- يتضح الدور المهم الذي تؤديه وسائل الإعلام في توجيه المجتمع وإرشاده وتثقيفه، وتزداد الحاجة إليها في الإسهام في عملية التنمية في جميع مجالاتها، إضافة إلى تلبية حاجة الإنسان إلى الاتصال، وهي حاجة إنسانية نشأت مع نشوء المجتمعات البشرية، لكي يتصل الفرد بغيره من الأفراد ويتبادل معهم المعلومات والأفكار ويعبر عما في نفسه.
- حديثا اتسع مفهوم الإعلام ليشمل كل أسلوب من أساليب جمع ونقل المعلومات والأفكار من طرف مرسل إلى متلق «مستقبل»، ويتخلل هذه العملية تفاعل ومشاركة من الطرفين .
- أصبح الإعلام علماً وفناً في آن واحد، فهو علم له أسسه ومنطلقاته الفكرية، لأنه يستند إلى مناهج البحث العلمي في إطاره النظري والتطبيقي، وفن لأنه يهدف إلى التعبير عن الأفكار وتجسيدها في صور بلاغية وفنية متنوعة بحسب المواهب والقدرات الإبداعية لرجل الإعلام.
- وبعد أن كثرت مجالات الحياة وتشعبت ميادينها وتطورت حقولها، صار التخصص في مجال ما أمرا لا غنى عنه سعيا نحو الإبداع في هذا المجال والإلمام بكل ما يرتبط به، وتطوير آفاقه، والتركيز على جميع تفاصيله وجزئياته.
- وانطلاقا من ذلك نشأت الحاجة إلى وجود أنواع من الإعلام المتخصص في ميادين تطلبت ذلك الأمر، وبات أمرا حيويا لها، وضروريا لفهم مكوناتها وأقسامها وموضوعاتها فهما عميقا شاملا، كالإعلام الاقتصادي والرياضي والأمني والعسكري والبيئي.
ويعرف الإعلام المتخصص:
بأنه «رسالة ما تتخذ أشكالاً ووسائل مختلفة مقروءة، مسموعة أو مرئية، بهدف التعبير عن موضوع ما، يتسم بالاعتماد على الأبحاث والدراسات ذات التخصص الدقيق، أو موجه لفئة أو جمهور محدد أو كليهما معاً، في إطار أهداف، ووظائف محددة تتمثل في الأخبار، التثقيف، التعليم، الترفيه».
ولا يعني وجود إعلام عام وإعلام متخصص أن الأساليب العامة لكل منهما تختلف عن الأخرى، وأن كلا منهما يتجه في أداء دوره ومهامه وأهدافه مستعينا بوسائل وسبل تختلف عن الآخر بل إن كلا منهما يستخدم الأساليب والسبل نفسها مع مراعاة خصوصية وطبيعة كل نوع.
ويفرق الباحثون بين الإعلام المتخصص والإعلام الخاص :
- فالإعلام المتخصص: يجب أن يكون موضوعياً لأنه يهدف إلى نشر الوعي والمعرفة والثقافة المستندة إلى الحقائق والمعلومات في مجال معين.
- أما الإعلام الخاص: فهو إن كان يقوم في جانب منه على الحقائق والمعلومات، إلا أنه يقدم بصورة ذاتية تعبر عن وجهة نظر معينة بهدف تكوين رأي عام حول موضوع معين، أو توجيه الجماهير للتصرف بطريقة معينة.
*وظائف الإعلام المتخصص وأهدافه :
يستنبط الإعلام المتخصص أهدافه ووظائفه ويستمد تفاصيلها من الأهداف والوظائف العامة للإعلام العام، ولا يخرج عنها إلا بقدر ما تتيح له الموضوعات المرتبطة بالمجالات التي يرتبط بها ويمكن تلخيصها في الاتي:
١- تناول القضايا المتخصصة على اختلافها وتقديمها بأسلوب سهل وبسيط وشامل، لرفع وعي الجماهير المستهدفة بأبعاد القضية وأسبابها وآثارها على كل المستويات.
٢- تنمية النواحي المعرفية والوجدانية والمهارية والثقافية لدى شرائح محددة لتكون على علم بما يدور حولها من خلال ما تتضمنه الرسالة الإعلامية من حقائق محلية وخارجية.
٣- تهيئة الجمهور المستهدف لتقبل تغيير مزمع لسلوكيات سلبية وتنمية الوعي وتكوين الاتجاهات الإيجابية الداعية لأهمية تغيير السلوكيات.
