الإرهاب وما يسمى الربيع العربى ومقاطعة قطر .... من الخاسر؟

الإرهاب وما يسمى الربيع العربى ومقاطعة قطر .... من الخاسر؟

بعد إنتهاء والتخلص المتتالى من الإحتلالات الأجنبية لمنطقتنا العربية وقارتنا الأفريقية فى الألفية الماضية أصبح من الصعب إعادة الإحتلال والسيطرة والاستغلال للثروات الطبيعية بصورته التقليدية كما كان من قبل؛ فأضحى لتلك القوى ذاتها نهجها وأسلوبها المتطور قصير وطويل المدى للسيطرة والاستغلال بطريقة مستحدثة خلف أقنعة متنوعة وبأيدينا نحن التى يحركونها هم مثل الدمى فى مسرح العرائس أو قطع الشطرنج فى أيدى لاعب ماهر. يستهدفون إنهاك الدول وإضعافها، وتفكيك جيوشها وتفتيت وحدتها، وجعلها فى صراعات ومواجهات وعقبات دائمة ، وتظل بلا اقتصاد قوى أو سلم اجتماعى كى تبقى دائما تبحث هنا وهناك عن أية قشة نجاة حتى لو كانت فى أيدى أعداءها أو كان فى سبيلها فرض إتاوة وانقياد واستسلام.
وأرى أن خلق الإرهاب فى العقود الماضية وزرع وتغذية ورعاية الجماعات المتطرفة كصورة من صور الحرب الباردة من جانب، وإشعال نار فوضى ما تم تسميته بثورات الربيع العربى كرصاصة صامتة فى قلب الاستقرار والسلم المجتمعى الوطنى والقومى من جانب آخر؛ قد أنجزت ما أرادوه وما خططوا له وأكثر مما لو كانوا سيروا جيوشهم وأعادوا كرة الاحتلال التقليدى قرونا أخرى. ليتنا نسأل أنفسنا من المستفيد ومن الخاسر من تلك الجماعات المتطرفة والإرهابية بأشكالها المتنوعة فى كل منطقتنا؟ ومن المستفيد ومن الخاسر مما سموه بثورات الربيع العربى؟ شعوبنا وبلادنا وجيوشنا هى الخاسرة بلا شك. الإرهاب وريح السموم التى حملته ما سمى بالربيع العربى أدى إلى إضعاف وتفتيت ودخول منطقتنا برمتها فى حالة فوضى وإنهيارات إلى أجل غير مسمى. أوطاننا هى الخاسرة من تلك الجماعات المتشددة والإرهابية التى تغذت ونمت فى غياب التعليم الجيد ونشر الوعى السليم وبث الرسائل الإعلامية الهادفة والملبية لاحتياجات ودوافع العامة وغياب بعض صور العدالة الاجتماعية. بلادنا التى باتت تعانى ضعفا وعدم إستقرار وتمزقا وصراعات وحروبا داخلية وجانبية تكبح عجلة النمو والإزدهار وتهلك كل غرس طيب وتوقف كل مساعى التنمية والاستقلالية. لم تستفد بلادنا مما أسموه الربيع العربى غير تساقط الدول وتفكك جيوشها وضياع ثرواتها وتشرد شعوبها وتفتيت وحدتها وانهيار اقتصادياتها وصعوبة أو استحالة العودة إلى النقطة التى كانوا عليها قبل ذلك.
وللأسف تبنت هذه الجماعات المتشددة وتلك الثورات المدمرة بعض الدول العربية تنفيذا لأجندات خارجية أو طموحا فى زعامة غير حقيقية ودورا وهميا للقيادة والإدارة عبر قنواتها الإعلامية المحرضة والمضللة والتى لا تركز إلا على دول عربية بعينها مثل مصر بغية تفكيكها وإضعافها، ومن خلال إيواءها لقيادات التطرف وللمارقين والخارجين على القانون والهاربين من المحاكمات، وتقديم الدعم المادى الهائل لهم من ثرواتها الطبيعية التى وهبها الله لتكون دعما وعونا لجيرانها وعروبتها وليس إضعافا وتمزيقا لهم.
والتاريخ يعيد نفسه أيضا وتشاء الأقدار من جديد أن تتوقف تلك الإنهيارات والتساقطات عند درع مصر المحروسة والموعودة بالحفظ والأمن والأمان من الله؛ فهيأ لها قيادة حكيمة وطنية مخلصة وجعل لها مثلثا منيعا قاعدته جيشها الوطنى الحصين وباقى الأجهزة الأمنية والإدارية وضلعين وطنيين يتمثلان فى الأزهر الشريف بوسطيته ووطنيته والكنيسة المصرية بوعيها ودعمها وتضحياتها؛ فلم ولن تسقط مصر أو تنهار وتتفكك كغيرها. بل تدريجيا أصبحت أكثر قوة وصلابة وعزيمة على حماية نفسها ومنع جاراتها وأمتها من استمرار السقوط ومن الانهيار بكل ما تستطيع من قوة وأدوات، شعرت جدا بهذه القوة والثقة والوعى مجددا فى خطاب سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى القمة العربية الأمريكية بالرياض ورسائله القوية والواضحة والمحددة، وتبدى هذا الدور الإيجابى والوقائى فى اجتماع وزير خارجيتنا فى القمة الثلاثية بالجزائر بشأن استقرار ووحدة جارتنا ليبيا، وظهر ذلك أكثر قوة وعزما ووعيا فى مشاركة ودعم وتفعيل توجه المقاطعة وربما المواجهة الحازمة لمن يدعم كل من يفتت بلادنا العربية ويمزق وحدتها ويفكك جيوشها ويبقى على ضعفها وانهيارها حتى لو كانت دولة عربية مثل قطر أو دولا أخرى غير عربية.
لا نتمنى ضياعا أو انهيارا لدولة عربية أخرى كما حدث من قبل للعراق حين حاد صدامها عن طريق العروبة والجيرة ووقع بغروره فى فخ دولة عربية شقيقة مسالمة تحب الخير للجميع طوال تاريخها ، فضاع العراق وتفتت وعادت وبقيت وازدهرت الكويت بخيرها وانسانيتها. زلزال المقاطعة لاشك له تأثيره القوى وتوابعه تتلاحق بسرعة على جميع الجوانب اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا. ليت من يغذى الإرهاب ويرعاه ومن يدعم ما يقرق الوحدة العربية ويهد فى البنيان العربى ينتبه لأخطائه ويتراجع عن سياساته المارقة الجانحة عن السرب العربى قبل أن يفقد كل شئ؛ فقوة بلادنا من وحدتها واستقرارها وأمنها، وقوة أمتنا من وحدتها واستقرارها وأمنها.
 

مقالات مشابهه

من قسم آخر


التقيمات

راديو القمة

radio

الأكثر قراءة

فيس بوك

a
;