نظم اليوم حزب التجمع الوطني الديمقراطي اليوم 06 أكتوبر 2018 ندوة وطنية لمناضلات الحزب تحت قيادة الأمين العام السيد أحمد أويحي و أوضح في رسالته أمام الحضور بكلمة افتتاحية قائلا على لسانه إنه لمن دواعي السرور أن أتوجه إلى ندوتكم الوطنية هذه لمناضلات التجمع الوطني الديمقراطي ومن خلالكم، أحيّي كذلك أزيد من 50000 مناضلة مهيكلة في صفوف حزبنا.
بالفعل، تحتل المرأة مكانتها كلّية في عائلة التجمع الوطني الديمقراطي بأزيد من 30 % من المناصب في الهيئات القيادية، ألا و هي : 6 أعضاء في المكتب الوطني و 131 عضو في المجلس الوطني. كما تعد بنات التجمع بالعشرات في البرلمان وبأزيد من 1000 منتخبة في المجالس المحلية. أما ميدانيا، فإن مناضلاتنا تتبوأن مسؤوليات هامة منها قيادة ولايتين من ولايات البلاد وكذا تسيير شؤون المرأة على مستوى مكاتبنا الولائية والبلدية.
هذا كلّه ما يجعلني أتوجه بأحر التهاني والشكر للأخوات القياديات اللواتي سهرن على تنظيم هذه الندوة الوطنية بغية تكوين وتوجيه مناضلات حزبنا.
وفي نفس الوهلة أعتبر أنه شرف لي، أن أخاطب نخبتكم هذه، ممثلة لجزء أساسي من التجمع الوطني الديمقراطي.
تنعقد ندوتكم هذه وشعبنا الأبيّ يقف على محطتين من تاريخه المعاصر :
أمّا الأولى فهي الذكرى الثلاثون (30) للأحداث الأليمة ليوم 5 أكتوبر 1988، أحداث أحزنت الجزائر كلّية من خلال فقدان مئات من أبنائها ونحن ننحني اليوم على أرواحهم الطاهرة.
لقد سقط هؤلاء الشبان الجزائريين ضحايا لمناورات سياسية، مناورات أدّت ببلادنا نحو الفوضى وبعدها عدم الاستقرار وثم الارهاب الهمجي.
أما الذكرى الثانية وهي سعيدة، فإنها تتمثل في الذكرى الثالثة عشر (13) لاستفتاء 29 سبتمبر 2005 الذي أقرّ من خلاله شعبنا السيّد احتضان ميثاق السلم والمصالحة الوطنية. وسنظل نحمد الله الذي قادنا نحو هذا المخرج المحمود.
كما نحيّي شعبنا البطل الذي صمد طوال أكثر من عقد من الزمن في وجه جنون الارهاب بفضل تضحيات جسام، شعبنا الذي استطاع بعد ذلك كلّه أن يترفع عن آلامه وجراحه خدمة للوحدة الوطنية واستقرار الجزائر.
ونحيّي كذلك الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي جاء بالمصالحة الوطنية، مصالحة توّجت مسار انطلق في سنة 1999 بالوئام المدني.
لقد عانت أمهات الجزائر فقدان فلذات كبدهن جراء جنون الارهاب. كما قاومت بنات الجزائر لكي تبقى الجزائر واقفة واستشهدت تحت ضربات الارهاب الهمجي مثل المدرسات الشهيدات في ولاية سيدي بلعباس.
تلكم هي اذن الملحمة اللامعة والأليمة في نفس الوقت التي تجعل من ندوتكم هذه لبنات التجمع منبر مميّز للحديث على انجازات وتحديات الجزائر المعاصرة.
في عهد السلم المستعاد وتحت القيادة الرشيدة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، عادت الجزائر الى العمل لاستدراك السنوات الضائعة في طوفان المأساة وإعادة بناء كل ما دمره الارهاب المقيت وكذا استمرار التشييد الوطني الذي يعد الغاية الضرورية لتحرير البلاد.
نعم، أيتها الأخوات، في ضياء شمس السلم والسلام، انتعشت الديمقراطية الجزائرية بانتخابات منتظمة وبأكثر من سبعين (70) حزب وأزيد من 150 جريدة وأكثر من 20 قناة تليفزيونية.
وفي نفس الظروف، سجلت أحوال المرأة تقدما ملحوظا خلال السنوات الأخيرة تتويجا لقرارات اتخذها السيد رئيس الجمهورية وتجسيدا لنقلات نوعية في نص الدستور والقانون.
