إن الأخلاق الصحيحة الأصيلة، التي تسمو بصاحبها لا تكون إلا من طريق الدين لأن الله سبحانه وتعالى، عنده مكارم الأخلاق، فإذا أحب الله عبدا منحه خُلقا حسنا كما ورد في بعض الأحاديث، إن مكارم الأخلاق مخزونة عند الله تعالى، فإذا أحب الله عبدا منحه خلقا حسن، وإن الدين ومكارم الأخلاق هما شيء واحد لا يقبل أحدهما الانفصال عن الآخر، ومن دون دين لا يمكن أن تكون هناك أخلاق، ولا يمكن أن تكون هناك أخلاق إلا عن طريق الإيمان بالله عز وجل أولا، والإيمان بخلود النفس ثانيا، والإيمان بالحساب بعد البعث ثالثا، وعن ابن عباس رضى الله عنهما، النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قال " أكرموا أولادكم وأحسنوا أدبهم" رواه ابن ماجه.
وعن الإمام علي بن أبي طالب يقول النبي صلى الله عليه وسلم "علموا أولادكم وأهليكم الخير وأدبوهم" وإذا أردت أن تقنع ضعاف الإيمان فإنك تحتاج إلى التعليل، لكن لو فرضنا أن الإنسان لم يعرف التعليل ألا ينبغى أن ينفذ الأمر الإلهي؟ ولا ينبغي أن تعلقه على التعليل، ولكن التعليل يقوى إيمانك، فإن التعليل يجعل الشريعة معقولة، والتعليل يجعلك تعلم الناس، أما المؤمن الصادق فلأن الله أمر انتهى، ولأن الله نهى انتهى، وعلة أى أمر أنه أمر، ولكن هذه الدابة إذا ماتت دمها فيها، فإن كل الأمراض والأوبئة وعوامل الضعف فى الدم، فإذا بقى الدم في الدابة فقد أصبحت مؤذية في تناولها، فلذلك قيل أنه صدر قانون فيدرالي يمنع قطع رأس الذبيحة على مستوى أمريكا كلها.
فحين يقطعون رأس الذبيحة القلب يضرب الضربات النظامية وهى ثمانون ضربة وهذه الضربات النظامية لا تكفى لإخراج الدم، فتبقى الذبيحة زرقاء الدم، وطعمها غير مستساغ، فقد عرفوا هذا من التجربة عادوا إلى الشرع مقهورين لا متعبدين، لكن إذا قطعت أوداج الذبيحة جاء الأمر الاستثنائي من الدماغ إلى القلب، ورفع الضربات إلى مئة وثمانين ضربة، وهى تخرج الدم كله من الذبيحة، وهم بالتجربة وجدوا أنه لابد أن تكون الذبيحة خالية من الدم، وقد كانت كل الطرق القديمة في المسالخ الأجنبية تقطع الرأس كالمقصلة تماما، ولكن الآن منع قطع الرأس ليبقى الأمر الاستثنائى من الدماغ سارى المفعول، حتى القلب يضخ الدم كله خارج الذبيحة.
ولكن هنا سؤال وهو هل فى عهد النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وبعد عهد النبى صلى الله عليه وسلم وإلى قبيل خمسين عاما، هل يمكن أن يعرف الإنسان ما حكمة النبي صلى الله عليه وسلم حين أمر بعدم قطع رأس الذبيحة وبقطع أوداجها فقط؟ وهذا ليس من عند النبى صلى الله عليه وسلم، ولكن هذا وحى يوحى، وسوف ترون أنه كلما تقدم العلم وتم كشف عن إعجاز هذا التشريع، ولا يستبعد أن تروا يوما العالم كله يطبق أحكام الشريعة الإسلامية، ربما ليس عن تعبد لله عز وجل، ولكن العلم يصل إلى أن هذا الذى وصل إليه القرآن الكريم وهو عين الحقيقة، ولذلك الميتة حرمت، فقيل أن هناك تعليل لهذا التحريم، وإن الطبع السليم يتقزز من أكل الميتة.
والإنسان تعاف نفسه أن يأكل لحم دابة ماتت، والإنسان بفطرته، وطبيعته، وعقلانيته، يرفض أكل لحم الميتة، والله عز وجل حرمه، وهذا شيء طبيعي أن يتوافق النقل مع العقل، ومع الفطرة، ومع الواقع، وشيء طبيعى وهذا هو الحق، وهناك تعليم لطيف أن الإنسان ينبغى أن تكون أعماله كلها هادفة، فهو حين يذبح هذه الدابة يذبحها ليأكلها، فأصبحت أعماله هادفة لا يوجد عنده عمل عشوائى، وإن الدابة الميتة تجلب الأمراض، فهذا هو الشيء الآخر، وهو أنه عندما تموت الدابة، أى ماتت لعلة، لمرض، أو لجرثوم، أو لتسمم، فالدابة الميتة مظنة مرض، ومظنة خطر على الإنسان، وهذه علة أخرى، وهناك شيء ثانى دقيق جدا وهو أن البهائم التي خلقها الله عز وجل تأكل الميتة.