توسيع الدور الإقليمي لمصر والتحرك نحو مزيد من السلطة

توسيع الدور الإقليمي لمصر والتحرك نحو مزيد من السلطة

في الآونة الأخيرة، شهدنا بعض علامات نجاح السياسة الخارجية المصرية، وخاصة خلال السنوات الأربع الماضية، حيث أصبح دور مصر في المنطقة أكثر قوة. ومنذ كانون الثاني / يناير 2011، فرضت قيود داخلية على مصر بسبب التدهور الاقتصادي والأزمات التي استمرت حتى عام 2013. ومع ذلك، تمكنت مصر من إعادة بناء جيشها، وهي الآن على طريق التنمية الاقتصادية.
وعلى الرغم من أن مصر لم تعلن عن هدف سياسي محدد لقيادة المنطقة، مثل تركيا وإيران، فإن مبادئ السياسة الخارجية في مصر قد ساهمت في التعامل مع العديد من القضايا الإقليمية. وهذا يدل على كيفية تغير الدور المصري من التركيز على القضايا الداخلية من أجل التأثير الفعال والقوي على القضايا الإقليمية.
مصر والتنمية
وقد اعتمد صناع القرار المصريون رؤية مزدوجة: تعزيز الاقتصاد، وزيادة القدرات العسكرية. ولإصلاح الاقتصاد، اضطرت مصر إلى تبني برامج اقتصادية تعكص الخسائر التي تكبدتها سابقا، وتنفذ مشاريع كبرى وطنية تستفيد في المقام الأول من الأمن القومي المصري، مثل بناء شبكات الطرق والطاقة، فضلا عن مشاريع تنمية مصرية أخرى.
بناء القدرات العسكرية
أما فيما يتعلق ببناء القدرات العسكرية، فقد سعت مصر إلى اكتساب القدرات العسكرية والاقتصادية على حد سواء، والتي من شأنها تمكينها من مواجهة أي تهديدات محتملة. وقد فتحت آفاقا جديدة فى علاقاتها مع روسيا والصين وفرنسا والمانيا، ولم تحد من علاقاتها مع الولايات المتحدة.
وشملت الأسلحة التي اشترتها مصر من روسيا صواريخ من طراز R32 مولنيا، و K-52 تمساح، وأنظمة صواريخ للدفاع الجوي (بوك وتور)، وأنتي-2500 منظومة مضادة للقذائف التسيارية، وخزان T-90.
وشملت صفقة مصر مع فرنسا شراء داسو رافاليس وجرافات غويند وسفينة هجوم برمائية من طراز ميسترال. انضمت مصر أيضا إلى سباق إنشاء قواعد بحرية في البحر الأحمر، عندما شكلت الأسطول الجنوبي الذي سيتم نشره في البحر الأحمر والذي يعكس أيضا نية مصر لبناء قدراتها البحرية. وتمتلك مصر الآن واحدة من أكبر الأساطيل في المنطقة، وقد عززتها مع سفينتين من طراز ميسترال من فرنسا وكا 52 كيلو من روسيا.

