نظرات تنم عن الترجي والتوسل بعدم الرحيل، يدان مرتجفتان تقبض علي أكمام معطف بإحكام، دموع تهطل علي خدين كالمطر ليلة شتاء إحساس يعم المكان وينذر بأنه آخر لقاء ،عينان تتفرس الملامح لتحفرها بالذاكرة ، فهي الملاذ الوحيد الذي ستلجأ إليه عندما يقرع الحنين بابها عند منتصف الليل ،اشتياق يتعاقد مع وحشة الظلام ليجلب لها الاحتياج الذي يدفعها بضعف واهن لغطس رأسها في وسادتها لتكتم الصراخ، تنهض مجددا لإجراء مكالمة هاتفية فحواها الاستعطاف بالحضور فتخيب الظنون بعدما يأتيها كم هائل من التعنت والبرود ، تمتت لنفسها وتقول "جبروت الغربة " كما يجب أن يكون،تلقي بهاتفها جانبا وتضرب قبضتها بالحائط وقلبها يصعد ويهبط وكأنه يقول "ماذا تنتظرين " من علاقة انحصرت بين موجات صوتية وشبكات إلكترونية، ،فهو الآن يرغب في النوم أكثر مما يرغب فيك، يحلم بأن يلقي بجسده علي السرير أكثر مما يحلم بلقاءك، أود أن أخبرك سيدتى أننى لم أعد أشعر به ،فالبعد أصابني بالنضوب في عاطفتى ، الجفا تخلل أركاني، تكيفت مع الظمأ الذي ضرب بي منذ سنوات مضت، لا أخفي عليك أننى اشتاق للارتواء لعل شربة ماء واحدة تدلف بين شقوق أضلعي لرأب صدوع روحي، شربة ماء كفيلة أن تجعل الحياة تدب بداخلي و أزهر من جديد وكأنه ربيع العودة إلي الوطن بعد سنوات عدة من خريف الاغتراب، ذكريه دائما أنني الوطن الذي حتما سيعود إليه ولكن إذا أتى لي في أواخر عمره فليعلم جيدا أن عودته بلا جدوي ولا أمل، لأنه سيندثر بترابي لأننى سأكون حينها حطاما بعدما تشيخ مشاعري وتضعف نبضاتى وينهش الكبر ريعان شبابي، أرجوك سيدتى ذكريه قبل أن يفوت قطار العمر ،فالقطارات دائما تدرك وجهتها جيدا اتجاه الغربة ولكن لاتلتفت للعمر الذي يمر كلمح البصر