وهكذا فان فتح فضاء الشغل على مصراعيه أمام النساء ساهم في تحسين أوضاعهن الاجتماعية كما أن تعديل الدستور وقانون الأسرة عزّز من حماية حقوق الزوجات والامهات.
ومن جهة أخرى، أصبحت بنات الجزائر تشكل الأغلبية في المدارس والجامعات، كما عرف تأطير جميع قطاعات الدولة ارتفاعا ملحوظا للإطارات النسوية، لاسيما في سلك القضاء وضباط الجيش وأسلاك الأمن، في الوقت الذي تسهر فيه الدولة الآن بحكم الدستور على ترقية المناصفة في مجال الشغل.
أما في المجال السياسي، لقد أقر الدستور والقانون بضمان وجود أزيد من 25% من النساء في البرلمان وكذا آلاف منهن بين المنتخبين المحليين.
وفي نفس المسار، لقد أصبحت الجزائر ورشة هائلة خلال العشريتين الأخيرتين بحيث سلّمت قرابة 4 ملايين سكن ويوجد اليوم أزيد من ربع الشعب الجزائري أي 11 مليون نسمة في المدارس ومراكز التكوين المهني و الجامعات.
وفي نفس السياق، عرف المستوى المعيشي لشعبنا تحسنا ملموسا كما يدل على ذلك ملايين من أبناء بلادنا الذين يقضون عطلهم في الخارج و كذا ملايين السيارات التي تم اقتنائها منذ بداية هذه العشرية.
صحيح أن البعض كان يحلم بأن التراجع الرهيب لأسعار النفط منذ 2014 سيؤدي الى زعزعة أركان الحكم وايقاف سياستنا الاجتماعية، أحلام أنانية وكأن مثل هذا الواقع لا يكون على حساب شعبنا لو تجسد ولو قدّر الله.
غير أنه وبفضل حكمة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، عرفت الدولة كيف تجنّد موارد مالية اضافية باللجوء المؤقت الى الاقتراض الداخلي و هو الاجراء الذي سمح باستمرار مسار التنمية الاقتصادية و الاجتماعية مع التحكم في التضخم في نفس الوقت.
و أحسن مثال على حكمة هذا الخيار الرئاسي، ما جاء في مشروع قانون المالية لسنة 2019 الذي تميّز بالزيادة في التحويلات الاجتماعية و بغياب أية ضريبة أو زيادة كانت.
ان تذكير هذه الانجازات التي حققتها الجزائر خلال العقدين الفارطين يشكل مصدر افتخار لدى كل مواطن غيور على وطنه، إلّا أن هذا التذكير لا يشكل تناسيا للنقائص الموجودة أو للتحديات القائمة.
بالفعل، لا تزال الجزائر تعّد تحت سقفها، فقراء ينتظرون تحسين ظروفهم الاجتماعية و بطّالون يتطلّعون الى شغل و عائلات تحلم ببيت. كما توجد في الجزائر نقائص في مجال الحوكمة يجب علينا تقويمها. انها حقائق موجودة في بلادنا كما هي موجودة في بلدان أخرى، لاسيما المتقدمة منها. انها نقائص ستعالج باستمرار برامج الانجاز والإصلاح، كما أنها نقائص سنسرع في تقويمها اذا ما تغلبت الجزائر على أربع (4) تحديات سأتطرق اليها الآن :
أيتها الأخوات المناضلات، أما التحدي الأول الذي يجب على مجتمعنا التغلب عليه، فهو الفوضى و العنف :
لقد زرعت الفوضى في بلادنا منذ انحراف أكتوبر 88 و ما رافقه من فقدان الحسّ المدني و تنكر لسلطان القانون و محاولة فرض قرار الشارع. أما العنف فانه من مخلّفات الارهاب و معه الاعتداء و حتى الجريمة. انها آفات يستنكرها الجميع و تستنكرها التعاليم السمحاء لديننا الحنيف، آفات يجب استئصالها من مجتمعنا، لكي تتعزز السكينة في بلادنا و لكي لا تظل الأمهات متخوفات عن أبنائهن و لكي لا تعرقل كذلك جميع ورشاتنا.
ومن دون شك، ستستعمل الدولة القانون ضد الجريمة كما أنها ستلجأ للحوار و سلطان القانون ضد الفوضى وستجند أيضا مساهمة المدرسة و المسجد في تكوين و ارشاد أفراد أمتنا، إلاّ أن نجاح الحسّ المدني و تكريس السكينة في مجتمعنا يتطلبان بالدرجة الأولى، مساهمة قوية من العائلات و الأمهات.
