أفادت مصادر قبلية وأمنية ببدء استعدادات وحشود عسكرية وصفتها بـ«غير المسبوقة» في المحافظة التي تنشط فيها "عناصر مسلحة" موالية لتنظيم "داعش".
وقال مصدر أمني، لصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية -شريطة عدم ذكر اسمه- إن "فترة الأيام العشرة الماضية شهدت زيادة في وصول المعدات الأمنية والعسكرية إلى مراكز العريش، والشيخ زويد، ورفح، وهي المناطق التي بدأت أجهزة الأمن توسيع دائرة الاشتباه فيها، اعتماداً المعلومات الميدانية من العناصر القبلية المتعاونة مع قوات الجيش والشرطة، والطائرات (من دون طيار) أو (الزنانة) كما يطلق عليها الأهالي، وكذلك كاميرات مراقبة الرؤية الليلية".
وشرح المصدر أن "أجهزة الأمن الرئيسية دعمت القوات بشمال سيناء بصفوة الضباط المتخصصين في تتبع المعلومات، وتفكيك الخلايا الإرهابية، في إطار تكوين (كماشة) حول الإرهابيين من وسط إلى شمال المحافظة".
وعدّد المصدر أنواع المعدات الحديثة التي وصلت إلى شمال سيناء، غير أنه طلب عدم الكشف عنها لاعتبارات تتعلق بسلامة القوات، موضحاً أنه "تم تزويد الكمائن الأمنية في شوارع مدينة العريش، بتحصينات مستوردة تم تصنيعها خصيصاً للتصدي لهجمات السيارات المفخخة و قذائف (آر بي جيه)، بينما كان التأمين السابق يعتمد على الكتل الإسمنتية وأكوام الرمال فقط".
ويمثل التحدي الأمني في شمال سيناء من أبرز المشكلات التي يتحدث عنها الرئيس المصري، الذي يستعد لخوض انتخابات رئاسية شبه محسومة، يتولى بموجبها السلطة لأربع سنوات مقبلة، وستكون قضية "محاربة الإرهاب" إحدى أهم القضايا على جدول أعمال ولايته الثانية.
وأفادت مصادر قبلية منتشرة في مواقع مختلفة بشمال سيناء، في تصريحات لـ"الشرق الأوسط"، بأن "التعزيزات الجديدة لقوى الأمن في مناطق سيناء تغطي مساحات واسعة في عمق سيناء، على مساحة تقدر بـ80 كيلومتراً في العمق الشرقي، فضلاً عن تكثيف الوجود على الشريط الساحلي على البحر المتوسط".
وشرحت المصادر أن "أبناء القبائل يشكلون عنصراً مهماً في تلك التحركات الجديدة، لما لهم من خبرات تتعلق بالجغرافيا خصوصاً في المناطق الجبلية والصحراوية، وقدرتهم على تمييز الأفراد وفقاً للانتماءات القبلية، ومعرفة الغرباء الوافدين".
وتنشط عناصر "داعش سيناء" منذ سنوات في شبه جزيرة سيناء، حتى قبل أن يعلنوا ولاءهم للتنظيم، وكانوا يطلقون على أنفسهم فيما مضى "أنصار بيت المقدس"، غير أنهم كثفوا من هجماتهم ضد قوات الجيش والشرطة وبعض المدنيين، في أعقاب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي عام 2013 بعد مظاهرات شعبية حاشدة ضد حكمه، وتنوعت العمليات التي تبناها «إرهابيو سيناء»، لكن أبرزها من حيث الاستهداف وقع في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بعد إطلاق قذيفة باتجاه مطار العريش العسكري، وذلك في أثناء وجود وزيري الدفاع الفريق أول صدقي صبحي، والداخلية، اللواء مجدي عبد الغفار، في مهمة لتفقد القوات العاملة في سيناء، لكنهما لم يصابا في الهجوم، بينما راح ضحيته ضابط، وأصيب اثنان آخران، حسب ما قاله حينها المتحدث العسكري المصري، العقيد تامر الرفاعي.
وتتسق المعلومات التي تحدثت عنها مصادر "الشرق الأوسط" مع ما أعلنه المتحدث العسكري، أول من أمس، من "تكثيف قوات الجيش والشرطة إجراءاتها الأمنية لتأمين المعابر والمعديات على المجرى الملاحي لقناة السويس، وفقاً لخطة محكمة تستهدف ضبط العناصر الإجرامية والمشتبه بهم، ومنع وصول الدعم اللوجيستي إلى العناصر الإرهابية".
ورغم أن المتحدث لم يشر إلى عملية بعينها في شمال سيناء، غير أنه أكد أن "قوات الجيش الثالث الميداني شددت من إجراءاتها بمحيط معدية الشط ونفق الشهيد أحمد حمدي، باستخدام أحدث أجهزة وتقنيات الكشف عن الأسلحة والذخائر والمواد المتفجرة لمنع تهريبها من وإلى سيناء".
ورجحت المصادر القبلية أن تستهدف العمليات الأمنية المكبرة "مناطق جنوب العريش، وكذلك مناطق المزارع الزيتون التي تحيط بمطار العريش حتى منطقة الطويل التي تقع شرق العريش، ومحيط مطار الجورة، وذلك بالموازاة مع إجراءات إخلاء المرحلة الرابعة للمنطقة العازلة الحدودية في رفح، والتي ستصل بعمق المنطقة إلى 2000 متر داخل الأراضي المصرية".