم جمع ظاهر ، أو مضمر ، فالأحسن جمعه مشاكلة للفظ ، كما قال تعالى : (قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ) الأنبياء/61 .
وإذا أضيف إلى مفرد ذكر مفردا مشاكلة للفظ ، كما قال تعالى : (وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي) طه/39... وللحديث في هذا بقية وإلى لقاء قادم بإذنه تعالى