مجالس العلم مظنات السكينة والرحمة

مجالس العلم مظنات السكينة والرحمة

مجالس العلم مظنات السكينه والرحمه

بقلم / محمـــــد الدكـــــرورى

لاشك أن فضل العلم عظيم واننا جميعا نحتاج الى العلم والتعلم ولكن يجب علينا اولا أن نعلم ما هو الثواب العظيم الذى يناله طالب العلم من الله عز وجل فكان أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه قال أحد أصحابه: " كنتُ جالسًا عند أبي الدَّرداءِ في مَسجدِ دِمشقَ، فأتاه رجلٌ فقال: يا أبا الدَّرداءِ، أتيتُكَ من المدينةِ، مدينةِ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ؛ لحديثٍ بَلَغني أنَّك تُحدِّثُ به عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: قال: فما جاء بك تِجارةٌ؟

قال: لا قال: ولا جاء بك غيرُه؟ قال: لا قال: فإني سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: من سلك طريقا يلتمس فيه علما، سهل الله له طريقا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم، وإن طالب العلم يستغفر له من في السماء والأرض، حتى الحيتان في الماء، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، إن العلماء هم ورثة الأنبياء وإنَّ الأنبياءَ لم يُورِّثوا دِينارًا ولا دِرهمًا، إنَّما ورَّثوا العِلْمَ، فمَن أخَذَه أخَذَ بحظٍّ وافرٍ "

ومن هنا نرى الثواب العظيم لطالب العالم ولننظر ايضا لما يقال عن طال العلم حيث قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " لَمَوْتُ أَلْفِ عَابِدٍ قَائِمٍ اللَّيْلَ صَائِمٍ النَّهَارَ أَهْوَنُ مِنْ مَوْتِ الْعَاقِلِ الْبَصِيرِ بِحَلالِ اللَّهِ وَحَرَامِهِ " ..

من فضائلِ العلمِ وبركاتِهِ أن القرآن الكريم لم يقبل مجردَ المقارنة بين أهل العلم وفاقديه على الإطلاق وعدَّ ذلك قياساً مرفوضاً، قال الله تعالى: ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾

وبالعلم يُعبَدُ الله على بصيرةٍ وتُقَى ويَقْضِي الناس في الدنيا مآربهم على ضياءٍ من أحكام الشرع الكريم، وبالعلمِ يُقيمون مراسيمَ حياتهم في زواجٍ أو تجارةٍ أو جيرةٍ أو شراكةٍ بحيث يعرف كلٌ منهم ماله وما عليه.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان مِن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: " اللهم إني أعوذُ بك مِن قلبٍ لا يخشع، ومِن دعاءٍ لا يُسمَع، ومن نفسٍ لا تشبع، ومِن علمٍ لا ينفع، أعوذ بك مِن هؤلاء الأربع " رواه النسائي .

ولاهتمام الإسلام بالعلم فقد جاءت أولُ آيات القرآن أمراً بالقراءة والتعلم قال الله تعالى: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ ..

ولفضل العلم وكرامته فقد طلب سيدنا موسى عليه السلام من العبد الصالح صحبته لغرض التعلم، قال الله تعالى: ﴿ فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا * قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا ﴾ ..

ولم يجعل كليمُ الله عليه السلام لنفسه في الطلب رُتْبَةً لمَّا جعل نفسه تابعاً وذلك التلطف مع نكران الذات لأجل التعلم، وأخبر الله تعالى أنه آتى كليمه موسى عليه السلام نور العلم فقال: ﴿ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾ ..

وزين الله تعالى به نبيه الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب عليهما السلام فقال الله تعالى: ﴿ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾ ..

وقال تعالى عن سيدنا داوود وولده سليمان عليهما السلام : ﴿ وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ ..

وأخبر في معرض المن بالفضل على نبيه الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى: ﴿ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا ﴾، ولهذا لم يؤمر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم بطلب الزيادة في شيء كالعلم، قال الله تعالى: ﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ ...

ولفضل العلم في حياة الخلق نجد أنه لا يحمله إلا كرام الناس وأهل الأمانة فقد قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: " يحمِلُ هذا العِلمَ من كلِّ خلَفٍ عدولُه ينفونَ عنهُ تحريفَ الجاهِلينَ وانتحالَ المبطلينَ وتأويلَ الغالينَ " ..

ومن فضل العلم أنه هدايةٌ للصراط المستقيم الذي لا عوج فيه، وقد قال سيدنا إبراهيم لأبيه:

﴿ يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا ﴾ ..

وأهل العلم هم أهل البصائر يرون ما يراه الناس، وقد قال أهل العلم في زمان قارون: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ ﴾ ..

