وتمر الأيام ، والشهور ، والسنون ، أعواماً تلو أعوام ، والطرح العام للقضية الحياتية كما هو ، الأمل المجروح يجرح كل يوم ، العذابات الدائرية تختوي الأنفاس المتحشرجة اليائسة البائسة ، إجبارية العدم تطيح بالأحلام الوردية الدنياوية ، ينزلق على محاور سفلى ،يغوص للأسفل وفي الأسفل ، يبحث عن هوية .. في زمن اللاهوية ، بطاقة تحقيق الشخصية مسروقة .. أو مفقودة .. ليس يدري ؟!، يبحث عن مصداقية لمعنى الحياة .. لا يجد ، حملات العذابات أحياناً يشعر الإنسان أن مشاعره قد داستها خطى الحياة الثقيلة والزمان العنيف وسط زحام الحياة ، يشعر أنه قد صار قزماً ضئيلاً مثلما يقول الشاعر : ( أنا امرؤ نحول جسدي .. لولا محادثتي إياك لم ترني ) ، يشعر الإنسان أنه أصبح يسير في مفترق طرق، وسط سرابات المدن يسير .. يتوه .. أقدامه حائرة .. عيناه تائهتان .. الأرض من تحت أقدامه تهتز .. الأصوات ضائعة .. الأصداء تائهة .. ويظل يحيا الإنسان المآساة ..وتظل قوانين " داروين " في النشوء والإرتقاء والتطور .. وتظل تلك الجملة السرمدية معلقة فوق لافتة عريضة " البقاء للأقوى ".
تتوالى الدوائر .. وتتسع ، نفس اللافتة العريضة أمام ناظريه " ممنوع يا إنسان " ، يحاول أن يسأل : ممنوع ماذا ؟ تأتيه الأصوات اللامرئية " ممنوع كل شىء " .. يتساءل : حتى الحلم ؟ وتكون الإجابة : حتى الحلم ، الزمن يغتال الحلم ، يطلق الرصاصات البلاستيكية على القلب وعلى المشاعر ، يزداد الإنسان اضطراباً .. وتخوفاً واكتئاباً وإحباطاً وضياعاً .. المشاكل تستفحل .. تستوحش .. تستعصي .. وتتكاثر الدوائر ، وتولد بالتبعية حلقات مفرغة من العنف النفسي الإرادي والعنف النفسي المضاد اللاإرادي .. تنهار بقايا الإنسان .. تنهار بقايا البقايا .. لا يقدر أن ينقذ نفسه .. ولا أحد ينقذه .. وهنا تتمخض النفس عن سؤال واحد أوحد : من ينقذ الإنسان ؟!!!