السودان على صفيح ساخن

السودان على صفيح ساخن

يبدوا أن تبعات الأزمة الاقتصادية التي يعيشها شعب السودان في الشمال قد وصلت لمنعطف خطير ، فقد طالت شرارة الاحتجاجات العاصمة السودانية الخرطوم بعدما كانت حبيسة مقاطعات متفرقة من البلاد ، وقد أسفرت حتى الآن عن مقتل أكثر من 200 متظاهر وأعمال عنف خطيرة ، فالمظاهرات التي دخلت أسبوعها الأول بدأت سلمية تطالب بالخبز والوقود وتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين قد تحولت إلى أعمال تخريبية ضخمة طالت مقرات حزب المؤتمر الوطني الحاكم والمكاتب الحكومية والبنوك ، وكانت الحكومة السودانية قد أعلنت فيما سبق عن حزمة من الإجراءات التقشفية لتحسين أوضاع الاقتصاد السوداني إلا أن تردي الأوضاع المعيشية كان على موعد مع ثورة الجياع من الجماهير الغاضبة ، وقد واجهت القوات السودانية ثورة الجياع بالرصاص وقنابل الغاز وحظر التجوال وقد حظيت محافظات عطبرة وقضارف بنصيب الأسد من القتلى بعدما امتدت الاحتجاجات إلى 8 محافظات سودانية ، وقد قابل المحتجون الرصاص بهتافات "الحرية والعدالة والتغيير "، وقد حجبت الحكومة مواقع التواصل الاجتماعي " فيس بوك توتير وانستجرام " عن العمل ، وعلقت وزارة التعليم العمل بالمدارس والجامعات بالعاصمة الخرطوم ، كانت الأوضاع الاقتصادية قد شهدت غليانا في الأسعار فرغيف الخبز قفز من جنيه إلى 5 جنيهات مما شكل عبء كبيرا على كاهل الفقراء ووصل سعر لتر البنزين إلى 200 جنيه ، من جانبها ألقت الحكومة السودانية باللائمة على جهات أجنبية في تحويل مسار الثورة في مقدمتها الموساد الإسرائيلي لزعزعة استقرار البلاد ، فقد أعلن صلاح قوش رئيس جهاز الأمن القومي أن الذي ينفذ الاحتجاجات التخريبية في السودان شبكة في العاصمة الكينية نيروبي جاءوا بمتمردين عملاء للموساد لزعزعة استقرار السودان ونشر العنف والخراب في السودان ، وقد عزى المحللون السياسيون سبب الأزمة الاقتصادية قد تزايدت في البلاد بعد انفصال جنوب السودان منذ 9 يوليو 2005 وبه 80% من النفط الخام للدولة مما أثر بشكل رهيب على اقتصاد الشمال وشكل عجز رهيب في موازنة الدولة بين الموارد وأوجه الانفاق فقد وصل التضخم لأكثر من 70% تحمل الفقراء السودانيون وحدهم هذا العجز في تضخم رهيب لأسعار المحروقات والأطعمة ونقصان السيولة المالية في البنوك والأسواق ، ويعد نظام البشير من أقدم أنظمة الحكم في الوطن العربي فقد تولى الحكم في 1989 وحتى الآن ، وقد صنفه مؤشر الشفافية في العالم في المرتبة قبل الأخيرة في الشفافية الحكومية متقدما على السلطة الفلسطينية التي تحتل ذيل الأنظمة في الشفافية العالمية ويسعى البشير للترشح للرئاسة مجددا بعد تعديل الدستور ، وقد اندلعت الاحتجاجات بعد عودة البشير من زيارة بشار الأسد في سوريا والتي أعتبرها المحللون محاولة للوقوف على التجربة السورية في قمع الثورات ، ولعل الثورة الحالية ليست الأولى ضد نظام البشير فقد اندلعت مظاهرات ضده في 2013 سقط فيها 85 قتيلا حسب الإحصاء الحكومي وأكثر من 200 قتيل حسب المنظمات الحقوقية ، ترى هل تفلح الأنظمة القمعية الحكومية والوعود بتحسين الأحوال المعيشية في كبح جماح ثورة الجياع في بلد هو الأغنى في العالم بموارده الطبيعية والتعدينية ويسد جوع أهله ؟؟؟

مقالات مشابهه

من قسم آخر


التقيمات

راديو القمة

radio

الأكثر قراءة

فيس بوك

a
;