متكبر ومغرور

متكبر ومغرور

لا شك ان الخلق الانساني بنوعيه كريم كان أو ذمم ما هو الا عبارة عن انعكاسات نفسية لصاحب النفسية.. فهي تضيئ وتظلم علي حسب طيب النفس أو خبثها. واستقامتها وانحرافها . وما الخلق الذميم إلا نتاج لؤم النفس وانحرافها وتلك هي أسوأ الصفات الإنسانية المسماة التكبر والغرور وتلك الصفتين تؤثران سلبا علي الفرد وعلاقته بالمجتمع المحيط به. ان سلوك الفرد وانعكاسه على تصرفاته ومعاملاته مع المحيطين به لا يأتي من فراغ وإنما هو نتيجة تراكم عنده في مراحل حياته منذ ولادته إلى حين مماته..فهناك أفعال تظهر وسلوكيات تتغير أو تزيد حدتها وهذا يعود الي البيئة التي ينشأ فيها الشخص وحسب المؤثرات التي يخضع لها .. ولكي يتم استئصال السلوكيات السلبية وتحفيز الإيجابي منها لابد ان يخضع الفرد الي نوع من التدريبات للتخلص من الشوائب النفسية . فالغرور هو افه بل هو من المفاسد الأخلاقية التي يمكن أن تصيب الانسان وان دل فإنما يدل على نقص الذكاء وان اذرار نور العقل والبصيرة مغلقة.. فينخدع العبد بما آتاه الله تعالى على الناس ويتكبر ويسير وراء شهواته ونزواته بالأخطاء بسبب الجهل «يَا أَيُّهَا الإنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ»، (الانفطار:6-7)، وهكذا ينخدع الكثيرون بالغرور فمنهم المغتر بزخارف الدنيا ومباهجها الفانية ومنهم المغتر بالزعامة أو المال أو القوة. من المعروف بأن الغرور هو نقيض التواضع وكلمة ينفر الناس منها وهو مرض من أمراض القلب التي لا تؤلم المريض فحسب ولكنها تزعج من حوله أيضا. ولا يعني الغرور الثقة بالنفس بل الشعور بالنقص بداخل الشخص المغرور الذي يريد أن يخفيه عن الناس في ثوب التكبر والغرور متناسياً أن الدنيا متاع الغرور (يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ)، (غافر- 39)، وقال الله تعالى: (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ) (الحديد- 20). فقد يغتر الإنسان بكثرة ماله أو جماله أو سلطانه ولكن ما لا يعلمه المغتر أنه ما رفع الله شيئاً إلا وضعه وأن دوام الحال من المحال ويبقى غنى النفس والجمال الروحي. فالغرور نهايته الندم والانكسار والتواضع ليس له نهاية فهو بداية للرفعة في الدنيا والآخرة يوم لا ينفع لا مال ولا جمال ولا قوة . ان التعالي والتكبر من الأمراض الأخلاقية الخطيرة والشائعة في الأوساط الاجتماعية التي زاد عدواها وطغت مضاعفاتها على المجتمع والمتكبر أشد الناس عتواً وامتناعاً عن الحق والعدل فمن مساوئ التكبر وآثاره السيئة في حياة الفرد أنه متى استبد بالإنسان أحاط نفسه بهالة من الأنانية والظهور فلا يسعده إلا المجاملا المزيفة والثناء الكاذب فالمتكبرلا يهتم بتهذيب نفسه وتلافي نقائصه ما يجعله هدفا لسهام النقد، فالغرور هو إعجاب الإنسان بنفسه وبعلمه وبدنياه وقد يصل إلى حد احتقار الآخرين وربما التسفيه لآرائهم وأعمالهم. وحان لي أن أختم بأن الغرور وعدم تقدير العواقب هما ظاهرتان مرضيتان تصيبان الإنسان وتقودانه إلى المهالك وتورطانه في مواقف قد تنتهي به إلى مأساة مفجعة. وهذا الشعور المرضي أثره السيئ على سلوك الشباب بما يجلبه عليهم من مآس أو نبذ اجتماعي خاصة في الزواج حيث تتحول الحياة الأسرية إلى جحيم وربما تنتهي إلى الفراق وكم هي حوادث السير بسبب الغرور الأعمى بل قد يستولي الغرور على البعض فيخجل من الانتساب إلى أسرته أو ذويه أو مدينته أو قريته بل يتعالى على والديه عندما يرى نفسه أصبح بوضع اجتماعي جيد وأكثر من يتصف باغترار الدنيا هم ضعفاء الإيمان والمخدوعون بمباهجها ومفاتنها فيتناسون فناءها وزوالها وما يعقبها من حياة أبدية خالدة انظر كيف يصور القرآن واقع الدنيا وغرورها فيقول تعالى: (إنما الحياة الدنيا لَعِب ولهو وزينة وتفاخر بينكم، وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفّار نباته ثم يهيج فتراه مصفرّاً، ثم يكون حُطاماً، وفي الآخرة عذاب شديد)، (الحديد:20)».لذا إياك والغرور والتكبر. وآخر ما أقدمه لقائي الاكارم تواضع فمن تواضع لله رفعه.

مقالات مشابهه

من قسم آخر


التقيمات

راديو القمة

radio

الأكثر قراءة

فيس بوك

a
;