وأهل العلم أيضا هم أهل الخشية من الله تعالى قال الله عز وجل: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ﴾ وهم كذلك أهل الشهادة مع مولاهم والملائكة الكرام، قال الله تعالى: ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ ..

وهم أيضاً أهل الخيرية كما قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: "مَن يُرِدِ اللهُ به خيرًا يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ، وإنما أنَا قاسِمٌ واللهُ يُعْطِي، ولن تزالَ هذه الأمةُ قائمةً على أمرِ اللهِ لا يَضُرُّهم مَن خالفهم، حتى يأتيَ أمرُ اللهِ" ..

وطريق طلاب العلم هو طريق الجنة ونعيمها في الدنيا والآخرة ومع ذلك فإن مجالس العلم مظنات السكينة والرحمة وتنزلات الملائكة، فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " مَن نفَّسَ عن مُسلمٍ كُربةً من كرَبِ الدُّنيا، نفَّسَ اللَّهُ عنهُ كُربةً من كُرَبِ يومِ القيامةِ، ومَن سترَ مسلِمًا سترَهُ اللَّهُ في الدُّنيا والآخرةِ، ومَن يسَّرَ على مُعسرٍ يسَّرَ اللَّهُ عليهِ في الدُّنيا والآخرةِ، واللَّهُ في عونِ العبدِ ما كانَ العبدُ في عونِ أخيهِ، ومَن سلَكَ طريقًا يلتَمِسُ فيهِ علمًا، سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طريقًا إلى الجنَّةِ، وما اجتمعَ قومٌ في بيتٍ من بيوتِ اللَّهِ، يَتلونَ كتابَ اللَّهِ، ويَتدارسونَهُ بينَهُم، إلَّا حفَّتهمُ الملائِكَةُ، ونزَلت عليهمُ السَّكينةُ، وغشيتهمُ الرَّحمةُ، وذَكَرَهُمُ اللَّهُ فيمن عندَهُ، ومن أبطأَ بِهِ عملُهُ لم يُسرِعْ بِهِ نسبُهُ " ...

وعن صفوان بن عسالٍ رضي الله تعالى عنه قال: " أتيتُ النبيَّ و هو في المسجدِ مُتَّكيءٌ على بُرْدٍ له أحمرَ، فقلتُ له: يا رسولَ اللهِ ! إني جئتُ أَطلبُ العلمَ، فقال: مرحبًا بطالبِ العلمِ، إنَّ طالبَ العلمِ تحفُّه الملائكةُ وتُظلُّه بأجنحَتِها، ثم يركبُ بعضُهم بعضًا حتى يبلغوا السماءَ الدُّنيا من محبَّتِهم لما يَطلبُ " ..

وفي فضل العلم وأهله يقول صلى الله عليه وسلم: " إنَّ لله تبارك وتعالى ملائكةً سيَّارة فُضُلًا، يتَّبِعون مجالس الذِّكر، فإذا وجَدوا مجلسًا فيه ذِكْرٌ قعَدُوا معهم، وحفَّ بعضُهم بعضًا بأجنحتهم، حتى يملؤوا ما بينهم وبين السماء الدُّنيا، فإذا تفرَّقُوا عرجوا، وصعِدوا إلى السماء، قال: فيسألهم الله عز وجل " وهو أعلم بهم " من أين جئتم؟

فيقولون: جِئْنا من عند عبادٍ لك في الأرض، يسبِّحونك، ويكبِّرونك، ويُهلِّلونك، ويحمدونك، ويسألونك، قال: وماذا يسألوني؟ قالوا: يسألونك جنتك، قال: وهل رأَوا جنتي؟ قالوا: لا، أيْ رب، قال: فكيف لو رأَوا جنتي؟ قالوا: ويستجيرونك، قال: وممَّ يستجيرونني؟ قالوا: مِن نارِك يا رب، قال: وهل رأَوا ناري؟ قالوا: لا، قال: فكيف لو رأوا ناري؟ قالوا: ويستغفرونك، قال: فيقول: قد غفرتُ لهم، فأعطيتُهم ما سألوا، وأجَرْتُهم مما استجاروا، قال: فيقولون: رب، فيهم فلانٌ عبدٌ خطَّاء، وإنما مرَّ فجلس معهم؟ قال: فيقول: وله غفرتُ، هم القوم لا يشقَى بهم جليسُهم ". ..فهل بعد هذا الفضل من فضل؟ نسأل الله أن يجعلنا منهم.

الكلمات المفتاحية مجلس العام السكينة رحمة

مقالات مشابهه

من قسم آخر


التعليقات

ضعي تعليقَكِ هنا

التقيمات

راديو القمة

radio

الأكثر قراءة

فيس بوك

a
;