المحليات في مصر قديما وحديثا 

المحليات في مصر قديما وحديثا 

تعد المجالس الشعبية المحلية فى مصر على مختلف مستوياتها المدرسة الأولية التى يتعلم فيها المواطن ألف باء السياسة، لما تتيحه من فرص المُشاركة.
لقد مرت مصر على مدار عقود بعدة مراحل تنظيمية لإدارة شئون البلاد، تم من خلالها تقسيمات عديدة وبمُسميات مختلفة، إلى أن استقر الأمرعلى تقسيم الجمهورية إلى وحدات إدارية تتمتع بالشخصية الاعتبارية، منها المحافظات والمُدن والقرى، ويجوز إنشاء وحدات إدارية أخرى تكون لها الشخصية الاعتبارية إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك، وقد تم إنشاء مجالس شعبية بمستويات مختلفة تعمل على إدارة شئون المواطنين وتوفير المرافق والخدمات المعيشية اللازمة لهم.
والمجالس الشعبية المحلية بمستوياتها الخمسة [ المحافظة - المركز - المدينة - الحى - القرية ] تختص بالرقابة والإشراف على المرافق والأعمال التى تدخل فى اختصاص الوحدات المحلية، فضلاً عما تمارسه المستويات العليا لهذه المجالس من صلاحيات رقابية على المستويات الأقل، كما تحظى تلك المجالس بصلاحيات قانونية تخولها سلطة الإشراف والمتابعة والإقرار على نشاط الجهات الخاضعة للرقابة، بهدف الوقوف على حُسن قيام الأجهزة بالمهام الموكلة إليها، ومدى التزامها بالخطة الموضوعة وذلك من خلال آليات مُعينة.
يعتبر عام 1909 ليعتبر الميلاد الحقيقى لنظام الادارة المحلية وذلك بصدور القانون 22 لسنة 1909 الذى اعترف بالشخصية المعنوية لمجالس المديريات وتصريف امورها بنفسها وحدد اختصاصاتها وحقها فى فرض رسوم مؤقته بل وحقها فى ابداء الرأى فى كل الأمور التي تهم المديرية وسكانها. وفى عام 1913 صدر القانون رقم 30 لسنة 1913 لينظم عمليات انتخابات المجالس البلدية. ومع صدور دستور 1923 اتخذت المجالس البلدية مكانها الدستورى وما يسمى بالحماية الدستورية حيث نظم دستور 23 اختصاصات هذه المجالس كما نص على المبادئ الواجب اتباعها فى القوانين التى تنظم عملها وانتخاب أعضائها. وبذلك اعتبر هذا اول اعتراف دستورى بالنظام المحلى خاصة المادتين 132 و 133 وما نصت علية من تشكيل جميع مجالس المديريات والبلديات بالانتخاب ومنحها اختصاصات تتعلق بنتفيذ السياسة العامة محليا والزمها بنشر ميزانياتها وفتح جلساتها أمام المواطنين. تلك الفترة كانت من اهم المحطات فى مصر المحروسة تتعلق بالنظام المحلى. وبعد ثورة 23 يوليو 1952 تم العمل على تطوير تجربة النظام المحلى والعناية بالمجتمعات المحلية وتوسيع قاعدة الخدمات المحلية. وبعدما أفصح الدستور المؤقت سنة 1956 عن اهتمامه بالاداء المحلى كانت الخطوة الكبيرة والتاريخية فى اتجاه تعميق وتطوير التجربة المصرية فى النظام المحلى وتم صدور القانون 124 لسنة 1960 والذى نص صراحة على مسمى الادارة المحلية كنظام عمل قانونى لادارة المجتمعات المحلية. ثم جاء دستور سنة 1971 ليؤكد على نظام الادارة المحلية فقد وضع نظام الادارة المحلية ضمن السلطة التنفيذية تنقسم الى وحدات ادارية تتمتع بالشخصية الاعتبارية وهى المحافظة – المركز – المدينة – الحى – القرية وبذلك اصبحت التقسيمات الادارية خمس تقسيمات ادارية بدلا من ثلاثة. وفى ظله صدر قانون الادارة المحلية رقم 57 لسنة 1971 وكان بداية فصل التكوين التنفيذى عن الشعبى حيث اوجد لجنة شعبية برئاسة امين عام الاتحاد اللاشتراكى ولجنة تنفيذية برئاسة المحافظ. وكانت المحطة الهامة فى تاريخ الادارة المحلية فى مصر بصدور القانون رقم 52 لسنة 1975 ليصبح نقلة نوعية كبيرة وخطوة واسعة فى تجربة الادارة المحلية المصرية فهو أول قانون: • يفصل بين المجالس المحلية واللجان التنفيذية. • نظم انتخابات المجالس المحلية على كافة المستويات. • حدد اختصاصات لكل من المجالس المحلية واللجان التنفيذية اكثر وضوحا عن ذى قبل. ثم صدر قانون 43 لسنة 1979 وما تلاه من تعديلات وقد تميز بالاتي: • استبدل بتسمية المجالس المحلية مسمى المجالس الشعبية المحلية بما يتفق واحكام الدستور.
هناك اهتمام بتطوير الإدارة المحلية في مصر ودعم اللامركزية باعتبارها أولوية من أولويات الإصلاح لتحقيق التنمية الشاملة، لاسيما في ظل عجز الحكومة المركزية عن الوفاء بكافة احتياجات المجتمع من ناحية، وندرة وسوء استغلال الموارد الطبيعية والبشرية من ناحية أخرى. ويشكل نظام الحكم المحلي مطلبا مهما في منظومة التنمية، بما يلعبه من أدوار في إحداث التواصل بين الإدارة المركزية على مستوى الدولة وكافة قطاعات المجتمع الشعبية في المحافظات والمدن والقرى.
وعلى الرغم من أهمية الدور المفترض أن تلعبه المحليات إلا أن المتتبع لهذا الدور يرى أنها فقدت قدرتها على إدارة المرافق والخدمات حيث وصلت إلى مستوى من التدهور والفساد أفقدها التأييد الشعبي تجاه سياسات الحكومة في معالجة قضايا المواطنين ويتجدد الأمل في أن يكون للمجالس المحلية دور حقيقي في مراقبة الأداء، وضمان وصول الخدمات للمواطنين. خاصة أن غياب هذه المجالس على كافة مستوياتها -منذ صدور حكم قضائي بحلها عام 2011- كان له أثر سلبي على أداء كافة الأجهزة التنفيذية بالمحافظات، وعلى تنفيذ المشروعات الخدمية للمواطنين.

مقالات مشابهه

من قسم آخر


التقيمات

راديو القمة

radio

الأكثر قراءة

فيس بوك

a
;