طاعة الله ورسوله من أعظم القربات التي نتقرب بها إلي الله وهي النجاة لمن أراد النجاة والفوز كل الفوز برحمة الله والنجاة من عذاب النار فاحرص علي المداومة علي طاعة الله ورسوله واحذر البعد عن الله هدانا الله وإياك
ثمرات المداومة
منها ( زيادة الإيمان)
فكل عمل صالح يَزيد الإيمانَ بحسَبِه؛ إن كان صغيرًا أو كبيرًا، قليلاً أو كثيرًا. وكل طاعة تجرُّ إلى غيرها؛ عن عبدالله بن مسعودٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عليكم بالصِّدق؛ فإن الصدق يَهدي إلى البر، وإن البرَّ يَهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يَصدُق ويتحرى الصدق حتى يُكتب عند الله صدِّيقًا، وإياكم والكذب؛ فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يُكتب عند الله كذَّابًا)؛ متفق عليه. ويقول شدَّاد: إذا رأيتَ الرجل في طاعة الله فاعلَم أنَّ عنده أخَواتِها، وإذا رأيتَ الرجل في معصية الله فاعلم أن عنده أخواتِها.
منها(البُعد عن الغفلة)
وقد ذمَّ الله الغفلة وأهلَها، ونهى عن الاتِّصاف بها؛ فقال: ﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ ﴾ [الأعراف: 205]، وعن عبدالله بن عمرٍو وأبي هريرة أنهما سَمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على أعواد مِنبَرِه: (لينتهيَنَّ أقوامٌ عن وَدْعِهم الجمُعات، أو ليَختمَنَّ الله على قلوبهم ولَيَكونُنَّ مِن الغافلين)؛ رواه مسلم، وعن عبدالله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قام بعشر آيات لم يُكتَب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كُتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقَنطرين)؛ رواه أبو داود وصححه الألباني.
فالمداومة على الطاعات وقايةٌ من الغفلة التي تَقود إلى الهلاك والخُسران، والنفس إن لم تَشغَلها بالطاعة شغلَتك بالمعصية، وصدَق من قال:
وما المرءُ إلاَّ حيثُ يَجعَلُ نفسَه ففي صالحِ الأعمال نفسَك فاجعلِ
( أنها سببٌ لمحبة الله عز وجل)
حيث يقول الله عز وجل في الحديث القدسي: (ولا يَزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبَّه)؛ أخرجه البخاريُّ من حديث أبي هريرة.
( هي سببٌ للنجاة في الشدائد)
قال تعالى عن يونس عليه السلام: ﴿ فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ ﴾ [الصافات: 143 - 145]، والمعنى: لولا ما تقدَّم له من العمل في الرَّخاء؛ كما اختاره ابن جرير.
وقد جاء في الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: (يا غلام، إنِّي أُعلمك كلمات: احفظ الله يحفَظك، احفظ الله تجِدْه تُجاهك، إذا سأَلتَ فاسأَل الله، وإذا استعنتَ فاستعن بالله، واعلم أن الأُمة لو اجتمعت على أَن ينفعـوك بشيءٍ لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيءٍ لم يَضرُّوك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفعت الأقلام وجفَّت الصحف)؛ رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. وفي رواية الإمام أحمد: (احفظ الله تجده أَمامك، تعرَّفْ إلى الله في الرَّخاء يَعرِفْك فـي الشدة، واعلم أَن ما أَخطأَك لم يكن ليُصيبك، وما أَصابك لم يكن ليُخطئك، واعلم أَن النصر مع الصبر، وأنَّ الفرَج مع الكرب، وأن مع العسرِ يُسرًا). ولله در القائل:
فاشدُد يدَيك بحَبلِ الله معتصِمًا
فإنه الرُّكن إن خانَتك أركانُ
مَن يتَّقِ اللهَ يُحمَدْ في عَواقبِه
ويَكفِه شرَّ مَن عَزُّوا ومَن هانوا
منها (ثبات الأجر عند العجز)
فقد روى البخاريُّ عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا مَرض العبدُ أو سافر كُتِب له ما كان يَعمل مُقيمًا صحيحًا)؛ قال ابن حجَر: هذا في حقِّ مَن كان يَعمل طاعةً فمُنِع مِنها، وكانت نيَّتُه لولا المانعُ أن يَدوم عليها. اهـ.
وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما مِن امرِئٍ تَكون له صلاةٌ بلَيل، فغَلَبَه عليها نوم، إلا كَتب الله له أجرَ صلاته، وكان نومه صدقةً عليه)؛ رواه أبو داود والنَّسائي وصححه الألباني.
