يواصل الدكتور خالد جمال السويدي، المدير التنفيذي في مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، الجري ضمن مبادرة "جري أبوظبي – مكة المكرمة". ومع تحقيق المزيد من التقدم في هذه المبادرة غير المسبوقة، تواجه الدكتور خالد تحديات متنوعة، ولعل من أبرزها تحدي المسافة الطويلة نفسه؛ فقطع مسافة 2070 كيلومتراً في وقت قياسي ليس بالأمر السهل، ودونه صعوبات متعددة؛ ومن بينها: الإصابة، وهي التي قد تتطلب أحياناً، التوقف أو الراحة؛ فبعد مغادرته القويعية متجهاً نحو الرويضة، هاجمت الدكتور آلام شديدة في قدمه اليسرى، وهذا لا شك كان يمثل مصدر قلق للجميع، وكما يقول الدكتور خالد: "بدأت ملامح القلق تظهر على وجوه أفراد فريقي... استحضرت صورة أسرتي في ذهني... وتذكرت تضحياتهم منذ بدأت استعداداتي لهذا التحدي... وقررت أن أتحمل الألم وأواصل الجري من أجل زوجتي وطفليّ ذياب وتمارا".
ومن التحديات الأخرى التي واجهت الدكتور خالد، التعب والإرهاق؛ فالمسافة التي يقطعها - سواء الإجمالية، أو اليومية - كبيرة بكل المقاييس؛ والجري اليومي لمسافة عشرات الكيلومترات وبمتوسط بلغ تقريباً 55 كم في اليوم، وفي ظل ظروف قاسية أحياناً، حيث جرى الدكتور خالد في بعض الأيام مسافة 70 كيلومتراً، وفي أيام أخرى 30 أو يزيد، يسبب إرهاقاً شديداً. وكما يقول الدكتور خالد: "العزيمة التي شحنت بها نفسي لم تنجح في التغلب على الإنهاك الذي تسابقت كل عضلة في جسمي إلى التعبير عنه في احتجاج صاخب... ففي تحدي الجري 2000 كم يجب أن ندرك أن الأيام ليست متشابهة.. وأن الطاقة التي تتدفق فجأة وتجعلني أقطع 70 كم في يوم، قد تتراجع فجأة في اليوم اللاحق ولا تسمح لي حتى بقطع نصف تلك المسافة".
ولكن الإرادة التي أظهرها الدكتور خالد هنا واضحة، وهو يعبر عن نفسه في مواجهته هذا التحدي، بعد أن مر بقرية الخاصرة، وبينما كان متجه إلى الحوميات، وتمكن من إتمام مسافة 1241 كم بحلول اليوم الـ 22، وقطع 66 كيلومتراً ذلك اليوم: "كانت الأيام الثلاثة الماضية صعبة للغاية مع إصابة قدمي اليسرى، ولكنني لم ولن أستسلم لأي شدائد".
كما واجهت الدكتور خالد في أثناء هذه الرحلة، تحديات أخرى، من أهمها الطقس، وظروف الصحراء الصعبة، وخاصة البرد الذي مثل تحدياً مهماً أيضاً؛ فكما أن الجري في طقس حار ليس سهلاً، فإن هناك حدود لا يمكن للنفس البشرية أن تتجاوزها، ولذا فإن الجري في طقس شديد البرودة ليس بالأمر السهل؛ فما بالك إذا كانت هناك عواصف؛ فبعد الخروج من الرياض فاجأت الدكتور خالد - كما يقول - "الصحراء بواحدة من عواصفها الهوجاء.. إنها الطبيعة حين تريد أن ترينا جزءاً من سطوتها"، وقد وضعته - كما يقول - "أمام خيارين: الاستسلام أمام الرمال التي تصفع ذراتها الوجوه بقسوة، أو إكمال طريقي..
اخترت، من دون تردد، مواصلة الجري، فلست ممن يركنون إلى الحلول السهلة.. وبرغم المعاناة أتممت 55 كم، ووصلت بحمد الله سالماً إلى المخيم!".
فالجري في الطقس الشديد البرودة يحتاج إلى إرادة صلبة وتصميم على تحقيق الهدف مهما كانت العقبات، وتهون مثل هذه الصعوبات عندما ترتبط بهدف نبيل، ويقول الدكتور خالد في هذا السياق: "لكن خوض التحديات في ظل ظروف صعبة يذكرني بدولتنا الحبيبة، وقادتنا الذين صنعوا ملحمة النجاح والإنجاز في بيئة حافلة بالصعوبات والتحديات، ولذا أقول من أعماق قلبي: إنني فخور بانتمائي إلى بلد عظيم، وبولائي لقيادته الرشيدة التي علمتنا أن تكون أهدافنا كبيرة، وطموحاتنا بلا حدود".