في مثل هذه الأيام ، منذ 73 عاماً، وتحديدا يوم 22 مارس / آذار سنة 1945 م، ( 8 ربيع الثاني سنة 1364 هـ )، وقعت سبعة دول عربية على ميثاق جامعة الدول العربية، ثم تتابع انضمام الدول العربية الى التوقيع على الميثاق حتى وصل عددها إلى 22 دولة عربية مستقلة هي مجموع الدول الأعضاء التي تتألف منها جامعة الدول العربية والتي تعد حجر الأساس في تاريخ منظومة العمل العربي المشترك وأقدم منظمة دولية حيث سبقت قيام الأمم المتحدة بستة أشهر .
حيث دعت مصر لاجتماع وفود الدول العربية استجابة للتطلعات الشعبية الداعية لتحقيق شكل من أشكال الوحدة، ولتجسيد الروابط المتعددة التي تجمع بين الشعوب العربية، ولهذا حددت الدول المؤسسة للجامعة في النظام التأسيسي (الميثاق)، أهداف الجامعة، وركزت بشكل جلي على تعزيز الروابط التي تجمع الدول العربية، وذلك على أساس احترام استقلال وسيادة الدول الأعضاء وأنظمتها السياسية، وتنسيق الجهود المشتركة في اتجاه تحقيق الصالح العام لكل الدول العربية، وتطوير العلاقات العربية - الدولية.
ففي 5-8-1942 دعت مصر كلا من العراق ، وشرق الأردن ، والسعودي ، وسوريا، ولبنان ، واليمن لإيفاد مندوبين عنها لتبادل الرأي في موضوع الوحدة. وتشكلت من هؤلاء المندوبين إضافة إلى ممثل من عرب فلسطين، لجنة تحضيرية عقدت اجتماعاتها على امتداد أسبوعين في الإسكندرية، و بدأت مرحلة عرفت باسم "مشاورات الوحدة العربية".
وقد نص بروتوكول الاسكندرية عام 1944، والذي مهدت لجنته التحضيرية للمؤتمر العربي العام بالقاهرة الذي أسس لميثاق جامعة الدول العربية، على أنه " إثباتاً للصلات الوثيقة والروابط العديدة التي تربط بين البلاد العربية جمعاء، وحرصاً على توطيد هذه الروابط، وتدعيمها وتوجيهها إلى ما فيه خير البلاد العربية قاطبة وصلاح أحوالها وتأمين مستقبلها وتحقيق أمانيها وآمالها، واستجابة للرأي العربي العام في جميع الأقطار العربية. فقد اجتمع، الموقعون على هذا رؤساء الوفود العربية في اللجنة التحضيرية للمؤتمر العربي العام، بالإسكندرية.....إلخ، وتم الاتفاق بينهم على أن " تؤلف "جامعة الدول العربية" من الدول العربية المستقلة التي تقبل الانضمام إليها. ويكون لهذه الجامعة مجلس يسمى "مجلس جامعة الدول العربية" تمثل فيه الدول المشتركة في الجامعة على قدم المساواة، وتكون مهمته مراعاة تنفيذ ما تبرمه هذه الدول فيما بينها وتنسيق خططها السياسية، تحقيقاً للتعاون فيها. وصيانة لاستقلالها وسيادتها من كل اعتداء بالوسائل الممكنة، وللنظر بصفة عامة في شؤون البلاد العربية ومصالحها .....إلخ والتعاون في الشؤون الاقتصادية والثقافية والاجتماعية وغيرها...وتدعيم هذه الروابط في المستقبل ......إلخ"
وجاء التأسيس العملي للجامعة رسميا في 22 مارس/آذار 1945، وسبق ذلك في 3 مارس/آذار من العام نفسه انتهاء اللجنة السياسية الفرعية التي أوصى بروتوكول الإسكندرية بتشكيلها، من أعمالها، بعد أن عقدت 16 اجتماعاً بدار وزارة الخارجية المصرية بالإسكندرية. وقد أعد أعضاؤها صيغة ميثاق جامعة الدول العربية معتمدين على "بروتوكول الإسكندرية".
