المجتمع هو عبارة عن مجموعة من الناس التي تشكل النظام نصف المغلق والتي تشكل شبكة العلاقات بين الناس، والمعنى العادي للمجتمع يشير إلى مجموعة من الناس تعيش سوية في شكل منظّم وضمن جماعة منظمة. والمجتمعات أساس ترتكز عليه دراسة علوم الاجتماعيات كما ورد التعريف فى الموسوعة الحرة " ويكيبيديا ". ولكل مجتمع عادات وتقاليد وسمات نتجت عن معايشة ظروف معينة وخبرات وتجارب ولا سيما معاصرة ثقافات أصيلة فى هذا المجتمع أو وافدة أياً كان مصدرها ويذوب كل ذلك فى خليط متجانس يشكل هوية وهيئة هذا المجتمع. وفى مجتمعنا رغم أننا نردد دائماً مقولة " اللى بنى مصر كان فى الأصل حلوانى " فإننا ننظر نظرة تقدير واجلال واحترام لبعض الوظائف دون الأخرى ونغفل حقيقة أن هذا الحلوانى هو " فنى " !! ومثله الكثير من الفننين والحرفيين الذين لا غنى عنهم فى المجتمع فنحن نحتاج للفنى والحرفى فى كل المجالات فهو الذى يقوم بعمل تركيبات وتشطيبات محل سكنك ثم يقوم بعمل الصيانات الدورية والطارئة وقت الحاجة إليها مما يوفر لك إقامة هادئة مستقرة دون منغصات أو عوائق وهو الذى يقوم يتحمل نفس العبئ فى محل عملك بما يضمن سير العمل واستقراره ويهيئ لك امكانية القيام بعملك والإبداع فيه فى جو من السلام والطمأنينة ويقوم بنفس الأعمال فى الطرقات والمرافق والبنية الأساسية للدولة ليحقق تكامل المنظومة التى توفر للمواطن استقرار السكن والعمل والمرافق والخدمات والتحرك بينهم فى سلام واستقرار ... ولكننا نطمح ونتمنى لأولادنا وبناتنا الوظائف المرموقة ونعنى بذلك " الوظائف الأخرى " والتى تتميز بالمكتب مكيف الهواء والعمل من خلال أجهزة الحاسب الآلى المتطورة والمظهر المرموق .... وكأن هناك مظهر غير مرموق لباقى المهن والحرف .. وكأننا نستطيع الاستغناء عن الوظائف الفنية والحرفية أو إغفال الأهمية القصوى لما يقدمونه.. وهنا دعنا نتساءل ... بما أن الحرفيين والفنيين جزء لا يتجزأ من المجتمع الذى ينظر إليهم هذه النظرة المجحفة ونقول بألسنتنا أننا نقدرهم ونحتاج إليهم وما إلى ذلك فى حين أن لسان الحال يعترف بأننا لا نحبذ لأنفسنا أو لأولادنا مكانهم ومكانتهم .. هل نتوقع منهم الفخر بمهنتهم والسعى للتميز والتطور فيها والحرص على أن يخلفهم فيها أولادهم أم أننا ندعوهم دون أن ندرى لهجرها والتنكر لها وانتظار الفرصة لتغيير واقعهم وتمنى مستقبل أفضل لأولادهم بأن ينالوا الوظيفة المرموقة ذات المكتب المكيف والمظهر المرموق ؟؟؟ حين نتأمل المجتمعات المتقدمة نلاحظ أن جميع الوظائف مرموقة ولها كل التقدير فى عين المجتمع ولكل مهنة أو وظيفة مميزات وعيوب بما يحقق المساواة والعدل فى نظرة المجتمع لكل من يعمل وينتج ويضيف قيمة لنفسه ومجتمعه كل فى مجاله وتخصصه ونجد تقييم المجتمع للفرد على إنتاجه وقيمته وفعاليته حسب تخصصه ومجاله وبهذا نجد مجتمع متكامل راقى منتج وفعال. وحين نراجع تعاليم الأديان السماوية نجد أنها تحث على العمل ولم تحدد درجاته او تقييمات مختلفة لمن يعمل ويجتهد فى عمله وحين نرى الواقع نجد أن المجتمع يحتاج للجميع فى كل التخصصات وحين ننظر لمستوى الدخل المادى نجد أن الصانع الماهر والفنى المحترف يجنى أجراً يتفاوت حسب التخصص وحسب درجة احترافيته ولكنه لا يقل أبداً عن ذويه من باقى الوظايف وقد يزيد فى بعض التخصصات الحرجة كاللحام تحت الماء على سبيل المثال لا الحصر ... بالطبع لا تعميم فلكل قاعدة شواذ وبالفعل هناك من يقدر الفنى والحرفى ونحن نرحب بالتصنيف لأنواع الوظائف كنوع من التنظيم والتنويع ... ولكن تلك النظرة الطبقية للوظائف أصبحت فى الوجدان واللاوعى لدى غالبية الشعب المصرى والعربى أيضاً وللاستدلال على ذلك فليسأل كل منا نفسه عن أمنياته لوظيفة ولده المستقبلية أو من يرتضيه زوجاً لابنته .. وحين نطبق تلك الرؤية على سوق العمل فى مجتمعنا نجد أننا فى حاجة شديدة لتغيير نظرة البعض الطبقية للوظائف والعاملين بها من منطلق أن جميع الوظائف ضرورية ولا غنى عنها ولن يستقيم المجتمع دون تكامل وترابط وتقدير كل الوظائف والمهن بكل أنواعها وأن يكون المعيار الأوحد للتقييم هو مدى اجتهاد وإجادة العامل لعمله وإسهاماته الفعالة وإضافته لمجتمعه وليس لفئة عمله أو طبيعته طالما كان عملاً شريفاً يفيد العامل ويغذى شعوره بالرضا عن نفسه ويفيد المجتمع ويساهم فى استقراره وتقدمه وتكامل منظومة العمل لتغطية كافة المجالات المطلوبة لمجتمع راق عادل ومتحضر فى دولة نفتخر بأن من بناها .... " حلوانى ".