قال أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، إنه لا يمكن أن يتقدم مجتمع من المجتمعات أو تنهض أمة من الأمم من دون حد أدنى من العلاقة الصحية بين الأجيال المختلفة. وأضاف الأمين العام خلال كلمته في افتتاح الدورة 41 لمجلس وزراء الشباب والرياضة العرب، اليوم الاثنين 14 مايو/أيار، والتي وصل "سبوتنيك" نسخة منها، أن "تلك العلاقة وحدها هي التي تضمن أن يزاوج المجتمع بين ما لدى الشباب من روح جديدة وأفكار إبداعية من ناحية، وما يحمله الجيل الأكبر من خبرة متراكمة من جانب آخر، إن هذه المزاوجة هي ما تنتج التوازن الضروري لارتقاء المجتمعات بصورة مطردة، وفي الاتجاه السليم".
وأوضح الأمين العام، أن "الكثير من المجتمعات المتقدمة يشكو من ارتفاع معدلات الإعالة في ظل اتجاه هياكلها السكانية إلى الشيخوخة وضعف مستويات الإنجاب، وهو ما يخلق أعباء أكبر على الشباب ويضعهم في ما يشبه المواجهة مع الجيل الأكبر من المسنين الذي يعيشون على الضمان الاجتماعي والمعاشات". لا شك أن هذه الأوضاع الاقتصادية سوف تفرز نوعا من التناقض بين الأجيال، ربما ينعكس في صورة توترات اجتماعية وسياسية، ومن حسن الطالع أن المنطقة العربية لا تعاني من هذه المشكلة، ذلك أن هياكلها السكانية وأوضاعها الديموغرافية تعكس اتساع قاعدة الشباب بصورة واضحة، إن ثلثي سكان العالم العربي تقل أعمارهم عن ثلاثين عاما".
وقال أبو الغيط، إن هذا يجعل مجتمعاتنا الأكثر شبابا على مستوى العالم، ومن من شك في أن هذا الهرم السكاني النابض بالشباب والحيوية يولد فرصا بلا حدود، ويطرح أمام بلادنا إمكانيات كبيرة يتعين استغلالها وتوظيفها خلال السنوات الحالية، وقبل أن تغلق هذه "النافذة الديموغرافية" النادرة، فهناك أكثر من 100 مليون شاب عربي تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاما، وهو سن التعليم والعمل والانتاج والإسهام في المجتمع، مضيفا "هؤلاء هم رهاننا الحقيقي، وفرصتنا الكبرى للحاق بالمستقبل".
وأشار أبو الغيط إلى أن موجة الاضطراب العاتية التي ضربت الكثير من بلادنا العربية منذ 2011 تعبر، في جانب منها على الأقل، عن حالة من الاغتراب غير المسبوق بين جيل الشباب، وتعكس وضعا هو أقرب إلى الحرب بين الأجيال، إن الشباب الذي كان وقودا للحركات الاحتجاجية، ثم الصراعات المروعة والدامية التي مزقت بعض الدول العربية، يغمره شعور بالغضب الشديد والرفض الكامل لكل ما يمثله الجيل الأكبر من قيم وأفكار ورؤى. وأضاف: "يشعر أبناء الجيل الجديد بأنهم محرومون من الفرص، ومجبرون على مواجهة أوضاع اقتصادية صعبة، ربما لم تواجهها الأجيال السابقة، وأقول بصراحة إن تقاعسنا وتباطؤنا في تحقيق مثل هذا الحوار بين الأجيال سوف ينتج مزيدا من الاغتراب والتباعد بينها، وسوف يكون من شأنه توسيع الفجوة الجيلية بكل ما لهذا الأمر من تبعات خطيرة على الاستقرار السياسي والاجتماعي".وفي ختام كلمته طالب أمين عام الجامعة العربية الحكومات العربية ليس فقط بتوفير الفرصة للشباب، تعليما وتدريبا واعدادا لسوق العمل، بل بضرورة تمكين الشباب من أن يكون مشاركا حقيقيا في صناعة هذا المستقبل، وفاعلا أصيلا في وضع أولوياته والمفاضلة بين خياراته.