كرة السلة الفلسطينية بين الواقع الصعب والطموح

كرة السلة الفلسطينية بين الواقع الصعب والطموح

لا شك بانه كان هناك تحرك وجهد واضح لاتحاد كرة السلة لانهاء ونجاح الفاينال فور، ولا بد من الاشادة بالزخم الجماهيري. مع هذا فانه من غير المنصف اعطاء اعتبار ذلك سابقة فهناك دوريات سابقة نجحت بكل سهولة، في الزخم الجماهيري لان كرة السلة شعبيتها كبيرة منذ عشرات السنوات وهناك اندية لها قاعدتها الجماهيرية الكبيرة مثل السرية وبيت ساحور وقلنديا، واندية عريقة كان لها قاعدتها ابداع ودلاسال ،عيبال وحطين سابقا عندما كانوا في اوجهم فكانت جماهيرهم تفوق ما رايناه في الفاينال فور وهناك امثلة تاريخية عديدة، مثل بطولات الشهداء في السرية وبطولة شهداء حطين ومباريات نهائية اخرى للكأس وغيرها وفي الجزء الاخر من الوطن هناك جماهير غفيرة تعشق اللعبة عددها بالالاف في المباراة الواحدة واذكر مباراة عيبال والبريج حضرها ما لا يقل عن 3 الاف مشاهد وكذلك حطين والبريج في نابلس وفي البريج حضرها الالاف.
الا انه لا بد ان نكون واقعيين، فالدوري والفاينال فور هو من اساسيات عمل الاتحاد والنشاط الرئيسي له، والحضور الجماهيري الكبير لا يعني ان السلة الفلسطينية تحسنت وتطورت، على العكس فهذا الدوري الممتاز والفاينال فور اظهرا الخلل والعيوب في كرة السلة الفلسطينية خاصة بالنسبة للمستوى الفني البحت.
وللانصاف فان الفاينال فور عمل زوبعة كبيرة جماهيريا واعلاميا وعلى صفحات التواصل الاجتماعي، ولكن كما ذكر في مقالة سابقة ان الفاينال فور لن يكون له فائدة فنية، وكان متوقعا هذا الزخم الجماهيري والترتيبات والظهور المبهر، وكسبت السلة الفلسطينية صالة سلفيت التي لها فائدة مهمة جدا وهي الانفصال الكامل للملعب عن الجمهور وغيره وهو ما كان له الاثر الكبير في هذا التجمع والنجاح. اما سلبيات الفاينال فور فقد اكد بشكل واضح على المستوى الفني الضعيف لكرة السلة الفلسطينية، وكذلك فانه في احيان معينة يلعب الحظ والتوفيق دورا في الفوز والخسارة. اضافة الى انه لم تلعب مباريات الترتيب الثالث والرابع مع انه اسمه فاينال فور وهذا يعتبر عدم التزام وقلة احترام للعبة من الجميع.
اما واقع كرة السلة الصعب والضعيف على المستوى الفني والإداري والأستراتيجي والذي يعرقل بناء ونمو وتطور كرة السلة الفلسطينية فاسبابه غياب وضعف واضح في انتاج واعداد عناصر لعبة كرة السلة من لاعبين، مدربين، حكام، مراقبين، اداريين، معالجين، احصائيين، لجان، اعلاميين، خطط، برامج، ونشاطات وغيره، مع ان هناك تطور نوعي في المرافق الرياضية في غالبية المحافظات والتي يجب ان تكون دافعا حقيقيا للمضي قدما للامام.
هذا الواقع الصعب لكرة السلة الفلسطينية يمكن تفصيله وتحليله من خلال الامور التالية:
الافتقاد للخطط والبرامج والنشاطات الضرورية من اجل نشر اللعبة وايصالها لاكبر قدر ممكن من الناس وتطويرها ، وكذلك غياب التعاون مع المدارس والجامعات التي يجب ان تكون رافدا مهما في جميع مجالات اللعبة.
لا وجود للجان العاملة الحيوية في الاتحاد مثل لجنة الميني باسكت وهي الاهم في اي اتحاد كرة سلة، الشباب، الاحصاءات واللجنة الفنية، اما اللجان الاخرى فهي موجودة على الورق فقط فلا عمل ميداني لها ولا عمل مكتبي.
اهمال الفئات السلوية وهي الميني باسكت الاهم في السلة المحلية والناشئين والشباب، من ناحية نشاطاتها من دوريات ومنافسات حقيقية نوعية ومعسكرات، وبالتالي عدم وجود منتخبات للمراحل العمرية والفتيات، ولم يشارك في بطولة غرب اسيا تحت 18 عاما التي اقيمت في الاردن بداية شهر شباط بمشاركة 5 دول.
عدد الاندية الفلسطينية كبير خاصة الدرجة الممتازة فهي لا تتناسب مع عدد اللاعبين القليل ولا يتوافق مع المستوى الفني الضعيف للعبة. لهذا تجد غالبية او جميع الفرق في الدرجة الممتازة لا يوجد عندها فريق كامل مكون من 12 لاعب، بل 7-10 لاعبين وتعتمد على لاعبين متقدّمين في السن وصلوا لمرحلة الاشباع كما ان مستوى اللاعبين على دكة البدلاء ضعيف ولا يلعبون في غالبية المباريات. وهناك اندية لا يوجد عندها الا فريق مصنف فقط، فلا يوجد سياسة ملزمة (لتكن تدريجية) لتشكيل فرق ناشئة في الاندية.
عدم القدرة على وضع احكام قوية لشؤون اللاعبين وانتقالهم بين الاندية، وعدم وضع لائحة انضباط وعقوبات مفصلة اعطى الفرصه لحدوث المشكلات والانسحابات.
