بعد اكتسابها الحقّ في العلم والعمل، ارتقت المرأة وأصبح عملها مكمّلاً لعمل الرجل وباتت «تدير المجتمع» بأسره بيدٍ واحدة. ولكنّ دورها المهني والتثقيفي لم يلغِ دورها «الأمومي» ومسؤولياتها تجاه أولادها وأفراد عائلتها، وهي مسؤوليات لا تُعوّض. فكيف يمكنها التوفيق بين كيانها المهني ودورها الأُسري؟
تطوّرت المرأة كثيراً واكتسبت حقوقها المدنية وشغلت المراكز المهنية العليا، نجحت وتقدّمت ونافست الرجل في مضامير مهنية وحياتية مختلفة، وهذا ما زادها ثقة بالنفس وعزّز مكانتها المميّزة في المجتمع. إلّا أنّ طعم النجاح لم يُفقدها روعة الشعور بالأمومة وأداء مسؤوليتها تجاه أولادها وأفراد أسرتها بحبّ وحنان، إذ تغرس في نفوسهم القيم وتربّيهم تربيةً صالحة.
ولكن تواجه الأمّ صعوبة في التوفيق بين كيانها المهني ودورها الأمومي، فيتأثّر الأولاد بغيابها الذي لا يُعوّض. فما هي نتائج غياب الأمّ عن المنزل وآثارها السلبية في تكوين الأطفال الشخصي والاجتماعي والنفسي؟ وكيف تعوّض الأم العاملة التي تقضي معظم وقتها في العمل هذا النقص على أطفالها، ومَن يساعدها في هذا المضمار؟
رعاية اجتماعية ـ نفسية
أصبح عمل المرأة مهمّاً جداً في مجتمعنا المصري والعربي على حدٍّ سواء. ولكن رغم إيجابيات عمل المرأة خارج منزلها ولعبها دور «الميزان» في المجتمعات الذكورية، واكتسابها الخبرات المهنية المهمّة التي تزيدها نضوجاً لناحية التفكير والتدبير واستغلال الوقت والتنظيم، إلّا أنّه لا يمكننا نكران سلبيات غيابها عن منزلها خصوصاً عندما يكون أطفالها صغاراً.
فالطفل لا يحتاج إلى الرعاية الاجتماعية والطبية وتأمين حاجاته في الأكل والشرب واللبس فقط، بل يحتاج أكثر إلى الرعاية النفسية التي تساعده في تكوين شخصيته واكتساب الخبرات والمهارات الاجتماعية والأخلاقية التي تقوّم سلوكه. كذلك من خلال الرعاية النفسية التي توفّرها الأمّ، يتعلّم الطفل أن يصبح قدوة حسنة في مجتمعه. ولكن ماذا لو غابت الأمّ بسبب عملها؟ كيف يمكنها تعويض غيابها؟
ما هو دور الأم في العائلة؟
تلعب الأم دوراً بارزاً في تربية أطفالها، تماماً كدور الأب المهم في تكوين الطفل النفسي. ومن أبرز الأمور التي تهتمّ بها الأمّ في تربيتها طفلها، نذكر:
– الاهتمام المباشر بحاجات الطفل كالطعام والشراب والنظافة، والاستماع إليه لمعرفة حاجاته واكتشاف قلقه وخوفه.
– غرس الثقة بالنفس في نفس الطفل ليكوّن لاحقاً شخصيتّه «المستقلّة» عن والديه. كذلك، توجّه له الأم الأسئلة البسيطة المؤلَفة من كلمات غير معقدة لتكتشف مدى تفاعله معها ومع والده.
– مشاركة الأب في توجيه الطفل وإرشاده، وهذا ما يساعده في تكوين شخصيته. والجدير بالذكر أنّ الأم هي التي تعلّم قواعد التنشئة الأولى للطفل وتوفّر له الجوّ العاطفي، في حين يلقّنه الأب النظام.
– مواساة الطفل عندما يكون حزيناً أو قلقاً من شيء ما، فغريزة الأمومة تلعب دوراً مهماً جداً في اكتشاف وضع الطفل ومعالجته.
– اللعب مع الطفل بمشاركة الوالد، فتخصيص وقت خاص للّعب يعلّم الطفل الكثير من الخصائص الاجتماعية منها الانضباط والأدب، والمهارات التثقيفية التي تنمّي تفكيره وتعلّمه أشياء جديدة، وغيرها من الأدوار الأساسية في حياته الاجتماعية والنفسية.