إن أول ما يلاحظه القارئ بمجرد سماع اسم "الحركات الإسلامية" أن هذه الحركات يضاف إليها إسلاميتها أي أنها تتميز عن الحركات الأخرى بأنها تنسب إلى نفسها صفة الإسلامية كالحركات الفارسية غير الإسلامية (حركة بها فريد - حركة سنباذ- حركة إسحاق الترك - حركة أستاذ سيس حركة المقنع الخرساني). كما ظهرت في الآونة الأخيرة العديد من الحركات أيضاً غير الإسلامية كحركة جماعة الإخوان المسحيين علي غرار الإخوان المسلمين والحركة الناصرية.
لذا فمن الصعوبة بمكان الإلمام بالحركات الإسلامية جميعها بشكل تفصيلي في بحث واحد، لأنه إذ لا يمكن إيفاء هذا الموضوع حقه نظرًا لاتساعه وتشعبه.
وما يهمنا هنا هو إلقاء الضوء على الحركات الإسلامية بشكل موضوعي وذلك من خلال النقاط الآتية:
- مفهوم الحركات الإسلامية
- تاريخ ظهور الحركات الإسلامية
- أقسام وأنواع الحركات الإسلامية
- العلاقة بين الحركات الإسلامية السياسية وبين الأنظمة السياسية
أولاً: مفهوم الحركات الإسلامية:
إن من أبرز الإشكاليات التي شغلت بال كثير من الباحثين هي إشكالية مدلول ومفهوم الحركات الإسلامية, ولذلك نجد الكثير من الدراسات التي تناولت كما هائلاً من الأبحاث والبيانات حول مفهوم الحركات الإسلامية إلا أن هذه الأبحاث والدراسات التي تناولت هذا الموضوع لم تستطع أن تتوصل إلى نتيجة ثابتة أو إلى تعريف جامع لمفهوم الحركات الإسلامية.
ومنها علي سبيل المثال التعريف الذي أورده الصحفي ضياء رشوان نقيب الصحفيين في مقال له بعنوان" تاريخ الحركات الإسلامية في العالم" إن الحركات الإسلامية هو مصطلح تحول إلى كلمة شائعة كلُ يفسرها وفق نظريته الخاصة سواء في العالم العربي الإسلامي أو حتى العالم الغربي, خاصة بعد هجمات 11 سبتمبر, حتى ألصق البعض مصطلح الحركات الإرهابية كمرادف للحركات الإسلامية وهو الصاق يعكس تعميماً وانحيازات سياسية أكثر من الحقائق, تعتمد عليه الدول الأجنبية, أما في العالم العربي فهناك دمج مبني علي عدم المعرفة بين الحركات.
لذلك نجد البعض من الباحثين سواء من المؤيدين أو من المعارضين يطلق عليها الحركات الإسلامية والبعض الأخر يصفها بالحركات المتطرفة والبعض الأخر ينعتها بالأصولية أو السلفية ولعل من أبرز المصطلحات المعاصرة هي ما يصف بها البعض الحركات الإسلامية بالإسلام السياسي الذي يعني عند الأستاذ محمد ضريف في كتابه الإسلامي السياسي في الوطن العربي بأنها تلك الجماعات التي تقيم تميزاً في تصوراتها وممارستها بين الدين والسياسة وهي التي تقوم بتسيس الدين وتديين السياسة
ولذلك نجد أن المقصود من الإسلام السياسي هم الذين دمجوا الدين بالسياسة والسياسة بالدين فمن الملاحظ هنا أيضاً أن الممارس للإسلام السياسي هم أنفسهم المنظمات التي اختارت المشاركة في أمور السياسة وهنا نلاحظ أيضا أن هناك بعض المنظمات والتيارات الإسلامية كجماعة الدعوة والتبليغ والطرق الصوفية لم يتبنوا مصطلح الإسلام السياسي كبعض الحركات الأخرى التي تري أن السياسة جزء من الدين, استخدم أيضاً هذا المصطلح المستشار محمد سعيد العشماوي في كتابة الإسلام السياسي في الوطن العربي الذي أورد من خلاله أن جماعة الإسلام السياسي: هي تلك الجماعات التي تخترق الخوض في السياسة فهو يقصد بمصطلحه هذا الجماعات والهيئات التي تهدف إلى السياسة أساساً وترمي إلى الحزبية أصلاً وإن غلفت أهدافها بأرضية من الدين أو بأقنعة من الشريعة.
أما عن مفهوم الحركات الإسلامية بشكل عام كما ورد في مقال كتبه محمد معاش في حديثه عن الحركات الإسلامية وإشكالية المفهوم فيري أن الحركات الإسلامية هي : تلك الحركات التي تنشط في الساحة السياسية وتنادي بتطبيق الإسلام وشرائعه في الحياة العامة والخاصة ولا تشمل هذه التسمية الجماعات الإسلامية التي لا تنشط في المجال السياسي مثل الجماعات الصوفية أو الأحزاب التقليدية ذات الخلفية الإسلامية مثل حزب الاستقلال في المغرب".
كما أن هناك تعريفات أخرى للحركات الإسلامية والمنبثقة والذي أورده الشيخ أحمد الريسوني بقوله " هي كل الجهود, كل التحركات التي تمارس الدعوة إلى الإسلام وترمي إلى نصرة الإسلام, وإلى إعادة الاعتبار إلى الإسلام سواء كان ذلك في جماعات منظمة أي في تنظيمات كبيرة أو كانت جماعات صغيرة و شخصيات وجمعيات أو شخصيات أو مجموعات قليلة من الأفراد.
نلاحظ هنا ثمة فرق بين التعريفين السابقين فالتعريف الأول يخرج من سياقه كل الحركات والأحزاب والمنظمات بما فيهم الجمعيات الخيرية التي يقتصر نشاطها وهدفها بعيد عن السياسة من مفهوم الحركات الإسلامية كجماعة الدعوة والتبليغ والتيار السلفي, والثاني يري أن الحركات الإسلامية هي كل الجهود التي تتحرك تجاه الدعوة إلى الإسلام بشكل عام.
ثانياً: تاريخ ظهور الحركات الإسلامية:
ليست قضايا التجديد والبعث الديني بالأمر الطارئ علي التجربة الإسلامية, لا تاريخياً ولا فكرياً إذ تعتبر العقيدة الإسلامية البعث والتجديد جزءاً أصيلا من مسلماتها بداً باعتبار الإسلام نفسه بعثاً للملة الحنفية الإبراهيمية, وتجديداً لما اندثر منها بفعل الانحرافات التي اعترت الديانات السماوية , وانتهاء بتأكيد النصوص الإسلامية المتكررة ضرورة حماية الدين من الاندثار والانحراف إذ تشمل مقومات الحماية العلم والتعلم والذكر والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد, ومراجعة النفس وكل ما من شأنه الحماية ضد الانحراف والنسيان.
وقد ظل تاريخ الإسلام حتى عهد قريب يشهد دعوات متكررة ينصب القائمون عليها أنفسهم مدافعين عن الدين ضد كل خطر وانحراف مع إدانة المجتمع أو الدولة بالانحراف الذي يحتاج إلى تقويم وإصلاح.
ويتضح من ذلك أن ظهور الحركات الإسلامية جاء كردة فعل لمواجهة الانحرافات الدينية والقيم الغربية التي ظهرت في المجتمعات الإسلامية والعربية عن طريق العلم والتعلم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
كما كانت هناك أيضًا الكثير