قال تعالى: {هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس} [الحشر: 233]. ومعناه: شديد التنزه عما يقولون المبطلون، الطاهر المنزه عن النقص وموجبات الحدوث، والمنزه عما لا يليق به، هو سبحانه الجامع لكل أوصاف الكمال والجمال والجلال، منزه عن كل وصف وعن كل خيال، المنزه عن كل ما تحيط به العقول أو يتصوره الخيال، منزه عن كل وصف يدركه حس، او يتصوره خيال أو وهم، وفي الأثر: (كل ما خطر ببالك فهو هالك، والله غير ذلك).[1]
ذكر الله تبارك وتعالى تسمية نفسه بالقدوس مرتين في كتابه الكريم القرآن
 في أول سورة الجمعة قال الله تعالى : (يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ )(سورة الجمعة:1).
 في خاتمة سورة الحشر قال الله تعالى : (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ )(سورة الحشر:23).
 وتقدس في اللغة يعني تطهر، ومنها (التقديس) أي التطهير، والقدس بسكون الدال وضمها تعني الطهر ومنها سميت الجنة حظيرة القدس.
التقديس يدور بين معنيين : التطهير والبركة ، كالتالي :
أولاً : التطهير
 و منها قوله تعالى : (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) ايه 30(سورة البقرة) ، نقدس لك أي نتطهر لك.
 ولما عَظمت طهارة جبريل على الملائكه لقّبه الله تعالى بروح القدس في أربعة مواضع من كتابه الكريم فقال تعالى :
 وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنْسْتَفكم استكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقا تقتلون )ايه 87 ( قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِين ايه 102 (سورة النحل).
ثانياً : البركة
 ومنها قوله تعالى :(يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِين ) ايه 21(سورة المائدة) الأرض المقدسة أي الأرض المباركة.
ومنها قوله تعالى : (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى ) ايه 12(سورة طه).
ومنها قوله تعالى : (إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى ) ايه 166(سورة النازعات) ، الوادي المقدس أي الوادي المبارك.
لماذا يسمي الله ذاته بالقدوس
 إن اسم القدوس يعني أن الله تبارك وتعالى هو المحمود المنزه عن كل مالا يليق به سبحانه فله الحمد كله وله الثناء كله علانيته وسره[2]. "و لأنه سبحانه الطاهر من العيب ، المنزه عن النقص والولد والشريك والصاحبة ، المنزه عن كل وصف لا يليق بجلاله وكماله وعظمته وكل وصف ناقص لا يليق به عز وجل ، فهو منزه عنه ، ولو كان هذا النقص كمالاً في حق المخلوقين فالنوم من صفة المخلوقين وهو في حقهم كمال ، والعبد الذي لا ينام يبحث عن الشفاء والعلاج ، ولكنه بالنسبة لله تبارك وتعالى نقص ، ولهذا نزه الله تعالى نفسه عنه."
يوجد طريقتين لتقديس الله تعالى كالتالي :
أولاً : تنزيه الله عما لايليق به
ومنها قوله تعالى : (فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) ايه 1900(سورة المائدة).
ومنها قوله تعالى : (وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا ) ايه 3(سورة الجن).
ثانياً: مدح الله تعالى بما هو أهله
ومنها قوله تعالى : (الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) ايه 2(سورة الفاتحة).
ومنها قوله تعالى : (قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى ,قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ) ايه 500(سورة طه).
أعظم تقديس لله تعالى :
تنزيه الله تعالى عن إتخاذ الصاحبه والولد والنسب والشريك
قوله تعالى : (وَقَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ ) ايه 1166(سورة البقرة).
 قوله تعالى : (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَـهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً )
 قوله تعالى : وَجَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ ) ايه 100(سورة الأنعام).
 ومنها قوله تعالى :(اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) ايه 31(سورة التوبة).

ألفاظ وكلمات التقديس:-
 أولاً : أعظم كلمات التقديس هي كلمة سبحان وقد أحبها الله وتفرد بها الله تعالى ونزه سبحانه نفسه بها ، فقال تعالى :وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ )ةايه 67 (سورة الزمر).
 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «كَلِمَتَانِ: خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ:" سُبْحَانَ اللهِ الْعَظِيمِ، سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ».
 ثانياً : كلمة الحمد وهي أعظم كلمات التقديس لله عز وجل بعد سبحان ولا يجوز أن تصرف لغير الله فإن الحمد كله لله ، قدس الله بها نفسه في كتابه الكريم فقال : وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآَخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ .(سورة القصص).ايه70
 ثالثاً : كلمة تبارك وهي من أعظم الكلمات للتقديس للرب جل جلاله ولا يجوز أن تذكر إلا لله الواحد المتعال نزه الله بها نفسه في كتابه.
فقال الله تعالى : (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ) ايه 1(سورة الفرقان).
وقال الله تعالى : (تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا ) ايه 611(سورة الفرقان).
الدعاء باسم القدوس[عدل]
 أمر الله تعالى بالدعاء بأسمائه الحسنى ومنها اسم (القدوس) وهو اسم عظيم يستخدم في مدح الله والثناء عليه ومهما عبدنا الله وقدسناه يبقى العبد منا مقصراً تقصيراً