واصلت نيابة أمن الدولة العليا بإشراف المحام العام الأول المستشار خالد ضياء الدين، التحقيقات فى محاولة اغتيال اللواء مصطفى النمر مدير أمن الاسكندرية السابق التى وقعت فى شهر مارس الماضى، وألقى القبض على بعض منفذى العملية، ومقتل 10 منهم على أيدى قوات الأمن منذ عدة أيام.
جاءت أولى خطوات التحقيقات بمعاينة فريق من أعضاء النيابة لوكر الإرهابيين المضبوطين، ومناظرة جثامين الارهابيين الثمانية، وأمرت بانتداب الأطباء الشرعيين لتشريحها وتقديم تقارير عن أسباب الوفاة وما بها من إصابات بطلقات نارية واجراء تقارير الـ"DNA" لها لتحديد شخصياتهم مع التحفظ على تلك الجثامين بثلاجات مشرحة زينهم تحت تصرف النيابة لحين وصول تقارير الصفة التشريحية لها تمهيدا لتسليمها إلى ذويهم لدفنها.
وأمر فريق من المحققين ترأسه المستشار محمد وجيه المحام العام بالنيابة، بالتحفظ على الأسلحة المضبوطة مع الارهابيين والتحفظ على الشقة السكنية التى اتخذها الارهابيون مكانا لاختبائهم عقب قيامهم بالمحاولة الفاشلة لاغتيال اللواء مصطفى النمر مدير أمن الإسكندرية السابق، كما أمرت النيابة بالتحفظ على محتويات الوكرين الارهابيين من الأسلحة والمتفجرات الموجودة بداخلها وأمرت بانتداب خبراء المعمل الجنائى لفحصها وبيان مدى صلاحيتها للاستخدام ونوعية المواد المتفجرة التى تتكون منها، كما أمرت بالتحرى لمعرفة كيف تمكن الارهابيون من الاقامة بها دون أن يكتشف امرهم طوال مدة تدبيرهم لجريمتهم الشنعاء وبعد أن فشلت عمليتهم الارهابية.
وكشفت التحريات الأمنية عن مسئولية البؤرة الإرهابية المُشار إليها بقيادة باسم محمد إبراهيم جاد "، عن الحادث حيث اطلع بتاريخ 17 يناير 2017 بشراء السيارة المستخدمة فى الحادث وتبين أنها ماركة "ميتسوبيشى لانسر – فضى اللون – تحمل لوحات مزورة رقم 402076 ملاكى الإسكندرية وأن صحة رقمها س ج ج 2832"، من أحد المعارض بالإسكندرية باسم إحدى السيدات بدعوة أنها زوجته وتكليفه لعناصر تلك البؤرة بتفخيخها من خلال ذرع عبوة متفجرة داخلها وتفجيرها عن بعد حال مرور سيارة اللواء مدير الأمن.
وأضافت التحريات أن المتهمَين المقبوض عليهما، بالإضافة لـ10 آخرين تم قتلهم على يد قوات الأمن، كوّنوا خلية عنقودية تتبع اللجان النوعية المسلحة، وحركة "حسم"، وتلقوا تمويلًا خارجيا، وخططوا لاغتيال عدد من الشخصيات المهمة، وتفجير منشآت حيوية ودور عبادة، بمحافظات الإسكندرية، والبحيرة، وكفر الشيخ، من بينها محاولة اغتيال مدير أمن الإسكندرية السابق، عن طريق تفجير استهدف موكبه، وأنهم تلقوا عدة تكليفات من قيادات جماعة الإخوان الإرهابية بالخارج بالتخطيط لاستهداف عدد من الشخصيات الهامة والمواقع الحيوية بمحافظات "الإسكندرية، البحيرة، كفر الشيخ"، بهدف ترويع المواطنين وهز ثقتهم فى مؤسسات الدولة.
وذكرت التحقيقات الأولية انضمام المتورطين فى كافة وقائع التفجير التى حدثت خلال الفترة الأخيرة بالكنائس، لخلية واحدة تورطت فى التخطيط واستهداف الموكب وتلقت تمويلا خارجيا، واشتركت مع عدد من المتهمين المنتمين لتنظيم الإخوان فى تنفيذ عدد من العمليات الإرهابية، وذلك إيمانًا منهم بمبدأ الولاء والبراء والذى يجيز من وجهة نظرهم عملية قتل كل شخص لا ينتمى للإسلام، وأن الإدارة المركزية لحركة حسم قررت تنفيذ عددا من العمليات فى البلاد، بالتزامن مع بدء العملية الانتخابية لرئاسة مصر 2018.
