ولد عبد الله غيث فى 28 يناير عام 1930، في قرية "كفر شلشلمون" بمركز منيا القمح، بمحافظة الشرقية لعائلة ميسورة الحال إذ كان والده أول عمدة يتعلم في أوروبا، حيث سافر إلى لندن كي يدرس الطب، و سنتين في جامعة كمبريدج، وعندما عاد في إجازة قامت الحرب العالمية الأولى، فلم يستطع العودة إلى لندن مرة جديدة، وتولى العمودية في بلاده، ولكنه لم يستمر كثيراً، حيث توفى شاباً، وكان عبدالله غيث لا يزال في العام الأول من عمره.
حصل على الإعدادية ثم الثانوية، وظل بعدها يعمل بالزراعة ويشرف على أرضه لمدة 10 سنوات ثم انتقل إلى القاهرة حيث التحق بمعهد الفنون المسرحية الذى كان يعمل فيه شقيقه حمدي غيث، بعد عودته من بعثته فى باريس.
رشحه أهل بلدته للعمودية فأعلن موافقته المبدئية المنصب فأضيئت المنازل في الريف ترحيبًا بهذه الموافقة ولما شغله الفن عن تولي العمودية ساهم في توليتها لابن عمه.
قال «غيث» عن طفولته، في تصريحات صحفية سابقة: «نشأت في وسط ديني، مما كان له أكبر الأثر في تكويني الشخصي والفني فيما بعد، وكان جدي يجمعنا من حوله ليقص علينا قصص السيرة النبوية العطرة، ويحكي لنا بأسلوب جميل مبسط كيف كان خالد بن الوليد، وماذا فعل عمر بن الخطاب، وهكذا كنت أعرف الشيء الكثير عن الإسلام والبطولات منذ كنت طفلا». وهو ما انعكس على نوعية الأدوار التى كان يقوم بها حيث قام بتقديم العديد من المسلسلات الدينية مثل «ابن تيمية – شيخ الإسلام»، «على هامش السيرة»، «محمد رسول الله»، «الوعد الحق»، «ساعة ولد الهدى»، وفيلميّ «الشيماء» و«رابعة العدوية» وبجانب تجسيده لشخصية «حمزة بن عبدالمطلب» قام «غيث» بتجسيد شخصية «خالد بن الوليد»، وشخصية «الحسين» في المسرحية المثيرة للجدل حتى يومنا هذا «الحسين ثائرا»، التي أخرجها المخرج الراحل كرم مطاوع.
ارتبط عبدالله غيث بشقيقه الأكبر حمدي غيث ارتباطا قويا، حيث قال عنه في حوار سابق نشره «موقع السينما»، «رغم أن فارق السن بيني وبين "حمدي" ليس كبيراً حوالي 6 سنوات، إلا أنه كان بمثابة الأب بالنسبة لي، فهو الذي حببني في الأدب، لأنه سبقني للقراءة، وهو الذي حببني في المسرح والفن، لأنه ارتاد المسارح قبلي، وكان أستاذ لي على المستوى الأكاديمي، وهو أول من قدمني للجمهور، فقد كان المخرجون يحجمون عن إسناد أدواراً لي اعتقاداً منهم بأنني دخلت الفن بواسطة أخي، ودون موهبة حقيقية، ولكنه أصر على تقديمي، وكان أول عمل لي مسرحية "تحت الرماد" ، وعلى الرغم من صغر دوري، إلا أنني نجحت فيه، وبعدها كتب عني النقاد الكبار، وأشادوا بموهبتي».
تزوج في الـ18 من عمره من ابنة خالته التي رافقته طوال رحلة عمره، وأنجبت له أدهم وعبلة والحسيني، وحرص عبد الله غيث على إبعاد أسرته عن الإعلام، ولم يرحب بعمل أبنائه في الفن.
قدم عبد الله العديد من الأعمال المميزة أكثرها كانت في المسرح الذي عشقه عشقا كبيرا، ثم التليفزيون والسينما، ومن أكثر الأفلام التي كانت مميزة بالنسبة له فيلم «الحرام» مع الفنانة الراحلة فاتن حمامة، حيث قال عن كواليس الفيلم في حوار لبرنامج "سواريه" ، إن فاتن حمامة لم تكن فلاحة مثله، ولذلك كانت اللهجة الفلاحي صعبة عليها، فاتفقت مع فلاحة وعاشت معها قبل تصوير الفيلم، وتعلمت منها كل شيء حتى صار موعد التصوير فأصبحت وكأنها فلاحة أصيلة، والتعلّم من شيم الفنانين الحقيقيين.
