خل الأسري الفلسطينيون في السجون والمعتقلات الاسرائيلية في اضراب شامل عن الطعام تنفيذا لدعوة المناضل الفلسطيني مروان البرغوثي الذي يقبع في سجون الاحتلال منذ خمسة عشر عاما ليقضي حكما عليه بالسجن المؤبد . وقد تبع ذلك نقله الس سجن آخر أكثر صرامة وقسوة من السجن الذي كان فيه , كما تم مضاعفة الاجراءات العقابية والتأديبية بحق هؤلاء السجناء . صحيح أن معاملة سلطات الاحتلال للأسري الفلسطينيين هي في منتهي السوء وتشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي الانساني , ولكن السؤال الآن هو : بماذا يجدي مثل هذا الاضراب الشامل عن الطعام ؟ وهل يهم اسرائيل موت هؤلاء المعتقلين أو بقائهم علي قيد الحياة ؟ وأليس موتهم والتخلص منهم هو الهدف والغاية , خاصة عندما يكونوا هم من قرر الانتحار حتي يقف العالم شاهدا عليهم ؟ وهل الاضراب عن الطعام هو ما سوف يلفت نظر المجتمع الدولي اليهم ويحرك ضميره ويدفعه للضغط علي اسرائيل للافراج عنهم من سجونها ؟ لا اعتقد بالمرة , فقضايا الأسري الفلسطينيين , وسوء معاملتهم في السجون والمعتقلات الاسرائيلية المحتجزين فيها لم يعد لها مكان علي الأجندة الدولية , فقد تراجعت أهميتها وتلاشت أمام كل هذه الصراعات والأزمات والحروب الأهلية التي تطحن المنطقة ولا تجد طريقا الي الحل , والي الحد الذي لم يعد أحد يتذكر معه القضية الفلسطينية وما يحدث للفلسطينيين في مناطق الاحتلال من جرائم وانتهاكات .
أردت أن أقول أنه رغم عدالة قضية هؤلاء الأسري الفلسطينيين الذين نسيهم العالم , فان الاضراب عن الطعام أصبح وسيلة عقيمة وغير مؤثرة في الضغط علي سلطات الاحتلال بدليل أن منظمة واحدة من المنظمات الدولية التي تملأ العالم صراخا حول انتهاكات حقوق الانسان في كل مكان كمنظمة العفو الدولية وغيرها , وكذلك المجلس الدولي لحقوق الانسان في الأمم المتحدة لم تتحرك لتدين هذه الممارسات القمعية في السجون الاسرائيلية , وفي غيرها من أماكن الاحنجاز حيث يقبع الكثير من هؤلاء الأسري بلا محاكمات وبلا أمل في الخروج منها .
الموقف الذي وصل اليه حال القضية الفلسطينية هو وبكل تأكيد أعقد بكثير من مسألة اضراب عن الطعام الذي هو في كل الأحوال قرار انتحاري يائس من قبل سجناء يقتلهم الاحتلال بوسائله المعروفة عنه , وهم ما يزالوا احياء بعيدا عن نظر المجتمع الدولي . نحن أمام صراع حياة أو موت بالنسبة لاسرائيل وحكامها ممن يسابقون الزمن لابادة الفلسطينيين وطي صفحتهم الي الأبد , ولكنه ليس كذلك بالنسبة للقادة الفلسطينيين المنشقين علي أنفسهم ممن لم يعد يعنيهم خروج هؤلاء الأسري من سجون الاحتلال أو بقائهم فيها لينتهوا كأسوأ ما تكون النهايات . هذه هي المأساة الحقيقية التي ليس بعدها مأساة . سوف يستمر الاضراب , لكن ماذا سوف تكون النتيجة ؟