وتوصلت التحريات إلى تواصل قيادات الجماعة بقطر وتلقى تكليفات بالبدء فى الإعداد والتخطيط لعمليات إرهابية بسبب دعمهم للدولة وبهدف محاولة التأثير على الانتخابات الرئاسية، وبتشكيل مجموعة من العناصر التى تلقت تدريبات عسكرية فى شمال سيناء وتكوين عدة خلايا عنقودية، من محافظات الدلتا تعتنق عناصرها الأفكار التكفيرية الإرهابية وتستبيح أموال ودماء المسيحيين وتضم عناصر تعتنق الفكر الانتحارى وإعداد رسومات كروكية لبعض المواقع الحيوية ودور العبادة لاستهداف مقومات الدولة ومنشآتها وأجهزتها الأمنية، وأنه تم رصد مجموعة من الشخصيات إعلامية وقضائية وسياسية وعدداً من سفراء الدول الأجنبية بهدف اغتيالهم، وتم تقسيم عمل الخلية بحيث قام التنظيم بتوفير أماكن للإيواء وشراء مستلزمات تصنيع المتفجرات والأسلحة، ورصد الأهداف التى يتم اختيارها، وتوفير أماكن لعقد الاجتماعات بشكل دائم بين عناصر الخلية، وأن العناصر أقاموا معسكرات استغلال للظهير الصحراوى للمحافظات، من أجل التدريب على إطلاق الرصاص، وأساليب اقتحام الأبنية وتصنيع القنابل من عناصر أولية، ووسائل تصنيع دوائر التفجير الحديثة.
وأكدت التحقيقات أن حركة حسم تمتلك نوعين من التمويل، الأول يأتى من خلال عدد من الشخصيات المعارضة للنظام والهاربة إلى دولة تركيا من بينهم محمود فتحى بدر، المحسوب على تيار الفكر الجهادى، والنوع الثانى من التمويل هو الذاتى من خلال عناصر الحركة الداخلية المقتدرين ماليا، وأن التمويل الضخم للحركة ساعدها فى استقطاب العناصر الدينية المتطرفة داخل المحافظات المصرية والمناهضة للنظام، وتسفير بعضهم للتدريب فى السودان، وتسفير عناصر أخرى إلى فلسطين لتلقى تدريبات على يد كتائب القسام، ومن ثَم إعادتهم إلى مصر لتنفيذ عمليات ضد الجيش والشرطة.
وأشارت التحريات إلى أنه تم رصد مجموعة من الشخصيات إعلامية وقضائية وسياسية وعدد من سفراء الدول الأجنبية بهدف اغتيالهم، وتم تقسيم عمل الخلية بحيث قام التنظيم بتوفير أماكن للإيواء وشراء مستلزمات تصنيع المتفجرات والأسلحة، ورصد الأهداف التى يتم اختيارها، وتوفير أماكن لعقد الاجتماعات بشكل دائم بين عناصر الخلية.
وتابعت التحريات أن بناء الجماعتين الإرهابيتين ينقسم إلى مجموعات نوعية تضطلع بمهام مختلفة، منها مجموعة "التدريب والتصنيع"، والتى تضطلع بتدريب عناصر التنظيم على استخدام الأسلحة المختلفة وأساليب إعداد العبوات المفرقعة وتسليمها لمجموعات التنفيذ لاستخدامها فى تنفيذ الاغتيالات والعمليات، فيما تتولى مجموعة "الرصد"، رصد الشخصيات الهامة ورموز الدولة والأماكن الحيوية وتحديد خطوط سير الشخصيات الهامة لاستهدافهم بعمليات عدائية ورفع نتائج الرصد لقيادات التنظيم بالداخل الذين يتولوا بدورهم رفعها إلى قيادات الجماعة خارج البلاد لتقييمها ودراسة جدوى تأثيرها وإصدار التكليفات لعناصر التنظيم لتنفيذ العمليات الإرهابية.
وذكرت التحقيقات أن المجموعات تضم أيضًا مجموعة "النقل والدعم اللوجيستى”، والتى تتولى تلقى مبالغ مالية من قيادات التنظيم وتسليمها لمسئولى تلك المجموعات، فضلا عن قيامهم بتوفير الأوكار وأماكن الايواء والتدريب لعناصر المجموعات المسلحة وشراء الأسلحة والمواد التى تستخدم فى تصنيع العبوات المتفجرة وتوفير وسائل الانتقال من السيارات والدرجات الالية لتنفيذ الأعمال العدائية، وكذا الإنفاق على أسر عناصر التنظيم الذين يتم ضبطهم، وأن مجموعة "الإعداد الفكرى” اضطلعت بعقد دورات لإعداد عناصر المجموعة فكريـًا بادعاء شرعية قتال القائمين على الدولة ومؤسساتها وترسيخ قناعتهم بتلك الأفكار، وآخرى خاصة بشئون الأفراد.