لماذا اشترت مصر أسلحة من مصادر مختلفة؟
من ناحية، تعكس هذه الصفقات مسعى مصر للحد من اعتمادها على الولايات المتحدة كمصدر للأسلحة، ولكن من ناحية أخرى، والأهم من ذلك، أنها ترسل رسالة تؤكد قوة مصر في البحر الأحمر. ويكتسي هذا الأمر أهمية خاصة مع كل التحديات والتهديدات التي تواجه المنطقة، والتوازن غير المستقر في السلطة بين مختلف البلدان فيه.
وتزامن ذلك مع إعلان رئيس الأركان الإيراني أنه سيعزز قوتها البحرية من خلال التخطيط لإنشاء قاعدتين بحريتين في اليمن وسوريا. ومن شأن وجود قاعدة بحرية إيرانية في اليمن، والتي تطل على مضيق ماندب، أن تجعلها أكثر قوة في البحر الأحمر. كما أنه سيساعدها على دعم حلفائها من خلال تقديم الدعم اللوجستي أو شحنات الأسلحة وتسهيل قيام إيران باستفزاز المملكة العربية السعودية.
ولذلك، سوف تتعهد إيران بتطوير أسطولها. وهذا الأسطول ضعيف، ولكنه يحاول زيادة تعزيزه من خلال تطوير أنظمة القذائف التسيارية، واستيلاء بعض السفن والسفن لأغراض عسكرية، حيث تقوم بعمليات سريعة في مياه الخليج بقيادة فيلق الحرس الثوري.
وبما أن القوى النووية الإيرانية أصبحت محدودة، فإنها ستسعى إلى تعزيز قواتها البحرية وإنشاء قواعد بحرية في مناطق مختلفة، لتعزيز وجودها في البحر الأحمر وأفريقيا وشرق آسيا. هناك قواعد سعودية وإماراتية وجيبوتية وإريترية، حيث تتنافس القوى الإقليمية مع إيران للتأثير.
مصر تؤكد سلطتها
لقد أصبح من الضروري لمصر أن تؤكد سلطتها في البحر الأحمر، من خلال تعزيز أسطولها الجنوبي بقدرات دفاعية ومهاجمة متطورة ومواكبة للتطورات السريعة في المنطقة. وكان أحد الأسباب وراء إنشاء أسطول جنوب تطوير ميناء سفاجا، لأنه يحمل إمكانات كبيرة لتنمية صعيد مصر والبحر الأحمر. وهناك أسباب أخرى تتعلق بتعزيز الدور الإقليمي لمصر.
واعتمدت هذه السياسة المصرية في حين تعاني المنطقة من الصراعات والتدخلات من قبل القوى الأجنبية. ومع ذلك، اتهم البعض مصر بتقليص دورها، وأنها تتغلغل عن المنطقة. ومع ذلك، عند دراسة الدور المصري منذ عام 2014 عن كثب، من الواضح أن مصر لم تكن تنفر عن نفسها وتركز على الشؤون الداخلية، ولكنها تمهد الطريق للعب دورها مرة أخرى على المستويين الإقليمي والدولي.
وهذا يعني أنه خلال هذه الفترة لعبت مصر دورا نشطا ومستقلا، ودور التنمية الداخلية. واتخذت قرارات على الصعيد الدولي لخدمة مصر على الصعيد المحلي. وهذا ما نسميه بالدبلوماسية الإنمائية المنفذة، بهدف تعزيز العلاقات التجارية والدبلوماسية مع جميع بلدان العالم.
علامات تأثير الدور المصري وفعاليته
وقد أثرت مصر تأثيرا عميقا على قضيتين رئيسيتين في المنطقة، الأمر الذي دفع اللاعبين الإقليميين الآخرين إلى اتباع خطواتها على الرغم من اعتراضاتهم الأولية. المسألة الأولى هي الموقف العربي ضد قطر، والثاني هو المصالحة الفلسطينية.
منذ عام 2013، تدخلت قطر في شؤون مصر وشؤون البلدان الأخرى في المنطقة من خلال دعمها لجماعة الإخوان المسلمين. في عام 2016، اتخذت دول الخليج العربي نفس الموقف المصري، وطالبت قطر بالتخلي عن سياستها الإقليمية. تتفق شروط اللجنة الرباعية العربية لاستئناف العلاقات مع قطر مع الرؤية المصرية الأولى.
أما بالنسبة للمصالحة الفلسطينية، فيمكن لمصر أن تدفعها مرة أخرى، حيث أيدت القوى الإقليمية والدولية هذه الخطوة وأشادت بها. وهذا يدل على قدرة مصر على تقييد التحركات القطرية والتركية في غزة وفلسطين بشكل عام، حيث تبقى مصر الوسيط المعتمد من قبل كل من فلسطين وإسرائيل.
وأخيرا، مثل الأدوار التي لعبتها مصر في الستينيات (مؤيد حركات التحرير الوطني وصانعي السلام في العالم)، نرى الآن أنها تضطلع بأكثر من دور واحد. وهو وسيط في العديد من الصراعات الإقليمية. كما تضطلع بدور مكافحة الإرهاب، حيث ترأس لجنة الإرهاب في مجلس الأمن. كما تلعب دورا في مكافحة الإرهاب في ليبيا ودول الساحل والصحراء بهدف تعزيز الأمن والسلام في أفريقيا. وأعلنت أيضا مبادرة لإنشاء مركز أفريقي للبناء والتنمية للعمل في المناطق الأفريقية التي يعاني منها الصراع.
لذلك، نستنتج أن وجود دور إقليمي فعال يتطلب بناء قوة الفرد. وقد عملت القيادة المصرية حتى الآن على بناء قوتها لتكون قادرة على مواجهة أي تحديات مستقبلية تتعلق بتوازن القوى في المنطقة.

مقالات مشابهه

من قسم آخر


التقيمات

راديو القمة

radio

الأكثر قراءة

فيس بوك

a
;