إن القضاء على ظاهرة الإرهاب بمختلف أشكالها وصورها وأساليبها المتنوعة، أمر مربوط في المقام الأول بالوقوف على الأسباب والدوافع الكامنة ورائه، إلى جانب تحديد أهم وأبرز الآثار المترتبة على ظاهرة الإرهاب، الأمر الذي يُعد دافعاً كبيراً لدفع الدول والمنظمات الدولية والإقليمية إلى العمل بكل ما أوتيت من قدرات وإمكانات لمحاربة هذا المرض اللعين، وقد استعرض البحث الحالي الآثار السياسية والأمنية المترتبة على ظاهرة الإرهاب، وكيف أنها تؤثر وبشكل مباشر على الأمن والسلم الدوليين، إن القول الشائع إنه لا يوجد تعريف للإرهاب الدولي ليس دقيقًا في تفاصيله. فالواقع، كما تبيَّن لنا، أن ثمة تعريفات مختلفة للإرهاب الدولي وأن الاتفاقيات الدولية أوردت تعريفًا للإرهاب الدولي مرتبطًا بالحالات التي تصفها كأعمال محظورة ومخالفة للقانون. وهذا الأمر ينطبق على كل الاتفاقيات أو الأعراف الدولية المتعلقة بالإرهاب الدولي بدءًا من القرصنة البحرية وصولاً إلى الإرهاب النووي. فضلاً عن ذلك فإن القرارات الدولية قامت بتعريف للإرهاب الدولي. وبما أن بعض هذه القرارات استند إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ولا سيما القرارات 1373 و1540 و1566 وبالتالي تعتبر ملزمة للدول كافة من دون أي استثناء، فإن بالإمكان، إذن، اعتبار التعريف الذي أورده القرار 1566 تعريفًا دوليًا ملزمًا. – ومع ذلك فإن هذا القرار وكذلك معظم الاتفاقيات الدولية الأخرى أغفلت أمرين أساسيين متعلِّقين بالإرهاب الدولي: إرهاب الدولة والتمييز بين الإرهاب الدولي والمقاومة الوطنية. - وإذا كانت المقاومة الوطنية من أجل تقرير المصير أو من أجل رفع الاحتلال مشروعة في القانون الدولي – وهي كذلك – فإن المطلوب الآن إظهار استثنائها من الإرهاب الدولي بصرف النظر عن تعريفه الملزم أو عن تعريفاته الأخرى غير الملزمة. – وإذا كانت السياسة قد تداخلت مع القانون في مسألة التوصيف والعقاب. فإن تركيز هذا البحث كان يتمحور حول الإطار القانوني وليس السياسي لمسألة وربما لمشكلة الإرهاب الدولي. ولكن هذا التخصيص لا يدفعنا إلى إغفال العامل السياسي في مسألة الإرهاب الدولي. وبسبب هذا العامل السياسي نلاحظ أن ما يوصف في بعض الدوائر الغربية إرهابًا، إنما يكون في الواقع ردَّ فعل على سياسة غربية أيضًا تقمع الشعوب وتستغلها وتبتز أنظمتها السياسية تحت شعارات مختلفة. وقد خلص هذا البحث إلى مجموعة من النتائج الهامة، وهي: إن وضع تعريف موحد للإرهاب يمثل أكبر التحديات التي تواجه جهود عملية مكافحة الإرهاب، ويعود ذلك إلى طبيعة الظاهرة الإرهابية، فهو مصطلح ديناميكي (حركي) يختلف نتيجة اختلاف صور الإرهاب واشكاله وأساليبه، كما أن هناك إشكالية هامة في تعريف الإرهاب تتمثل في غياب الحيادية في وصف ظاهرة الإرهاب. -أن تنوع وتعدد أنواع الإرهاب يعود في المقام الأول إلى مدى ونطاق انتشار ظاهرة الإرهاب، وأثرها، ومن أهم تلك الأنواع التي أشار إليها البحث الإرهاب المحلي (داخل نطاق الدولة)، والإرهاب الإقليمي (امتداد الجغرافي للدولة)، والإرهاب الدولي (لا وطن ولا دين)، وأخيرا إرهاب الأفراد أو الجماعات والمنظمات الخاصة. -أن تعدد صور الإرهاب وأشكاله يرتبط بالتطور التكنولوجي والتقني الذي تشهده التكنولوجيا والصناعات الحيوية، فنجد أن هناك الإرهاب الإلكتروني (فيروسات الحاسب الآلي والإنترنت)، والإرهاب البيولوجي والكيميائي وهما الأكثر انتشاراً، والذي يعتمد على تطور الصناعات البيولوجية والكيميائية سواء داخل القطاعات المدنية أو القطاع العسكري، وأخيرا