إن الكبار في السن في المجتمع لهم دور بارز وواضح ومعلوم لدي الجميع في أمور كثيرة ومن أهمها هو الإصلاح بين الناس وفض الخلافات والمنازعات، وتعاليم الصغار وإعطائهم من خبراتهم، وإن هذا الكبير الذي يستحيا منه، يجب أن يبقى هذا الدور ويصان، وحتى في التبرؤ من الشذوذ والمخالفات الشرعية، والاعتداء على السلم الاجتماعي، هؤلاء الكبار لهم دور، وسيستحي السفهاء ولو كانوا في الأسر من القيام بأشياء مخلة، وهم يعلمون أن فلانا وفلانا وفلانا موجودون، هناك خجل على الأقل من مثل هؤلاء في أسنانهم، وأعمارهم، ومقامهم، ومكانتهم، لكن عندما تضيع هذه القضية مكانة هؤلاء كبار السن، فنحن لا نتكلم الآن عن مجرد ملء فراغ للمتقاعدين، ولا نحن نتكلم عن قضية لولا وجود هذه سيحدث خلل حقيقي في المجتمع، ويجب أن يمارس هؤلاء أدوارهم.
وهذا كبير السن المفترض أن يكون عنده دين عبادة، وقد أعذر الله إلى امرئ بلغ الستين، صار في العمر الآن مع الله، يمكن أن تسبق عُكازه الصوت قبل أن يقول المؤذن حي على الصلاة هو دخل المسجد وعنده حكمة وخبرة، ولذلك لا ضير أن يقال أحيانا أكبر العائلة سنا فلان، لكن ثاني واحد بعده أكثر خبرة، وأنضج وأكثر عقلا، لا مانع فهو من الكبار في الجملة، وهذا الدور للكبار ليس فقط على مستوى الذكور بل حتى الإناث، فعندما تكون المرأة الكبيرة لها مقامها، سيكون لها آثر على بنات الأسرة بنات العائلة، الشباب فيهم شيء من الطيش، والصغار تحدث منهم سفاهات، عندما يكون هناك كبار يضبطون الأمور يستقيم حال المجتمع، الشرع أراد هذا، فإنه واضح من الأحاديث، وواضح من النصوص الشرعية تركيز الضوء وإبراز هذه المكانة لأداء هذا الدور.
وهذا مما ينبغي أن يبقى في المجتمع، أما أن تضيع القضية ما بين تخلى من هنا، وتمرد من هنا وبعض الشباب لا يرى قيمة للكبير أصلا ويراه منتهي الصلاحية مصيبة، الرأي قبل شجاعة الشجعان، وإن الرأي أحيانا لا يقدر بقيمة مادية من الذي يأتي به هذا الكبير في العائلة، هذا الرجل المسن، هذا الذي عاركته الحياة صاحب التجارب والخبرات، وعندما ينقص شيء يستعان بالأمثل فالأمثل، لكن لابد من وجود هذا الدور، هذا الدور مهم في ضبط الشباب مع زوجاتهم، مهم في ضبط الأشياء المالية، مهم في عدم الاستعلان والمجاهرة بالمنكرات، مهم جدا هذا الدور، وإلا يصبح المجتمع ضائعا بلا هوية مالهم كبير، يقولون هذه الأسرة مالهم كبير، هذا الشاب الطائش ما عنده كبير في العائلة يحكمه، من الذي يعقلهم الكبار، وهكذا فإن احترام الكبير خلق إسلامي.
وإن الحكمة من اهتمام الإسلام بالكبير، وقد منح الإسلام كبار السن الحق في التقدير والإجلال والإحترام لما لهم من فضل في السبق في الوجود والتجربة، كما ولهم السبق في عبادة الله تعالى، ويعدّ الضعف صفة ظاهرة في هذه المرحلة، ويكون الإنسان فيها أحوج إلى المساعدة والاهتمام من غيرها من مراحل حياته ولذلك جاءت كثير من الأدلة الشرعيّة التي تدل على الاهتمام بالكبير ابتداء من الإحسان إلى الوالدين، وكبار السن سواء كانوا رجالا أو نساء، والعطف على الضعفاء منهم، ومساعدة المحتاجين منهم، فقد أوجب الإسلام وجميع الشرائع السماوية السابقة بالإحسان للوالدين ورعايتهم، فقال تعالى "وإذ أخذنا ميثاق بنى إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا" كما وحرّم عقوقهم وعصيانهم بأي شكل من الأشكال حتى وإن كان بكلمة أف.