أليس من حقنا أن نتساءل عن واقع المرأة العربية والتحديات التي تواجهها في ظل التحولات الاجتماعية والسياسية والثقافية التي يشهدها العالم العربي اليوم ؟ بلى
العالم العربي بأسره يتحفظ على دورها القيادي والسياسي حتى هذه اللحظة . أعترف بأن بعض النساء احتلت مكانة سياسية وقيادية في عالمنا العربي ولكن هن قليلات . لا يمكن إغفال ما حققته المرأة العربية من تقدم وإنجازات وما وصلت إليه - أحيانا - من مكانة مرموقة بفضل جهودها وكفاحها وطموحها في المجتمع السياسي على الرغم من التحديات التي تواجهها والتقاليد التي تُعيق مسيرتها، وفي هذا السياق يقول المفكر صادق سليمان بأن " العالم بأسره قد أفاق على حقيقة أن في تحجيم وضع المرأة تحجيم لوضع المجتمع وأن في تفويت الاستفادة القصوى من المواهب والقدرات النسوية تفويت للاستفادة القصوى من القدرات المختزنة في الرصيد الوطني لديها ، وأن تخلف المرأة في أي مجتمع سرعان ما ينقلب إلى تخلف المجتمع بأسره . المرأة بدورها وباعث من وعيها الذاتي أفاقت على حقيقة أن ما يعني الرجل يعنيها فلا يوجد شأن حياتي لا يتشاركان به وفي مقدمة ذلك القضايا الكبرى : كمنع الحروب ونشر السلام - إثراء الثقافة - محاربة الأمية والفقر - الحفاظ على الأمن - مكافحة الأوبئة - حماية البيئة ." ولكننا للأسف ما زلنا نلاحظ الممارسات التقليدية في حقها خصوصا في الوطن العربي من قبيل تهميش دورها في المجتمع ، وحرمانها من التعليم والتعسف في معاملتها ورضوخها لطاعة الرجل ومسايرة رغباته .
ومع كل هذه المعيقات فإن المرأة العربية كانت وماتزال حاضرة كقوة في العديد من المحطات السياسية التي شهدها العالم العربي ، سواء في الدفاع عن القضية الفلسطينية أو مناهضة الاحتلال والاستعمار . وأكبر دليل على حضورها القوي في الميدان السياسي " ميدان التحرير " الذي كان يغص بآلاف الفتيات والنساء سنة ٢٠١١ جنبا إلى جنب مع شباب وشيوخ الوطن . كانت ولا تزال تنادي بإصلاحات جذرية داخل الأنظمة العربية وظهرت كقائدة للشارع الشعبي مثلها مثل الشباب ،ولكن بقي الباب موصداً في وجهها في وسائل الإعلام والذي كان حضور الرجل فيه بقوة وكان صوتها شبه معدوم لأن المجتمع العربي لا تزال الثقافة الذكورية فيه سائدة ، ومن هنا لم تستطع المرأة العربية مزاحمة الرجل في كثير من الميادين وكان تقدمها بطيئا جداً . وما حدث
في ميدان التحرير بمصر وقع ما يماثله في تونس وحتى اليمن ، ومن ينسى دور توكل كرمان اليمنية ؟ والتي حصلت على جائزة نوبل للسلام سنة ٢٠١١ وبهذا تكون أول امرأة عربية تحصل عليها . كل النجاحات التي حققتها المرأة في العالم العربي هي نتيجة ما بذلته الجماعات النسائية نفسها للضغط على إبراز دورها في المجتمع على جميع الأصعدة مما ساهم إلى حد ما في تمكين المرأة العربية وتحسين مركزها لتحقيق طموحاتها . ولا شك أنه يوجد إختلافات في مكانة المرأة العربية في بلدان العالم العربي بما يتلائم مع الموروث التاريخي والحضاري والتقاليد والعادات ، ولكنها تكاد أن تكون متشابهة في غالبية الأقطار العربية .
ولعل من أهم أسباب ركود دور المرأة العربية هو الأمية وحسب تقرير الأمم المتحدة فإن نسبة الأمية بين الإناث في الفئة العمرية ما بين سن ( ١٥-٦٤) تصل الى ٥٢ ٪ في حين تصل بين الرجال إلى ٢٩٪ فقط !!!! ولهذا تقدر الفجوة بين أمية النساء والرجال بحوالي ٢٣ ٪ وأعتقد أن نسبة الأمية في الأرياف في البلدان العربية تفوق النسبة السابقة إذ لا يكترث الأبوان بإكمال الفتاة تعليمها بعد إتمامها مرحلة التعليم المتوسطة او الثانوية مثلاً . أما السبب الثاني في إنكماش دور المرأة العربية هو الفقر المدقع في معظم الوطن العربي وهكذا يتركز دورها على الإنجاب والتربية والقيام بمهام البيت . والسبب الثالث هو المجتمع الذكوري العربي الذي لا يُسّلم بأن المرأة العربية إذا أكملت تعليمها تكون قادرة على القيام بكل حقوقها وواجباتها ولكن هذا المجتمع الذكوري يغمط حقها دائما . ويجب الا ننسى مشكلة الطلاق الذي يحطم الأسرة في أوطاننا إلا في حالات خاصة يتوفر فيها بعضاً من الأمان لأفراد الاسرة . وكما قال الشاعر احمد شوقي : الأم مدرسة إذا أعددتها ** أعددت شعباً طيب الأعراق .