عقدت جامعة افريقيا العالمية ومركز البحوث والدراسات الافريقية التابع لها مؤتمرا دوليا تحت شعار ( الاصلاح والتجديد على ضور ميراث علي المزروعي ومستقبل الاصلاح في افريقيا والعالم الاسلامي) .
وقد شهد المؤتمر نجاحا كبيرا ومميزا من ناحية الاعداد والتنظيم والاخراج ؛ ابتداء من لجنة الاستقبال في مطار الخرطوم التي واصلت الليل بالنهار من اجل تامين راحة الوفود المشاركة من خارج السودان.وبحضور لفيف من الباحثين والمفكرين الافارقة والعرب ؛ على مدى يومين ( 3 ـــ 4 شباط ) جرت اعمال المؤتمر طرحت خلاله اكثر من 30 ورقة بحثية تناولت الارث الفكري للراحل علي المزروعي.
شارك في هذا المؤتمر العديد من الاساتذة والباحثين وبعض المعاصرين للمزروعي ممن تتلمذة على يديه او استمع اليه، قامات علمية منالداخل السوداني اضافة الى باحثين من جمهورية مصر العربية والعراق واليمن وسلطنة عمان ونيجيريا وغيرها .
امتلك المزروعي ذو الاصول العربية ( سلطنة عمان ) من الجرأة والقوة في ارائه ومواقفه ما جعله ممنوعا من دخول كينيا خلال فترة حكم الرئيس دانيال اراب موي ، وايضا كانت جراته في طرح ارائه سببا في ابعاده من اوغندا لتبدأ رحلته نحو الغرب طالبا ومن ثم استاذا في جامعة ميشغان وبعدها تم تعيينه رئيسا للمركز الامريكي ــ الافريقي التابع لنفس الجامعة، و مديرا للمعهد العالي للدراسات الثقافية ومستشارا لهيئات دولية ومنظمات إقليمية.
يعد المزروعي من الشخصيات التي تجاوزت حدود التخصص في ابحاثها، والتنوع في طروحاتها، سعى الى ايجاد حالة من التوازن والمقاربة بين الثقافة المحلية للمجتمع الافريقي والثقافات الواردة ( الاسلامية والغربية ) توازن يمكن من خلاله رسم ملامح الهوية الافريقية الجديدة.
ان شخصية المزروعي ربما تكون من اهم الشخصيات التي ينبغي للجامعات العربية دراستها واحياء موروثها نظرا لما يتمتع به موروث هذا المفكر الكبير من اهمية في العلاقات العربية الافريقية، اذ يعد المزروعي من ابرز مفكري التيار الذي يدعو الى احياء العلاقات العربية الافريقية، وتجاوز سلبيات المرحلة السابقة، اذ ان نقاط الالتقاء بين العرب والافارقة اكبر من نقاط الالتقاء مع غيرهم والتي اوضحها في نظرية (افرابيا) والتي يرى فيها ان بين العرب والافارقة اتحاد جغرافي تسببت التغيرات الجيولوجية بالتلاعب به، اضافة الى الاصول اللغوية والعرقية التي تجمع بينهما.
تمكن المفكر المزروعي من ان يكون سفيرا للشخصية الافريقية وكان له دور كبير في تغيير المدرك الذهني عند الغرب عن الشخصية الافريقية كما وصفه كوفي عنان الامين العام لمنظمة الامم المتحدة السابق.
لم تنقطع الساحة العلمية في السودان الشقيق عن التواصل مع الباحثين في الداخل والخارج من اجل اقامة المحافل العلمية اذ شهدت الخرطوم اكثر من مؤتمر خلال الشهر الاول من هذا العام ومن ثم جاء مؤتمر المزروعي كحلقة مكملة لسلة الانشطة العلمية والبحثية.وتبني جامعة افريقيا العالمية لهذا النوع من المؤتمرات يمثل خطوة في الاتجاه الصحيح، اذ ان البحث في الموروث العلمي والفكري للشخصيات الافريقية يشكل احدى مراحل تشكل الهوية الافريقية، وبيان دور القارة في النظام العالمي الجديد لاسيما وانها باتت اليوم تشكل مجالا حيويا لجميع اطراف القوى الدولية.
نبارك للجامعة هذه المبادرة ونسال الله لها التوفيق، ونتمنى ان تتوسع في نشاطها باتجاه الخارج السوداني من خلال التعاون مع المؤسسات العلمية والبحثية في افريقيا والعالم العربي اذ ان عالمنا العربي هو الاخر محتاج الى تغيير الصورة الذهنية التي رسمها الاعلام الغربي عن القارة الافريقية ومجتمعاتها.