وكشفت تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا، أن حركة حسم اتخذت عدة مقرات تنظيمية لإيواء عناصر التنظيم الهاربة بها والتخطيط لعملياتهم الإرهابية وإخفاء وتخزين الأسلحة العبوات المفرقعة والمواد المستخدمة فى إعدادها وتصنيعها، حيث تم اكتشاف 21 مقرًا منهم بمحافظات دمياط، والقاهرة، والجيزة والإسكندرية، والمنوفية، والفيوم، والقليوبية وأسيوط، والشرقية والبحيرة.
كما تبين أنه فى إطار العمليات العدائية التى تستهدف أفراد الشرطة والتمركزات الأمنية اضطلع أعضاء الجماعة بمحافظة القاهرة بتنفيذ واقعة استهداف قوة المرور الأمنى بكمين الواحة بميدان محمد ذكى مدينة نصر والتى أسفر عن تنفيذها وفاة اثنان من ضباط الشرطة وفرد ثالث وإصابة الباقين منهم.
وكشفت التحقيقات أن الجماعة الإرهابية استعانت فى تنفيذ اعمالها العدائية بموظفين اثنين بوزارة الداخلية بقسم ثان مدينة نصر، وقامت قيادات التنظيم الاخوانى الهاربين داخل البلاد باستقطابهما لصالح أعمال الجماعة وتكليفهم بتسريب توقيتات ووجهات المأموريات المزمع بها استهداف عناصر التنظيم الاخوانى الإرهابى، مستغلين فى ذلك وظيفتهم ودوائر ارتباطهم مقابل مبالغ مالية يتحصلون.
فيما اعترف أحد المتهمين بالتحقيقات إنه انضم لتنظيم الإخوان الإرهابى نهاية 2011، وشارك فى جميع المظاهرات التى روجّت لها الجماعة، مؤكدا أنه تم تكليفه عام 2016، من قبل شخص يدعى "عبدالله محمد" بالانضمام إلى حركة حسم، لتدريبه على "التشفير والعمل الأمنى" لمدة 4 أشهر، ثم كلّفه شخص آخر اسمه الحركى "جيمس" بتحديد الأماكن الحيوية والأهداف الهامة بالإسكندرية، وإنه فى عام 2018، تواصل مع شخص اسمه أيوب عن طريق جيمس، وطلب منه بعد ذلك متابعة موكب مدير أمن الإسكندرية السابق وتصويره، وبالفعل نفذ تعليماته، ثم سلّمه سيارة ملاكى ماركة لانسر وضعها تحت منزله لحين تجهيزها، ثم طلب منه أن يقودها إلى مكان معيّن لوضع المتفجرات بها، وبعد إعدادها أخذها إلى مكان التنفيذ فى شارع المعسكر الرومانى.
كانت الأجهزة الأمنية قد ضبطت ثلاثة قياديين بحركة حسم الذراع المسلحة لجماعة الإخوان الإرهابية لقيامهم بمشاركة عناصر أخرى فى تنفيذ عملية استهداف موكب مدير أمن الإسكندرية السابق ومحاولة اغتياله فى مارس الماضى، وقررت نيابة أمن الدولة العليا حبس المتهمين الثلاثة 15 يوما على ذمة التحقيقات المتهمين فيها بالانضمام لجماعة أسست خلافا لأحكام القانون والدستور الغرض منها تعطيل مؤسسات الدولة ومنعها من ممارسة عملها.
كما تمكنت القوات من مداهمة إحدى الشقق السكنية بأسيوط اتخذها 4 من عناصر البؤرة الإرهابية المشاركة فى تنفيذ الحادث مخبئا لهم ما أسفر عن مصرع الإرهابيين الأربعة بعد تبادل لإطلاق النار مع القوات، كما ضبطت القوات بحوزة المتهمين عددا من الأسلحة النارية وعبوة ناسفة وكمية من المواد التى تستخدم فى صناعة العبوات المتفجرة، وكميات من الذخيرة والطلقات، وقررت النيابة طلب تحريات الأمن الوطنى حول الواقعة وندب المعمل الجنائى لمعاينة مكان الحادث ودفن الجثث بعد عرضها على الطب الشرعى لبيان الصفة التشريحية.