اللوائح والتعليمات التي يتم وضعها منذ سنوات عديدة فيها غموض ولم ولا تتناسب مع واقع السلة الفلسطينية وتعطي افضلية لعدد من الاندية على حساب اندية اخرى، خصوصا فيما يتعلق بتعريف اللاعبين والاجانب واعطاء الفرصة لبعض الاندية لاحتكار افضل واكبر عدد ممكن من اللاعبين، وفي هذا الدوري كانت تعليمات اللاعب الاجنبي سيئة جدا وتغييره المستمر من قبل الاندية ادى الى فوضى واشكاليات. وهناك اندية مغلوب على امرها ترضى بالأمر الواقع واندية تملك المال تستغل التعليمات، فكان هناك هجرة عدد من اللاعبين من مناطق الى مناطق فيها اندية تدفع مبالغ كبيرة وكذلك للاجانب ما عملت على تفريغ مناطق واندية كبيرة من لاعبيها والتي كانت مصنع للاعبين.
ومن يعرف واقع كرة السلة في نابلس والقدس حيث كانتا من اعمدة كرة السلة الاكثر انتاجا للاعبين وفي احراز البطولات، يدرك تماما المعادلة وقد اصبحتا الاضعف في النتائج وتفريخ اللاعبين (لاسباب ذاتية واخرى خارجية).
ولا يزال هناك اعتراض من احد الاندية ضد نادي اخر بخصوص اشراك لاعب اجنبي وهذا الاعتراض كان النادي قد قدمه قبل المباراة بـ 3 ايام، واتخاذ القرار مصيري فهو يعني البقاء في الممتازة او الهبوط الى الدرجة الاولى، ولم يتخذ لغاية الان قرار مع ان الدوري انتهى وتم التتويج وهذا يدل على ضعف وتخبط الاتحاد الفلسطيني في اتخاذ القرار سواءا بعدم المعرفة او الخوف من اتخاذ القرار او اي سبب اخر.
الدوري الممتاز ظهرت فيه اشكاليات عديدة وانسحابات في اخر الدوري لم تؤثر ولكنها انسحابات وكذلك فهو الاضعف في السنوات الاخيرة وفق المشاهدة الموضوعية ووفق بعض الاحصاءات المتوفرة، فلم نجد لاعبين جدد مميزين ولا نظام لعب هجومي ولا دفاعي للفرق وانما الاعتماد على الاداء الفردي والارتجالية والتوفيق من اللاعبين، مع بعض الحالات الفنية القليلة من بعض الفرق.
تعتبر اخر 6 سنوات هي الاقل انتاجا للاعبين وهذا عمل انقطاع بين الاجيال، وفي هذا الدوري ظهر بعض اللاعبون الجدد الجيدين الذين يعدون على اصابع اليد الواحدة، مع ذلك لا يصلحون كلاعبين للمنتخب، وهذا سيؤثر على المنتخب الاول لعدم وجود نوعية تتناسب مع اللاعبين الاخرين المحترفين في الخارج مع المنتخب.
وهناك عدد من اللاعبين وصلوا الى مرحلة عمرية كبيرة ومرحلة اشباع شبه كاملة ينتقلون سنويا ضمن اتفاقات واستغناءات مسبقة مع الاندية من نادي الى آخر بسبب الخلل في التعليمات واستغلالها من قبل الاندية، وبسبب الفقر في تفريخ اللاعبين منذ سنوات فاصبح هناك فجوة بين عدة اجيال. اضافة الى ان اللاعب الاجنبي الذي لم يقدم للدوري اية فائدة فنية لا للفرق ولا للاعبين في تطوير ادائهم المهاري ولا التكتيكي ولا الذهني وهذا كان واضحا من خلال الاعتماد الكلي عليه للفوز من خلال احراز الارقام العالية والوصول لمنصات التتويج.
•قلة عدد المدربين الوطنيين ومساعديهم، مع تطبيق النمط التقليدي بدون افكار جديدة في التدريب والضعف التكتيكي الفردي والفرقي ومحدودية الفكر في ادارة المباريات، وهذا ما ظهر بعدم انتاج عدد كاف من اللاعبين وفي قيادة المباريات في الفاينال فور التي كانت عامل مهم في خسارة مباريات مهمة.
لم تقام اية دورة تدريبية حقيقية متقدمة للمدربين لكي يستفيدوا منها لتحسين وتطوير لاعبيهم وفرقهم من اجل مواكبة التطور وطرق التدريب الحديثة وخاصة في كيفية اعداد انظمة اللعب، ولم يرسل اي مدرب لدورات تدريبية متقدمة مع ان هناك دورات كثيرة متقدمة في اسيا وغيرها، وتم بدل ذلك تسجيل المدربين في الفيبا كمدربين معتمدين لا فائدة منه واغلبهم لاعببن والتي هي عبارة عن اعتماد صوري فقط لا يخضع لنظام الامتحانات بل يشترط التقدم بطلب من الاتحاد المحلي ودفع الرسوم المطلوبة فقط لاعتماد المدرب من اجل قيادة المنتخب.
البث التلفزيوني كانت خطوة رائعة، الا ان التعليقات والتحليلات لم تكن لها علاقة بكرة السلة لا بالمهارات ولا بالمصطلحات الفنية ولا بالتحكيمية، وكان هناك خلط واضح ما بين الخطأ والمخالفة، والخطأ الفني وخطأ سوء السلوك والعكس صحيح وسمعنا مصطلحات غريبة على عالم كرة السلة وكان التيرن اوفر يعرف بطريقة خاطئة. ومع ذلك كانت تحليلات اللاعب السابق اسامه ابو جابر ممتازة وتنم عن ثقافة سلوية وكفاءة جيدة.
ضعف الثقافة السلوية لدى الكثير من عناصر اللعبة، فهناك خلط وعدم فهم في كثير من الامور منها الفارق بين تعليمات الاتحاد الدولي والاتحاد الوطني والتعليمات واللوائح والقانون الدولي، ومخالفة بعض بنود تعليمات الاتحاد الدولي وخلط في المفاهيم والمصطلحات وغيرها، فاحد المسؤولين وبعض اللاعبين يقولون ضربة حرة بدل من رمية حرة. وهناك اخطاء في الاحصائيات وفي تعريف كثير من بنودها.