التوقيع على الميثاق في 22 مارس 1945
تم التوقيع على الصيغة النهائية لنص " ميثاق جامعة الدول العـربية " من قبل رؤساء حكومات خمس دول عربية هي العراق، وشرق الأردن، وسوريا، ولبنان، ومصر. ثم وقعت السعودية فيما بعد على النسخة الأصلية. ثم اليمن. وقد جرت مراسم التوقيع على هذه الوثيقة التاريخية في البهو الرئيسي لقصر الزعفران بالقاهرة. وكان رأي اللجنة التحضيرية قد انعقد على تسمية المنظمة الوليدة " جامعة الدول العربية " بعد مناقشات مستفيضة لثلاث تسميات مقترحة، أولاها " التحالف العربي "، وثانيتها "الاتحاد العربي"، وثالثتها "الجامعة العربية." وتم في نفس التاريخ 22/3/1945 تعيين السيد/ عبد الرحمن عزام، أميناً عاماً للجامعة 1945-1952 .وأصبح يوم 22 مارس من كل عام هو يوم الاحتفال بالعيد السنوي لجامعة الدول العربية.
تألف ميثاق جامعة الدول العربية من ديباجة وعشرين مادة، وثلاثة ملاحق خاصة الملحق الأول خاص بفلسطين وتضمن اختيار مجلس الجامعة مندوباً عنها "أي عن فلسطين" للمشاركة في أعماله لحين حصولها على الاستقلال. والمحلق الثاني خاصا بالتعاون مع الدول العربية غير المستقلة وبالتالي غير المشتركة في مجلس الجامعة. أما الملحق الثالث والأخير فهو خاص بتعيين السيد عبد الرحمن عزام الوزير المفوض بوزارة الخارجية المصرية كأول أمين عام للجامعة لمدة عامين. وأشارت الديباجة إلى أن الدول ذات الصلة وافقت على الميثاق بهدف تدعيم العلاقات والوشائج العربية في إطار من احترام الاستقلال والسيادة بما يحقق صالح عموم البلاد العربية.
تٌعتبر ذاكرة جامعة الدول العربية أحد أهم عناصر الهوية القومية العربية...هذه الهوية التي تواجه الآن محاولات متعمدة من الطمس والتزوير والتشويه. ومن هنا نشأت ضرورة الحفاظ على الذاكرة التاريخية للوحدة العربية من هذه المحاولات الشرسة والالتزام بحمايتها من خلال التوثيق المرقمن لهذه الذاكرة، وتسخير كل الإمكانيات لتحقيق ذلك. هذا، ولقد شهدت الآونة الأخيرة اهتماماً متزايداً عالمياً وإقليمياً بالحفاظ على المواد التراثية، وبات من الواجب على جامعة الدول العربية أن تلحق بذلك الركب.
ومن هذا المنطلق، اعتبرت الدول الأعضاء بجامعة الدول العربية أن توثيق ذاكرة جامعتهم هو مشروع قومي عربي يُوثق حقبة زمنية هامة من منظومة العمل العربي المشترك بمختلف مؤسساته، يتطلب تضافر كافة الجهود لانجازه للحفاظ على هذا التراث التاريخي، وكان ذلك بموجب القرار الصادر عن مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري في شهر مارس 2014.
يقوم مشروع توثيق ذاكرة جامعة الدول العربية على أساس حفظ مسيرة العمل العربي المشترك منذ فكرة التأسيس عام 1942، وذلك من خلال توظيف تقنيات المعلومات ودمجها بفن التوثيق بشكل رقمي عالي الجودة لإبراز إسهامات جامعة الدول العربية في منظومة العمل العربي المشترك.