رحل اليوم عن دنيانا الفانية إلي دار البقاء الأستاذ/ سيدي لمن انياس مؤسس ورئيس مؤسسة "الفجر" الإعلامية في السنغال. بهذا الرحيل فقدنا صوتا طالما تغني بأمجاد الإسلام وما يزخر به من عطايا وما يمكن أن يهبه للبشرية من مزايا وفضائل لا يملكه غيره وكان إلي جانب عارفا بنقاط الضعف في المنظومات التي تحاول مزاحمته فيعريها بأسلوب مبسط نافذ.
مع الوداعة التي كان يتحلي بها ويلمسه كل من يقابله فسرعان ما يتحول إلي مقاتل قوي الشكيمة حين يشعر بأن هناك من يحاول انتهاك كرامة أو المساس بالإسلام الذي عاش عمره كله منافحا عنه.
فالراحل الكريم نموذج جيد للمسلم الذي يحمل رسالة ويعرف قيمة ما يحمل ويقدره ولديه استعاد للدفاع عنه بكل ما يملك من أدوات ومهما يكن الثمن الذي يكلفه ذلك مرتفعا.
ظهرت فيه مخايل النجابة والاعتزاز بالإسلام، يوم كان ذلك سبة، في وقت مبكر من حياته حيث بدأ النضال مع رفيق دربه معالي الوزير محمد بمبا انجاي، متعه الله بالعافية، ما كلفهما الكثير من العنت حيث مارس النظام عليهما في حينه صنوفا من الضغط بما في ذلك النفي المقنع.
من القضايا التي كرس سيدي لمن قسطا كبيرا من جهده ووقته وجعله محورا مهما في المعارك العديدة التي كان يخوضها وبروح عالية من الفدائية، قضية أخذ حقوق حملة الثقافة العربية الإسلامية الذين يراهم مهضومي الحقوق مهمشين وهو الأمر الذي جعله يختار طريقة المزاحمة والمدافعة ووفق في ذلك أيما توفيق فأصبح رقما وازنا في المعادلة الوطنية.
وأما المجال الآخر الذي سيحتفظ التاريخ به حين سيتحدث عن هذا المناضل الذي يصفه خصومه بأنه صعب المراس، فيتمثل في الدفاع عن قضية القضايا قضية فلسطين الكبري التي كان يعرف أبعادها ومدي لؤم من يحاولون وأدها من صهاينة وأذناب الصهاينة ومن أشربوا في قلوبهم حب الغرب والعكوف علي صنم العلمانية التي كان يري فيها مصدر الشرور.
فهم الرجل مبكرا قيمة الإعلام ودوره في صناعة الرأي العام وتوجيهه سلبا أم إيجابا فوظفه في معاركه المتواصلة لإيصال صوت الإسلام إلي الجمهور دون أن ينسي مخاطبة المثقفين وطبقات المترفين بلغة يفهمونها.
فحين نعزي أسرته المكلومة ومحبيه ورفاق دربه، فإننا لنرفع كف الضراعة للغفور الرحيم بأن يسبغ عليه وسيع عفوه وعميم مغفرته وأن يسلكه في زمرة المفلحين!