٤- التعريف بالمستجدات التي تطرأ على موضوع التخصص، محلياً وإقليمياً ودولياً ليواكب الجمهور المستهدف التطور الحادث ولا يتخلف عن الركب الحضاري.
٥- نقل رسالة محددة، مدعومة بالحقائق العلمية والتاريخية وعلاقتها بالأمور الحياتية للمستقبل عن طريق مباشر أو غير مباشر سواء كان إعلاما داخليا أو خارجياً في شكل خبر أو حدث أو فكرة أو ظاهرة لها علاقة باهتمامات المتلقي.
٦- التحفيز إلى التغيير للأفضل عن طريق خلق طموحات مشروعة وممكنة وإذكاء روح التغلب على العقبات.
٧- استحداث قنوات اتصال حوارية بين كل من الجمهور المستهدف ومتخذي القرار لتعزيز المشاركة في اتخاذ القرار المناسب وإيجاد الحلول.
٨- استمرار الحوار بين جميع فئات الجماهير المستهدفة، وإيضاح الآراء والأفكار والمشكلات ومقترحات المواطنين.
٩- فتح قناة اتصال بين العلماء والخبراء ومراكز البحوث العلمية وبين الجمهور المستهدف.
١٠- فتح نافذة على العالم وللعالم ليتعرف الجمهور على كل ما هو جديد وليرى العالم ما وصل إليه المجتمع.
١١- تنمية الوعي الوقائي والعلاجي تجاه القضايا الحياتية.
* أهمية الإعلام المتخصص:
١- إن الإعلام المتخصص إذا بُني على أُسس سليمة مدروسة وموظفة، فإنه بذلك يزيد من قوة المشاركة الجماهيرية في خدمة قضايا المجتمع، وذلك من منطلق أن الإعلام يؤدي دوراً مهماً في تقارب وجهات النظر وبناء رأي عام موحد ـ تقريباً ـ تجاه هذه القضايا بما يدعم الجهود الرسمية الرامية لمواجهتها.
٢- إن الإعلام المتخصص بطبيعة الحال هو إعلام موضوعي دقيق لأنه يقدم المعلومة المتخصصة إلى الناس، وهي مسألة تزيد من درجة الوعي والمعرفة وبخاصة في المجتمعات النامية التي تحتاج شعوبها إلى تحسين واقعها نحو الأفضل.
٣- تتضح أهمية الإعلام المتخصص في الارتباط بين المجالات المعرفية المختلفة ووسائل الإعلام، ذلك أن غياب هذا الارتباط يفقد المجتمع عنصراً أساسياً من العناصر المطلوبة لوعيه وتقدمه.
٤- تتضح أهمية الإعلام المتخصص من تعاون وسائل الإعلام مع المتخصصين في المجالات المختلفة بتطويع مختلف العلوم لخدمة المجتمع ، فالمجتمع البشري يزخر بالمشكلات التي تتطلب المواجهة والحل باستخدام العلم وتعاون أفراد المجتمع من المتخصصين على أداء دورهم لحل هذه المشكلات على أساس معرفتهم بها وسبيل الفرد العادي الذي يشكل السواد الأعظم من الجمهور إلى هذه المعرفة هو وسائل الإعلام المختلفة.
٥- يشكل الإعلام المتخصص مدخلاً مناسباً إلى ترقية العقول، وبقدر البساطة والصدق في أسلوب التناول والعرض لموضوعات الإعلام المتخصص، يكون الترحيب والقبول والتفاعل مع ما تطرحه وسائل الإعلام من موضوعات.
٦- يعمل الإعلام المتخصص على تضييق الهوة بين الثقافة العامة والمعرفة العلمية التخصصية، التي ظلت مدة طويلة حكراً على المتخصصين في مجالها.
٧- يشكل الإعلام المتخصص علامة من علامات انتقال المجتمعات من المرحلة التقليدية إلى مرحلة أكثر تطوراً، وانتقال الممارسة الإعلامية من الشكل التقليدي إلى شكل أكثر عصرية يتسم ويحترم التخصص في مختلف المجالات.
٨- يوفر الإعلام المتخصص للمتخصصين فرصاً متعددة لنشر دراساتهم والتعبير عن أفكارهم، وتسليط الضوء على إبداعاتهم وابتكاراتهم.
** ولذلك يجب علي الدولة الاهتمام بالاعلام المتخصص لانه يحل العديد من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية احيانا .