أما أشهر أدواره فكان تجسيد شخصية أسد الإسلام «حمزة بن عبدالمطلب» في الفيلم العالمي «الرسالة» الذي صنع منه نسختين باللغتين العربية والإنجليزية، وكان منافس غيث في النسخة الإنجليزية هو الممثل العالمي أنتوني كوين.
قال غيث عن هذه التجربة: «كنت خائفا من فكرة التنافس مع "كوين" ، خاصة أننا كنا نقدم نفس الدور بنفس المشاهد، ومضيت إلى الكاميرا والأرق ينتابني، ولكني تذكرت التاريخ المجيد للعرب، وما إن انتهيت من أداء الدور هنأني أنطوني كوين قائلاً أنت أفضل مني، ولو كنت في أوروبا أو أمريكا لكان لك شأناً آخر».
وفي لقاء نادر له مع التليفزيون المصري قال غيث عن كواليس تصوير الفيلم، فيلم «الرسالة» كان يتم تصويره بنفس المشاهد ونفس الديكور مع اختلاف الأبطال والمجاميع، وكان من المفترض أن يمثل الأجانب أولا ثم العرب، وكنت سعيدا بذلك لكي أتعلم من أنتوني كوين، أفضل ممثل في العالم من وجهة نظري، ولكنني فوجئت في اليوم الأول من التصوير أن الفنان أنتوني كوين يريد مقابلتي وطلب مني أن أصوّر مشاهدي أولا حتى يتعلم مني، لأنني ممثل جيد ولأنني عربي، فهذا هو الممثل العظيم الذي مهما بلغت شهرته ونجوميته يتعلم من غيره.
لم يكن «الرسالة» هو الفيلم العالمي الوحيد الذي شارك فيه عبدالله غيث، إذ شارك أيضا في فيلم «أفغانستان لماذا» للمخرج المغربي عبدالله المصباحي، وهو بطولة سعاد حسني ومجموعة من النجوم العالميين، بالإضافة لبعض الفنانين المغاربة، وعلى الرغم من أهمية الفيلم، حيث تحدث عن مخطط أمريكا لاحتلال أفغانستان بعد نجاحها في إخراج الاتحاد السوفيتي، إلا أنه لم يعرض حتى الآن رغم مرور 30 عاما على تصويره، ورفضت دول عربية كثيرة عرضه، ولعب «غيث» دور أستاذ جامعي مفكر يتصدى لقوى الظلام في بلاده، بحسب موقع «في السينما».
حصل عبد الله غيث على العديد من الجوائز منها جائزة عن دوره في فيلم «ثمن الحرية» عام 1964 وجائزة عن دوره في مسرحية «الوزير العاشق»، كما حصل على جائزة أحسن ممثل من التليفزيون عام 1963 وشهادة تقدير من الرئيس الراحل أنور السادات عام 1976، وفي عام 1983حصل على درع دولة الإمارات العربية المتحدة.
يعد مسلسليّ «المال والبنون» و«ذئاب الجبل» من أنجح مسلسلات الراحل عبدالله غيث، فلا أحد يستطيع أن ينسى شخصيتي«عباس الضو» و«علوان البكري»، اللتين لعبهما في المسلسل، ولكن لا يعلم الكثيرون أن الفنان الراحل عبدالله غيث وافته المنية خلال تصوّر المسلسلين اللذان يعدان علامة فنية مميزة في تاريخه.
وصف الفنان الراحل حمدي غيث علاقته بشقيقه الراحل «عبدالله» الذي رحل عن دنيانا في 13 مارس عام 1993 بأنها أشبه بعلاقة الأب بابنه عنها من علاقة الأخ بأخيه قائلا: «كان (عبدالله) قطعة مني، فقد توفي والدنا وعمره لم يتجاوز العام فشعرت بمسؤوليتي تجاهه وأنه ابني لا شقيقي حتى عندما احترفت التمثيل كان يلازمني ويقلدني وكان يقول لي إنني قدوته وكنت أشجعه واعتقد أنه كان ممثلا بارعا وموهوباً».