التحكيم بحاجة الى كمية اكبر من الحكام القادرين على قيادة المباريات، مع وجود هفوات قليلة جدا ولكنها كانت مؤثرة على مجرى المباريات.
الاعلام بحاجة الى عدد اكبر من الصحفيين والى التطوير خاصة في المصطلحات الفنية والتحكيمية، مع ان بسام ابو عره كان متميزا في التغطية والتصوير والتحليل. وساعده في التحليل وفي بعض الاحصاءات محمد التمام.
وجود معالج واحد في الدوري، وعدم وجود احصائيين لدى الاتحاد او في الاندية.
غياب وافتقار للبرامج والدورات التخصصية المتقدمة للمدربين ومساعديهم، الادارييين، الاعلاميين، الحكام والمراقبين والمهتمين بالاحصاءات. وغياب المؤتمرات والنقاشات والندوات الدراسية التخصصية لمن عندهم الرغبة الحقيقية وليس من باب القيام بالواجب ورفع العتب والمنفعة التي لا تتعلق بالامور الفنية.
كرة السلة تعيش في مرحلة عدم توازن واذا ما استمر واقعها هذا لفترة من 4-8 سنوات فلن يكون هناك حتى لاعبين واندية ودوريات، وهذا يتطلب وقفة حقيقية وحل هذه المشكلات التي تعرقل مسيرة وتطور اللعبة، من خلال مرحلة تغيير شاملة من الاتحاد تتمثل في القيام بالواجبات والمهام الاساسية وليس فقط تنظيم الدوري الممتاز والكأس وسلق البطولات الاخرى الاولى والثانية والفتيات، ومن ثم العمل على وضع برامج طويلة لتحقيق الانجازات. وكذلك فان الاندية مطالبة بالمحافظة على استمرارية اللعبة وتحسينها وتطويرها وعدم وضع كل العبء على عاتق الاتحاد لوحده والتعاون معه في المجالات الادارية والفنية والاهم تفريخ واعداد اللاعبين وليس البحث فقط عن اللاعبين الجاهزين الذي انتهى عمرهم الافتراضي في اللعب من اجل احراز البطولات فقط ويجب ان يبحث الجميع عن مصادر تمويل جديدة.

مقالات مشابهه

من قسم آخر


التقيمات

راديو القمة

radio

الأكثر قراءة

فيس بوك

a
;