و يتعلق التحدي الثاني أمام الجزائر بضرورة انتصار بلادنا على الديماغوجية و الشعبوية :
إن التنمية تتطلب الجهد و تقديس العمل. كما أن استمرار السياسة الاجتماعية يتطلب اصلاحات هامة كما ذكّره مؤخرا الرئيس عبد العزيز بوتفليقة و إن تحرّر البلاد من التبعية المفرطة للمحروقات يتطلب تسخير كل قدراتنا الاقتصادية الوطنية عمومية كانت أم خاصة.
ان هذه التحوّلات تتطلب التدرّج و هي في حاجة أيضا الى عزم و مثابرة. ذلكم هو الثمن و الخيار الذي سيجعل بلادنا محفوظة من فقدان سيادتها الاقتصادية، خيار وعمل سيجعل عائلات كذلك في آمان من عواقب وخيمة ترافق تدخل الهيئات الاقتصادية الدولية.
أيتها الأخوات المناضلات، يكمن التحدي الثالث أمام بلادنا في الحفاظ على استقرار الجزائر :
إن الديمقراطية و التعددية ليست وسائل لزرع التفرقة و لقد كلّفت مناورات الطموحات السياسوية كلفة باهضة لوطننا، طوال مأساة دموية. ان مثل هذه الطموحات و المناورات تعود عشية كل موعد سياسي هام، لذلك يجب مواجهتها بيقظة و بتجنيد كل الوطنيين المخلصين.
و في هذا السياق، لقد نادى السيد رئيس الجمهورية منذ بضعة أسابيع الى بناء جدار شعبي و ان التجمع الوطني الديمقراطي جزء من هذا الجدار و يعمل بالتنسيق مع حزب جبهة التحرير الوطني.
إن هذه الجبهة الشعبية يجب أن تتجذر في أوساط المجتمع و من ثمة ، يعود كذلك على المرأة أن تساهم بقوة في هذا المسعى لكي لا يصبح أبنائها و اخوانها و أزواجها عرضة و ضحية لحسابات و مناورات سياسوية.
أيتها الأخوات المناضلات، أما التحدي الرابع و الأخير القائم أمامنا فهو الحفاظ على أمن و سلامة بلادنا :
نحيّي تحية التقدير و الاجلال الجيش الوطني الشعبي المجنّد في كل ربوع الوطن و على حدوده، بقدراته الهائلة، حفاظا على سلامة التراب الوطني و على أمن و سلامة الاشخاص و الممتلكات.
غير أن أمن البلاد في حاجة ، لا محالة ، الى استقرار داخلي ، استقرار يضمنه تجنيد وطني دائم. انها مسؤولية تقع على عاتق العديد من مكونات الأمة من أحزاب سياسية و مجتمع مدني و خاصة على العائلات التي يعود عليها تكوين و توجيه أبنائها.
من خلال هذه الملاحظات، حاولت التذكير بكل التضحيات التي دفعناها من أجل حريتنا وأمننا وبكل ما سجلته بلادنا من تقدم في ظل عودة السلم و الاستقرار. كما رأيت من الضروري جلب الانتباه على تلك التحديات التي تستوقفنا لكي يستمر شعبنا في مسيرته نحو التقدم والازدهار.
إننا في التجمع الوطني الديمقراطي متيقنون أن الوصول الى المزيد من التقدم الوطني يتطلب استمرارية الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في مهمّته.
صحيح أن البعض يختلف معنا على أساس التداول الديمقراطي في الوقت الذي نرافع فيه نحن بأمثلة دول نجحت في اقلاعها الاقتصادي والاجتماعي في آسيا وأمريكا الجنوبية عقودا قبل اليوم. نجاحات عاد دائما الفضل فيها الى الاستمرارية في النهج والقيادة.
ذلكم ما جعل حزبنا يناشد عبر مجلسه الوطني، المجاهد عبد العزيز بوتفليقة للاستمرار في الجهد والتضحية في خدمة الجزائر و وفاءا لإرث رفقائه المجاهدين و الشهداء، وذلك بترشّحه مرّة أخرى في الانتخابات الرئاسية لربيع 2019.
و في الاختتام قال أحمد أويحي إنه نداء التجمع الوطني الديمقراطي، أجدّده اليوم باسمكم أخواتي المناضلات، لاستمرار المجاهد عبد العزيز بوتفليقة في قيادة الجزائر، جزائر السلم، جزائر التقدم ، جزائر العدالة الاجتماعية ، جزائر المساواة بين الرجال و النساء، في الجهد و التضحية وكذا في الحقوق، جزائر شامخة و سيّدة في محفل العالم. المجد والخلود لشهدائنا الأبرار تحيا الجزائر أشكركم على كرم الاصغاء.