الإرهاب النووي وهو قديم عن الصور السابقة. -يتخذ الإرهاب أساليب مختلفة للقيام بتحقيق أهدافه بداية من التفجيرات بمختلف أشكالها، إلى الاغتيالات والتي تطال الأفراد، إلى الاختطاف والذي يطال الأفراد، والطائرات والسفن وغيرها، وأخيراً الأعمال التخريبية كقطع السكك الحديدية والجسور وغيرها. -أشارت نتائج البحث إلى أن مجالات العلاقات الدولية تلعب دوراً هاماً وكبيراً في انتشار ظاهرة الإرهاب سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، فهناك دولاً تقوم باستغلال المنظمات الإرهابية لتحقيق أهدافاً قد يصعب عليها تحقيقها من خلال الحروب المباشرة، كما أن هناك بعض الدول التي تقوم بتقديم الدعم للمنظمات الإرهابية والشخصيات الإرهابية كحق اللجوء السياسي مثلاً، أيضاً مساعدة بعض الدول للدول الراعية للإرهاب. -تُعد الولايات المتحدة الأمريكية من أكثر الدول التي تؤدي دوراً محورياً في انتشار ظاهرة الإرهاب، فهي تأخذ من حربها على الإرهاب ذريعة لتحقيق أغراضاً سياسياً وعسكرية في منطقة الشرق الأوسط، إلى جانب فرض سيطرتها على آبار النقط في المنطقة. -يمثل الإرهاب تهديداً مباشر لقضايا السلام الدولية الحالية، فوجود منظمات إرهابية داخل مناطق النزاعات الدولية يعطي دلالات قد تكون خاطئة حول اشتراك تلك المنظمات في العديد من أعمال المقاومة، كما هو الحال في العديد من قضايا الشرق الأوسط وفي مقدمتها الصراع العربي الإسرائيلي. -من أكثر الآثار السلبية على الحياة السياسة جراء ظاهرة الإرهاب إساءة استعمال امتياز الحصانة الدبلوماسية واستخدمها في تمرير الصفقات المشبوهة كصفقات السلاح والأموال. -إن محاولة البعض إلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام هي محاولة للنيل من سمعة المسلمين، وليس الإسلام كما يدعي البعض فالإسلام ديناً سماوياً لا يمسه شيء، ولكن الضرر كل الضرر على المسلمين الذين ألصقت بهم تهمة الإرهاب. -تمثل الإرهاب تهديداً مباشراً أيضاً لوحدة أراضي الدول، فهو قد يكون قائماً بهدف تدمير وحدة الدولة وزعزعة امنها واستقرارها من خلال تقسيم الدول إلى دويلات، للقضاء على وطنية ووحدة الشعوب. -تُعد الشائعات وترويج الأفكار المتطرفة أهم أساليب ووسائل المنظمات الإرهابية، لذا فإن انتشار ظاهرة الإرهاب من خلال تلك الوسائل يتسبب في حدوث فوضى عارمة تؤثر على الأوضاع الأمنية داخل الدولة، ومن ثم تهديد حياة وممتلكات الحكومات والأفراد معاً. -إن قيام المنظمات الإرهابية والإرهابيين بعمليات التفجيرات المستمرة وفي ظل مطاردة عناصر الأمن لهم، يؤدي إلى نتائج سلبية في مقدمتها الفزع والهلع للمواطنين، تراجع شعبية أجهزة الأمن في حال عدم قدرتها على مقاومة تلك العناصر الإرهابية، ومن ثمّ فقدان المواطنين الثقة في رجال الأمن، كما تتسبب عملية المطاردة إلى فقدان الأرواح من عناصر الأجهزة الأمنة مما يتطلب زيادة أعداد أفراد الأجهزة الأمنية لتعويض الخسائر البشرية. -إن استمرار العمليات الإرهابية أمر يتطلب ضرورة قيام الدول والمنظمات الدولية بإصدار تعليمات أمنية جديدة، من شأنها الحد من مخاطر العمليات الإرهابية، وذلك من خلال مجموعة من الإجراءات الاستباقية، كما يتطلب الأمر أنشاء تنظيم أمني جديد يتمثل إما في إنشاء تصميم تنظيم أمني جديد أو إعادة هيكلته، كما يتطلب كذلك وضع مجموعة من القواعد الأمنية الجديدة تكون أكثر صرامة لمواجهة الأعمال الإرهابية. -من الآثار الأمنية الخطيرة المترتبة على ظاهرة الإرهاب ضرورة إعادة وضع سياسات أمنية جديدة لتحكم وضبط الأجهزة الأمنية العامة في مجال