استطاع الكاتب الصحفي والأديب العراقي الكبير نوزت شمدين أن يجسد معاناة الإيزيديات كيف أنهن أنتصرن في النهاية على تنظيم داعش ، في روايته التي حملت عنوان «شظايا فيروز»،والتي جاءت في 284 صفحة من القطع المتوسط.
وتحكي الرواية عن الشاب العربي المسلم "مراد" الذي يقطن إحدى القرى العربية القريبة من مجمعات وقرى الإيزيدية في قضاء سنجار غربي محافظة نينوى شمال العراق. يحصل على شهادة في البيطرة من جامعة الموصل ويبدأ مشروعاً صغيراً للدواجن بناءاً على نصيحة من والديه لتجنيبه الدخول مع أحد طرفي الصراع في نينوى والعراق(دولة إسلامية-داعش-+قوى أمن). يفاجأ ذات يوم بفتاة أيزيدية أسمها فيروز تبيع البصل على جانب الطريق . تشبه تماما واحدةً مرسومة في خياله فينجذب إليها رغماً عنه ولكن حاجزا الدين واللغة كون الفتاة إيزيدية وتتحدث الكردية أبقيا الأمر ضمن حدود المراقبة فقط وشراء البصل لضمان اقتراب يومي دون ان يتبادلا ولا حتى كلمة واحدة. أستمر ذلك لما يزيد عن سنة كانت كافية ليتضخم حبه لها وأخذ يدعو أهالي قريته الى إعادة علاقات التعايش القديمة مع الأيزيدية ويواجه بمعارضة عنيفة من أحد أخوته غير الأشقاء المنتمي لتنظيم الدولة الإسلامية. ومع ذلك يستمر في مسعاه حتى غزا التنظيم قضاء سنجار في شهر آب 2014وأخذ الايزيديات كسبايا. وعندما اكتشف مراد أنهم اخذوا فيروز أيضاً كسبية. لم يجد أمامه سوى مبايعة التنظيم للبحث بين الموصل في العراق والرقة في سوريا، هدفه الأول والأخير إيجادها وتحريرها. هنا يمضي النص في اتجاهين متوازيين. الأول مع فيروز التي تروي بنفسها ما يجري لها مع عمتها وشقيقتيها الصغيرتين وانتقالها من سجن الى سجن ومن بيت داعشي الى آخر. والاتجاه الأخر يروى بواسطة راو عليم يتابع سعي مراد الحثيث لإيجاد فيروز وفي نفس الوقت يسرد تفاصيل عن البناء الهيكلي لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، وكيف نشأ وسيطر على الموصل طوال سنوات ما قبل إعلان خلافته فيها سنة 2014 وبعدها. وتظهر خلال مجريات الأحداث شخصية محورية. وهي خليل إبراهيم او ما يعرفه الناس بـ الحاج بومة. لم يعرف عملاً غير تسجيل أسماء الموتى في الموصل منذ 1956 وكان في السابعة من عمره. حتى صارت لديه غرفة يسميها المقبرة مليئة بسجلات الوفيات. حتى ان منظمات وعائلات والدولة العراقي نفسها اعتمدوا على سجلاته. فلقبه الناس تطيرا بخليل بومة. وعندما حل عهد حزب البعث أطلق عليه لقب الرفيق بومه. وعندما استحوذت الدولة الإسلامية على الموصل اخذ يعرف بالحاج بومة. ويحاول مراد الاستفادة منه في البحث عن فيروز بسبب حرية حركته. وفي نفس الوقت يجد فيه الحاج بومة خلاصه الإنساني ويقرر مساعدته لإيجاد فيروز وخلال ذلك يشترون سبايا إيزيديات ويطلقان سراحهن".
تترتب على النص ثلاثة نهايات أو لنقل نهايتان رئيسيتان. والحقيقة فانا سخرت المعلومات الكثيرة التي أمتلكها عن التنظيم والحياة في الموصل بسبب عملي الصحفي الطويل في المدينة وتخصصي في الكتابة عن الجماعات المسلحة . وكدت لأجل ذلك ان افقد حياتي في ثلاثة مناسبات نجوت منها جميعا وبأعجوبة قبل ان أحمل حقائبي واخرج بعائلتي الصغيرة لتستضيفني النرويج.
والجدير بالذكر أن الرواية رشحت من قبل المؤسسة العربية للدراسات والنشر التي اصدرت العمل الى جائزة البوكر لسنة 2018 وكان أخر توقيع منذ أسبوع وتحديدا في 15 سبتمبر الجاري في اوسلو في قاعة مكتبة الديرادو برعاية منتدى الرافدين الثقافي في النرويج بحضور جمع غفير من الادباء والمثقفين العراقيين والعرب.