منها( أنها سببٌ لمحوِ الذنوب )
فعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رجلاً أصاب مِن امرأةٍ قُبلةً، فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فأخبرَه، فأنزل الله تعالى: ﴿ أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ﴾ [هود: 114]، فقال الرجل: ألي هذا؟ قال: (لجميع أمَّتي كلهم)؛ متفقٌ عليه، وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الصَّلَوات الخمس، والجمعةُ إلى الجمعة، كفَّارةٌ لما بينهن، ما لم تُغشَ الكبائر)؛ رواه مسلم.
(سببٌ لحسن الخاتمة)
: وهي أمنيَّة الجميع، والأعمال بالخواتيم، ومَن شبَّ على شيء شاب عليه، ومن شاب على شيء مات عليه، لكن متى وأين وكيف تكون هذه الخاتمة؟ هذا هو الجانب المخيف؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [لقمان: 34].
والمداومة على الطَّاعة تَقود إلى حسن الخاتمة؛ لأن مَن مات على شيء بُعث عليه، ومَن داوم على الطاعة اطمأنَّ إليها؛ كما قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28]، وهؤلاء هم أصحاب النُّفوس المطمئنَّة التي تُنادى عند الموت: ﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾ [الفجر: 27 - 30].
والنهاية لا بد آتية، والعاقل الحريص يَعمل مِن أجل تحسينها وتأمينها؛ قال تعالى: ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [آل عمران: 185].
قال أبو سليمان الداراني: "من صفا صفا له، ومن كدر كُدر عليه، ومن أحسن في ليله كفى في نهاره" وقال الفضيل بن عياض: "إني لأعصى الله فأعرف ذلك في خلق دابتي وجاريتي".
- ومن منافع الطاعة والعبادة الحصول على الفلاح في الدنيا والآخرة قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}(77) سورة الحـج، وقال:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}(200) سورة آل عمران، وقال:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}(35) سورة المائدة.
- ومن منافع الطاعة والعبادة
( الحصول على السعادة في هذه الحياة وانشراح الصدر)
قال تعالى :{الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}(28) سورة الرعد، وقال تعالى:{وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}(124) سورة طـه.
- ومن منافع الطاعة والعبادة دخول الجنة والتنعم فيها:
قال تعالى:{وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ لَقَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}(43) سورة الأعراف.
وقال تعالى:{وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}(72) سورة الزخرف.
وقال تعالى:{كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}(19) سورة الطور.
فيا من يريد دوام العيش على البقاء، دم على الإخلاص والنقاء، وإياك والمعاصي، فالعاصي في شقاء المعاصي، والمعاصي تذل الإنسان وتخرس اللسان، وتغير الحال المستقيم، وتحمل الاعوجاج مكان التقويم.
اللهم يا رب الأرباب، ويا مسبب الأسباب، ويا أرحم الراحمين، نسألك أن تعيذنا من النار، اللهم أعذنا من النار، واجعلنا ممن يكرم في روضات الجنات
ومنها: أن طاعة الله وطاعة رسوله
(سببٌ في دخول الجنة)
قال جلَّ وعلا: (وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)، وطاعة الله وطاعة رسوله تجعل العبد مع النبين والصدقين والشهداء والصالحين قال جلَّ وعلا: (وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً)، طاعة الله وطاعة رسوله فيها الفوز والفلاح: (وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقِيهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَائِزُونَ)، وطاعة الله ورسوله سببٌ لرحمة الله: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)، طاعة الله وطاعة رسوله سبباً للقوة والثبات: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ* وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)، وطاعة الله وسوله سببٌ لهداية: (وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا)، وسببٌ لقبول العمل فإنَّ الله يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ)، فطاعة ورسوله سببٌ لقبول الأعمال بتوفيق الله وفضله. ; ; ; ; ; ; ; ; ; أيَّها المسلم، إن الله جعل دين الإسلام منهجاً عظيماً للمسلم يستضيئ به في حياته الفردية والجماعية، فعلى المسلم أن يتقي الله ويلزم شرع الله ويتخذه منهجاً له في حياته ليسير على منهج قويم والطريق المستقيم: (ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنْ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ* إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنكَ مِنْ اللَّهِ شَيْئاً)، فمن توفيق الله للعبد أن يقبل ما أمره الله به وما اختاره الله له، ولا يجعل خيرةً فيما أمره الله ورسوله، بل ينفذ أوامر الله، وينفذ أوامر رسوله على قدر استطاعته وطاقته.