فى موعد المحاضرة المعتاد كان طلاب الفرقة الرابعة بقسم الفلسفة فى كلية الأداب بجامعة القاهرة يزينون المدرج لإستقبال الدكتور بدر الدين مصطفى أستاذ الفلسفة المعاصرة وعلم الجمال بجامعة القاهرة ،والبعض منهم وضع على المنصة حامل للقرأن وبعض الهدايا التذكارية إلى أستاذهم المبدع والكاسر لكل تابلوهات الاكاديمية البحتة والروتين القاتل الذى يتخرج منه ألاف الطلاب بكل عام دون حصيلة معرفية تذكر، فكانت المفاجأة بدخول د"بدر مصطفى" وهو يحمل علبة مغلفة حاملة لقالب كبير من الجاتوه كتب عليه "إهداء لدفعة 2013/2017 د بدر مصطفى،بينما تبعه أثنين من العاملين وهم يحملون أطباق من الفايبر و الأشواك البلاستكية ،وشكر طلابه على تجهيز المدرج ومفاجاتهم الجميلة له،بينما شارك فى الحفل الفنان "أحمد سعيد" بباقة من أروع أغانيه " فى بنت جميلة بتعدى الشارع "، و "أيوة حغنى" ، وتشارك الطلاب إلتقاط الصور التذكارية مع أستاذهم فى سعادة ،بينما قدمت له الطالبة إيمان مدحت لوحة كبيرة رسم بها "بدر الدين مصطفى "، وإستعرضت إيمان عبد الله المذيعة الصاعدة فيديو يجمع الدكتور مع طلابه وفى خلفيته "من غيرك مش حتكمل"، وصفق الجميع بحرارة وهم يشكرون أستاذهم ،مشهد قلما نجده فى واقعنا المعاصر .
ولما كان الإعلام مسلطا للضوء على السلبيات فى التعليم العالى مثل إستخدام أستاذ لسلطته وتعسفه فى فصل أحد الطلاب أو رقص أستاذة جامعية،فكان علينا تركيز الضوء على تلك النماذج المشرفة التى يجب أن تتباهى بها مجتمعاتنا المصرية والعربية، فدكتور بدر الدين مصطفى أستطاع أن يحصد حب وإحترام جميع طلابه له ،إضافة لبهجة وقوة حضوره ،ودعمه الدائم للطلاب ، فهو أستاذ غير إعتيادى بالمرة ،حيث يمزج الفن بالفلسفة ،فلا تشعر معه بإنك أمام مادة علمية غاية فى الصعوبة ويتشتت عقلك ما بين المصطلحات الغامضة التى ما أن تلبث أن تحفظها لكى تنساها،فجعل المواد المقررة التى يدرسها مرتبطة بالواقع المعاصر،وقد أنزل الفلسفة من برجها العالى إلى عامة الناس والبسطاء،حيث يحرص الطلاب من أقسام أخرى على الحضور له والإستمتاع بالثقافة التى يلقيها عليهم وتدوم معهم مدى الحياة ،ولا تستطيع أن تحدد أن كان "بدر مصطفى" ماركسيا أم شيوعيا أم لأى تيار فكرى ينتمى..؟، فهو ذاته وذاته فقط أى أنه مدرسة فلسفية كبرى ،كما أنه لا يفرض سلطته على الطلاب ولم يجبرهم فى يوم على شراء كتبه ،فلم يخلق منهم نماذج مصغرة منه كما يفعل العديد من الأساتذة بل يترك لهم دائما الباب مفتوحا للمشاركة والإبداع لكى يكونوا متلقيين إيجابيين ،وفى السطور القليلة القادمة سنعطى نبذة سريعة عن الأستاذ والمبدع والمفكر الكبير بدر الدين مصطفى .
"دكتور بدر الدين مصطفى "ما أن تسمع اسمه حتى تبتسم بشكل تلقائى لبشاشته و إنسانيته مع جميع طلابه وإبداعه المتجدد وتحليقه خارج سرب الجمود والتعقيد الأحمق ، كما يذكر حصول "بدر " على العديد من الجوائز مثل جائزة زكى نجيب محمود وجائزة الشيخ مصطفى عبد الرازق والبروفيسور أندريه لالاند ،وجائزة الدكتور توفيق الطويل ،ومن أهم كتبه حالة ما بعد الحداثة ،والميتافزيقا وفلسفة ما بعد الحداثة والمشكلات الفلسفية ، كما يذكر أن له العديد من المقالات الهامة والتى أحدثت نقلة كبرى فى الفكر العربى المعاصر وهى "إغواء الصورة وهل تعد دافعا للشراء..؟،تصوير الشرق الاوسط سينمائيا ،وسلطة الصورة فى الثقافة المعاصرة والإعلام ودوره وتأثيره علينا وعلى وعى وثقافة الشعوب العربية ،نتمنى أن نجد نموذج "بدر الدين مصطفى " فى المجالات المختلفة لتنهض وتتقدم مجتمعاتنا ونواكب التطور العالمى ،حيث تكون الإنطلاقة دائما من التعليم ، ولطالما فى نماذج مشرفة ومبدعة فسنكون دائما بخير.