يتمتع مدرب منتخب انكلترا غاريث ساوثغيت بمعظم آداب التصرف البريطانية والهدوء، الا انه يخفي خلف هذا المظهر الخارجي الساكن، شخصية صلبة صنعت ثورة في المنتخب وضخت فيه روح الشباب.
عين ساوثغيت (47 عاما) في منصبه بعد إقالة المدرب السابق سام ألاردايس في أيلول/سبتمبر 2016، وعمل بجهد خلف الكواليس لتطبيق أسالبيه وابتكاراته، محافظا في الشكل وأمام الاعلام على سماته الهادئة.
الرجل الذي عرف بأنه أقرب الى "سيد لطيف"، استطاع من خلف ابتسامته المحببة كسر تقاليد وأعراف قائمة في منتخب "الأسود الثلاثة"، وإبعاد العديد من الأسماء، وفي مقدمها المهاجم واين روني والحارس جو هارت.
لم تمض أشهر على توليه مهامه، بداية في أيلول/سبتمبر 2016 كبديل موقت لألاردايس وبعدها في تشرين الثاني/نوفمبر بشكل دائم، حتى وجد ان الوقت قد حان لإبعاد "الفتى الذهبي" روني عن التشكيلة، في خطوة اعتبرت جريئة بحق "نجم" من طينة اللاعب السابق لمانشستر يونايتد.
لم يخش ساوثغيت، اللاعب السابق في صفوف أندية عدة مثل أستون فيلا وميدلزبره، تحمل مسؤولية قرارات صارمة بحق النجوم. مصير روني كان مماثلا للاعب أرسنال جاك ويلشير والحارس هارت اللذين لم يستدعهما الى تشكيلة اللاعبين الـ 23 التي ستخوض غمار مونديال 2018.
في روسيا، سيراهن ساوثغيت على لاعبين شبان من أمثال ماركوس راشفورد (مانشستر يونايتد)، ترينت ألكسندر-أرنولد (ليفربول)، روبن لوفتوس-تشيك (تشلسي) وغيرهم.
يعكس المدرب النحيل في إدارته للمنتخب الباحث عن لقبه الأول الكبير منذ التتويج اليتيم في كأس العالم 1966 على أرضه، المسار الصعب الذي خبره كلاعب، لاسيما في نادي بداياته كريستال بالاس.
ويقول اللاعب السابق لبالاس جيف توماس ان غرفة الملابس في النادي "كانت تضم لاعبين من أصحاب الشخصية القوية، مثل أندي غراي، طوني فينيغان وايان رايت، الا ان أحدا لم يكن لديه كلمة سيئة ليقولها عنه".
أضاف "كان يحظى بصفات قيادية من البداية، ولم يخش يوما ان يدلي برأيه ويسمى الأشياء بأسمائها عندما تسوء الأمور (...) كان دائما أكبر من عمره في تحمل المسؤولية، لدرجة إبقائنا جميعا على السكة الصحيحة".
حمل ساوثغيت شارة قائد بالاس في سن الـ 22 فقط في موسم 1993-1994 الذي شهد صعود الفريق الى الدوري الممتاز. بقي يحظى بتقدير في كريستال بالاس حتى بعد انتقاله الى أستون فيلا عام 1995.
دفع ذكاؤه وصلابته بالمدرب تيري فينيبالز لاستدعائه الى المنتخب الانكليزي للمرة الأولى في 1995. في العام التالي، وجد نفسه في مباراة شكلت نقطة تحول في مسيرته: نصف نهائي كأس أوروبا ضد ألمانيا.
بعد التعادل 1-1، أضاع ساوثغيت ركلة الجزاء الترجيحية الحاسمة. وعلى رغم غضب المشجعين من مشاركته لاحقا في إعلان للبيتزا يسخر من إضاعته للركلة، حافظ على مكانه في المنتخب وخاض معه 57 مباراة.
اعتزل في 2006، وتولى مهمة التدريب في ميدلزبره على رغم انه لم يكن يتمتع بكامل المؤهلات المطلوبة لتدريب ناد في الدوري الممتاز. أقيل بعد أشهر من هبوط الفريق للدرجة الأولى في 2009.
مسيرته مع المنتخب بدأت بتدريب شباب دون 21 عاما في 2013. صاحب الشخصية الهادئة كان الخيار الأمثل بعد الفضيحة التي أطاحت بألاردايس (تسجيل يعطي فيه "نصائح" حول التلاعب بقوانين الانتقالات).
يدرك ساوثغيت انه سيكون تحت مجهر المتابعة من قبل المشجعين في روسيا، وهو تحد يقبل عليه بإصرار "أنا مصمم كما الجميع على ان أكون ناجحا (...) أريد ان أفوز، وأنا جاهز لتحدي الجميع".