مكافحة الإرهاب. -تتسبب العمليات الإرهابية الإلكترونية في ضرب الأنظمة المعلوماتية الأمر الذي يتطلب إنشاء قاعدة بيانات مركزية حديثة مع العمل على تبادل المعلومات للمحافظة عليها من الاختراق والتلف. -تنعكس جريمة الإرهاب على الأوضاع الأمنية من خلال علاقتها بالجريمة المنظمة في ظل التطور التكنولوجي الهائلة، الذي يتسبب في اتساع رقعة الآثار المترتبة على عمليات الإرهاب، كما أنه عمليات الإرهاب أصبح أحد أدوات الجريمة المنظمة والتي تستخدم لتحقيق أهداف سواء على مستوى الأفراد أو على مستوى الدولة.
التوصيات:وضع تعريف محدد وشامل لمفهوم الإرهاب تتبناه كافة الدول والمنظمات الدولية والإقليمية. -وجوب عقد الأبحاث والدراسات عن الآثار السياسية والأمنية المترتبة على ظاهرة الإرهاب على كافة المستويات (المحلي والإقليمي والدولي)، والعمل على التكامل فيما بينها. -عقد الاتفاقيات الدولية الثنائية أو متعددة الأطراف حول جريمة الإرهاب، وتفعيل بنودها. -تزويد الأجهزة الأمنية بالتقنيات الحديثة اللازمة لمواجهة الإرهاب بكل صوره وأشكاله. -إنشاء وتطوير الأنظمة الأمنية، بحيث تتواكب مع التطور النوعي في العمليات الإرهابية. -التدريب الدائم والمستمر لأفراد أجهزة الأمنين العالمين في مجال مكافحة الإرهاب. -عقد ميثاق شرفي دولي يختص بتحديد آليات العمل الدبلوماسي بين الدول في مجال مكافحة الإرهاب، كقضايا تسليم وتسلم العناصر المطلوبة أمنياً (الإرهابيين) عدم استغلال القنوات الدبلوماسية في تحقيق أهداف المنظمات الإرهابية. -وضع استراتيجية أمنية بالتعاون بين الأنظمة الأمنية المحلية والإقليمية والدولية لتضيق الخناق على المنظمات الإرهابية وتجفيف مصادر تمويلها. -السعي لتطوير المنظومة القانونية الدولية المتعلقة بالإعلام من اجل حظر الخطاب الاعلامي المحرض على العنف والكراهية والتكفير والارهاب والانشطة الدعائية التي تروج وتدعم الجماعات الارهابية -تعزيز التعاون الدولي فيما يتعلق بمجال تعزيز المعلومات والخبرات والاستجابة الى طلبات تسليم المجرمين والمتهمين بجرائم ارهابية او المحكوم عليهم والتعاون في مجال مكافحة غسيل الاموال وتمويل الارهاب". -"تقويم جهود المجتمع الدولي في مكافحة الارهاب وعلى وجه الخصوص الاجراءات العملية التي تتخذها الدول لمنع استخدام اراضيها لانطلاق الانشطة الارهابية تجاه الدول الاخرى"، -تطوير القوانين الوطنية المتعلقة بمكافحة الارهاب بما في ذلك التمويل والترويج والتجنيد والتحريض وفقا للمواثيق الدولية وقرارات مجلس الامن ذات الصلة". -حث الدول على تنظيم تدابير وتشريعات وطنية قادرة على منع الارهابيين من استخدام قوانين اللجوء والهجرة للوصول الى مأوى امن واستخدام اراضيه كقواعد للتجنيد والتدريب والتخطيط والتحريض وشن العمليات الارهابية منها ضد دول اخرى -ضرورة "تفعيل الاتفاقيات الاقليمية والدولية المتعلقة بمكافحة الارهاب وضرورة توافر الارادة السياسية لتنفيذ هذه الاتفاقيات". -اعتماد استراتيجيات وطنية لمكافحة الارهاب تتضمن الجوانب القانونية والامنية بالإضافة الى معالجة كافة اسبابه الاجتماعية والاقتصادية والفكرية والثقافية"، -نشر ثقافة حماية وتعزيز حقوق الانسان وفق المعايير الدولية التي تعد عاملا اساسيا للقضاء على الارهاب، وكذلك تعزيز دور المرأة في مكافحة الارهاب حسب قرار مجلس الامن 1325"، -دعوة المجتمع الدولي لتحديد يوم عالمي لتخليد ضحايا الارهاب". - مطالبة الدول بإعداد برامج تربوية وثقافية تستهدف تحصين الشباب من التطرف الفكري والديني الذي ينمي ظاهرة الارهاب"،