بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله صلي الله عليه وسلم .. قد يتعجب البعض لإسم المقال كيف للإبتلاء أن يكون نعمة ؟ ولما لا فقد قال الله عز وجل "وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ" الإبتلاء كله خير وكله نعمة واجبة الشكر سواء فرحتك أو أحزنتك فمن رحم المحنة تولد المنحة تظن بضيق أفقك أنها بلية وهي عطية تحتاج منك النظر والتحقق بعين البصيرة لتري حكمة الله وتستطيع أن تهدأ فتبدأ بالحلول ولكن الإنسان عجول في حكمه علي الأمور قد يحدث أمر في ظاهره الألم والحزن واللطيف يخبىء لك من وراءه نعم عظيمة وفرحة ليس بعدها شقاء .. إذا صبرت واحتسبت في اول نزولها نلت دزاء الصبر فقد قال صلي الله عليه وسلم " إنما الصبر عند الصدمة الأولي " عن أول منازل الإبتلاء .
ولما لا أن يكون الفقد نعمة ! لا تتعجب بفقد العزيز نعمة فإنه تعليم من رب العالمين أن كل شىء إلي زوال الأشخاص والأشياء إلي زوال ولا يبقي غير الله فيتعلق قلبك بيه وحده لأنه هو الباقي سبحانه قال تعالي "كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ, وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ" ليس لك إلاه .
واعلم أن الهم سينفرج وأن النار ستنطفىء مهما اشتعلت ستزول الذي يقلب الليل والنهار يريك آياته كي تهدىء وتعلم أن لك رب يكشف الغموم ويزيل غيوم همك كما يزول سواد الليل بإنفلاق النهار ونور الصباح قال صلي الله عليه وسلم " واعلم أن في الصبر علي ما تكره خيرا كثيرا وان النصر مع الصبر " وقال تعالي "وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ " .
هون عليك فكل الأمر ينقطع ... وخل عنك ضباب الهم يندفع
فكل هم له من بعده فـــــرج ... وكل كرب إذا ضاق يتسع
ولما لا ولولا وجود عكس المعني لما كان للمعني معني . بمعني أنه لولا وجود المرض ما تنعمت بالصحة .. لولا وجود الحزن ما شعرت بالسعادة ..لولا وجود الضيق ما شعرت بسعة الرزق .
فإن الإبتلاء يعدل المسار قد يكون بعضنا سائر في الطريق الخطأ الذي يذهب به إلي الحسرة ورب العالمين يسوق لك الشدائد كي ترجع وتعدل المسار قد تسحرنا الدنيا بزينتها ونبعد عن الطريق وننسي علة وجودنا فيردنا الله إليه وكفي بالإبتلاء نعمة عند عودتنا لرب العالمين .
ألا تريد أن تكون في معية الله اصبر علي بلاءك قال تعالي " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ" وسبحانه لعلمه ما يوجعك ويؤلمك يبشرك في قرآنه قال تعالي "وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ " البشري تاتي من من ؟! من رب العالمين فلما الحزن إذن ؟!
ولما لا وقد بشرك نبي الله صلي الله عليه وسلم ان كل شىء تتالم منه يرفعك ويكفر عنك خطاياك ومن منا ليس خطاء وليس بحامل أوزار قال صلي الله عليه وسلم " ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا آذي ولا غم حتي الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه " .
وكان هذا نهج الصحابة إذا اصاب احد مكروه كان يصبر ويحتسب بل إنه كان يفرح بالإبتلاء لأنه يعلم ان الله يغفر له فقد قال عز وجل "إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ " فقد قوي إيمانهم ويقينهم به أنه مالك أمرهم وأنه عليه جلاء الهم والحزن والعوض وتطييب الخاطر فقد قال عزوجل "فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا " .
فهذه أم سليم قد مات ولدها وزوجها في سفر وعندما عاد كتمت عنه الخبر حتي استراح وقالت له إن الله استرد وديعته بكل صبر واحتساب ولما لا وقد قال النبي صلي الله عليه وسلم "إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته قبضتم ولد عبدي ؟ فيقولون نعم فيقول قبضتم ثمرة فؤاده ؟ فيقولون نعم فيقول ماذا قال عبدي ؟ فيقولون حمدك واسترجع فيقول الله ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد " فما له من جزاء "الجنة" .
وهذه امرأة تصاب بالصرع تذهب إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم وتقول اني اصرع واتكشف فادع الله لي قال إن شئت صبرت ولك الجنة وإن شئت دعوت الله أن يعافيك فقالت أصبر وقالت إني اتكشف فادع الله لي أن لا اتكشف فدعا لها " اختارت الجنة اشترت الجنة بمرضها يا مريض لا تحزن وأبشر بوجود رب العالمين معك برحمته فقد قال الله عز وجل في حديث قدسي ".... عبدي مرضت ولم تعدني فكيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال مرض عبدي فلان ولم تعده أما علمت أنك إن عدته لوجدتني عنده " فيالها من رحمة ورب العالمين بجوارك برحمته وبجبره لخاطرك .
يا مهموم لا تثقل رأسك بالهموم أبشر بعون الله ورعايته " وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا" أبشر فرب الخير لا يأتي إلا بالخير قال الله تعالي "قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" فكل أمرك خير .
والسؤال هل لي ان احزن وتدمع عيناي وقت المصيبة أم أكتم حزني وأكون صابرا؟ لك ان تحزن وتدمع عينك وهذا لا ينافي الصبر بل هو رحمة فقد دمعت عين نبيك صلي الله عليه وسلم عند فقد إبنه إبراهيم وقال إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن ولا نقول إلا ما يرضي الرب " ابكي واحزن لكن لا تتسخط . قد يغلق الله بابا ويفتح أبواب فاصبر واحتسب ولا تنسي الدعاء فإنه يرد القضاء وقل إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم اجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها . اللهم اجعلنا من الصابرين المحتسبين الراضيين بقدرك وقضاءك وصلي اللهم علي خير من صبر واحتسب وسلم تسليما كثيرا .