رسولنا الكريم “محمد بن عبد الله” صلى الله عليه وسلم يمثل رمزاً دينياً وثقافياً والهداية في في العالم بأسره ، وهو الرمز الأكثر إنسانية في ضمير الثقافة العالمية التي سعت مبكراً لدراسة فكره ومسيرته كقائد ومعلم ومفكر، مازالت أمته تقتدي به وتسير على دربه، خاصة أن الإنسانية تدين بتقدمها إلي حصاد الحضارة الاسلامية وما أفرزته من علوم وعلماء في شتي المجالات .
حب الرسول فى القلوب لايمكن وصفه لدى المسلمين فى أنحاء العالم فضلا عن إعجاب مفكرين وفلاسفة، غير مسلمين به صلى الله عليه وسلم وبأخلاقه ومواقفه .
لقد كان الرسول قرآنًا يمشي على الأرض، أي أنه عمل القرآن، وتمثل آداب القرآن، وذلك أن القرآن أنزل للتدبر والعمل به، فكان أولى الناس عملًا به وامتثالًا لأوامره سيد الخلق.
فقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم على مكارم الأخلاق، وكان أفضل الخلق أخلاقًا وأحسنهم آدابًا، وبيَّن رسول الله أنه ما بُعِثَ إلا ليتمم مكارم الأخلاق، فلقد كانت في الجاهلية أخلاق كريمة فأتى الرسول ليتممها، وذلك بإصلاح ما فسد منها، والثناء على ما كان فاضلًا، والحث عليه حيث يقول صلى الله عليه وسلم: «إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق» (هكذا رواه الإمام أحمد.
أيها المسلمون: لقد امتدح الله نبيه على كمال الأخلاق فقال: {وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4] وذلك يظهر من خلال معاشرته للناس ومخالطته لهم، ولقد سُئِلَت عائشة رضي الله عنها كيف كان خلق النبي صلى الله عليه وسلم؟ قالت: "كان خلقه القرآن" (رواه الإمام أحمد ومسلم والنسائي)، فلقد كان -بأبي هو وأمي- قرآنًا يمشي على الأرض، أي أنه عمل بأخلاق القرآن، وتمثل آداب القرآن، وذلك أن القرآن أنزل للتدبر والعمل به، فكان أولى الناس عملًا به وامتثالًا لأوامره سيد الخلق.
ومما ذكر من الأخبار في حث الرسول على الأخلاق، عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن» (رواه الإمام أحمد والترمذي والدارمي. وقال الترمذي: حسن صحيح).
وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقًا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحًا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه» (رواه أبو داود في سننه، وهو حديث حسن كما ذكر الألباني في صحيح أبي داود برقم [4015]).
وعن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن خياركم أحاسنكم أخلاقًا» (رواه البخاري ومسلم).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسل يقول: «إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم» (رواه الإمام أحمد وأبو داود، ولفظ أبي داود: «إن المؤمن ليدرك...» والحديث صحيح كما ذكر الألباني في صحيح أبي داود برقم [4013]).
ومن تلك الأخلاق الرفيعة الصدق في الكلام، والصدق في النيات، والصدق في الأعمال كلها، فهو الذي اتصف بذلك الخلق العظيم، وشهد بذلك أعداؤه قبل أصحابه، وقد كان يسمى الصادق الأمين، وهو القائل: «عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقًا، وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابًا» (رواه مسلم والترمذي وأبو داود).
وجعل الكذب علامة من علامات النفاق حيث قال: «آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان» (رواه البخاري ومسلم)، ومن أخلاقه الشجاعة ، الأمانة ، العدل ، التسامح ، التواضع ، وغيرها من مكارم الأخلاق .
عُرِفَ النبي صلّى الله عليه وسلّم- بجميل خلُقه حتى قبل أن يُبعث رسولاً إلى الناس فقد كانت قريش تلقّبه بالصادق الأمين، وتستأمنه على ودائعها، وتجارتها، ورعي أغنامها، وهو لا يزال شابّاً في مقتبل عمره، واستمرّ على ذلك الخلق الحسن بعد البعثة والرسالة؛ فأثنى عليه الله -تعالى- لخلُقه في القرآن الكريم، حيث قال: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)،[١] وحين سُئلت السيدة عائشة -رضي الله عنها- عن خُلق النبي -عليه السلام- قالت ملخّصةً حياته: (كان خلقُه القرآنَ)،[٢] أي إنّه ملتزمٌ بأخلاق القرآن الكريم والأوامر الواردة فيه في شأنه كلّه، فكأنّه قرآن يمشي على الأرض.
ولأنّ النبي -عليه السلام- مُبلّغ عن رب العالمين، وقدوةٌ للمسلمين في كلّ زمانٍ ومكانٍ؛ فلم يكتفِ بجميل الأخلاق لنفسه وحسب، وإنّما دعا إليها ورغّب بها، ولذلك وردت العديد من الأحاديث الشريفة التي تحثّ المسلم على أن يتمثّل خير الأخلاق في سلوكه، اقتداءً به، ورغبةً في نيل فضل الأخلاق في الدنيا والآخرة، ومن الأحاديث الواردة عن النبي -عليه السلام- بذلك، قوله: (اتَّقِ اللهَ حيثما كنتَ، وأتبِعِ السَّيِّئةَ الحسنةَ تمْحُها، وخالِقِ النَّاسَ بخُلقٍ حسنٍ)،[٣] وقوله أيضاً: (إن خيارَكم أحاسنُكم أخلاقاً)،[٤][٥] إلى غير ذلك من الأحاديث التي وجهّها النبي -عليه السلام- للمسلم، ليرعى أخلاقه ويهذّبها رجاء رضا الله -تعالى- واقتداء بنبيه عليه السلام.
أخبر النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ أكثر ما يُدخل الجنة حُسن الخلق؛ ولذلك كان لزاماً على من جدّ السعي باحثاً عن الدرجات العلا في الجنة أن يحسّن من خلقه، ولقد كان تهذيب الأخلاق من أهمّ الغايات التي بُعث لأجلها رسول الله عليه السلام، إذ قال: (إنما بُعِثتُ لأتمِّمَ صالحَ الأخلاقِ)،[٦] وممّا يُعين المسلم على اكتساب أخلاق النبي -عليه السلام- الدعاء، مقتدياً بذلك بفعل النبي عليه السلام؛ إذ كان يسأل الله -تعالى- أن يجمّله بحسن الخلق على الدوام، فكان من دعائه: (اللَّهمَّ كما حَسَّنتَ خَلقي، فحسِّن خُلُقي)،[٧] وعلى المسلم أن يعلم أنّ طريق تعلّمه لأخلاقٍ حسنةٍ جديدةٍ يمرّ بأن يرى عيوب نفسه وأخطائها؛ حتى يعمل على تحسينها وعلاجها، وأن يتوقّف عن ذكر عيوب الناس وأخطائهم، ويعدّ على نفسه السوء والإثم؛ حتى يستشعر رغبته وحاجته لتعلّم الخلق الجيد.[٨]
وكان يعامل الناس كما يحبّ أن يعاملوه، وفي الحديث الشريف يقول النبي عليه السلام: (وليأتِ إلى الناسِ الذي يحبُّ أن يؤتى إليهِ).[١١]
أن يحبّ المرء للناس ما يحبّ لنفسه، ويكره لهم ما يكره لنفسه.
أن يلاحظ المسلم ما يكره من أخلاق الناس وأخطائهم، ويجنّب نفسه تلك الأفعال ما استطاع.