أحياناً كثيره يصبح الانسان وخصوصاً المفكر مجبراً لتوضيح وتبرئه نيته عند طرح فكره معينه ،ويحدث ذلك بالاخص عند الأحداث الكارثيه، لأنه في الغالب يكون الجميع واقع تحت تهديد الارهاب والعنف الفكري المتسلط.
ففي هذا المناخ تحدث الكثير من المتغيرات للأشياء المعتاده وتنقلب كل الموازين الطبيعيه لتصبح اكثر غرابه ،فتصبح الأفكار والإجتهادات أسس ومباديء حتميه،والنزعات تتحول عقائد مسلم بها، والعناصر تتغير لتصبح اهداف غير مقبول تعديلها او إبداء الرأي فيها .وهنا أتحدث بفكر واعي عن الثقافه العامه للسلام،
السلام الانساني ككل ونبذ العنف والإساءه وليس الحرب والسلام بين الدول بالعالم فقط .
وهنا يلوح لنا سؤال هام …
هل يمكن إدراك ان السلام والقتال من أجله ضروره حتميه أم هو فقط عند الضروره ؟
السلام الإنساني هو موقف وسلوك وليس مبدأ ويجب إتخاذه لإظهار الحق وتحقيقه،
فالسلام حالة ساميه رفيعه القدر تعني السواء الإنساني الجليل والأصول التي أرساها الإسلام وجميع الاديان ، أيضا لأن السلام حق وواجب في نفس الوقت.
فنجد أن ثقافتنا العربية على مدار القرون كانت ثقافة سلام مع النفس والروح ومع البيئة المحيطة والمجتمعات بالعالم، غير انها فجأة تحولت “ثقافة السلام الانساني ” لموضع مثيراً للشك والجدال والتي مؤكد انها جدالات ليست في محلّها.
فالمجتمعات ساهمت بطريقه أو بأخري في اختلاف مفهوم الثقافه بشكل عام وثقافه السلام الانساني ونبذ العنف بشكل خاص ،حيث تعتبر الثقافه حصيله فكر وتفاعل مابين الانسان والبيئه المحيطه سواء ماديه او إجتماعيه والخلفيات التاريخيه إلي جانب المعرفه المأخوذه علمياً ودينياً وعوامل كثيره جداً تؤثر في هذه الثقافه للانسان،
فالثقافة ليست بالثوابت التي لا تتغير ولا يمكن تجديدها ذاتياً، فالتغير الثقافي بالغالب مقصود وهدف يحدث بالتخطيط بين البشر بالمجتمعات.
حيث يقوم الأفراد من المفكرين والصفوه بدورهم المأمول لأنها الفئه الأكثر إئتماناً على مجتمعاتها فتدعو لتأكيد البعض وتهميش الأخرى ،فكل جيل ينتقي مايميزه من الماضي والحاضر.
ومالانرغب به هو تحول ثقافه السلام الي ثقافه الاستسلام والخنوع حيث يعتقد البعض انها مرادفات وهذا غير صحيح فالسلام يعني الأمان والإطمئنان وهو النقيض للعنف والعدوان ،الذي بدوره يأتي فيقضي علي كل الوجود ويشرد البشر ويتسبب للأفراد بالآلام والنكبات .
فالحديث عن ثقافه السلام يتطرق بنا الي ذكر المتغيرات المسببه للحرب والعنف فكلا الحالتين ثقافه وفكر وينبع اساساً من عقل الانسان ومخططاته وليس مسلمات وعقائد.
فالبعض يؤمن به كضرورة وهذا الذي يكمن داخل اعماق نفسه الوحش العنيف ،
أما الآخر يلجأ اليه عند الضروره وهذا الذي يريد به تحقيق الحق والحصول عليه رغم إيمانه القوي بالسلام الانساني ولكن نشوه العنف والقتل لدي الآخرين تضطره لذلك.
ومن هنا تأتي عمليه الإختلال الثقافي الناتج من اختلال المعايير والناتج كوارث لاحصر لها بين الأمم.
فالثقافه الحقيقيه يجب ان يكون هدفها الأساسي حث الافراد علي مايميزه عن باقي المخلوقات،
وتملي عليهم ما يستحق القتال من أجله والبعد عن الثقافات العدائيه .
فالحرب ليست طبيعه انسانيه ولكن هي من اختراع الإنسان ، وناتج حتمي لاعتبارات التنافس ومشاعر الخوف والانتقام بين البشر.
وكما يشير الباحث الأميركي كيلي بدراساته …
فإن الحرب ليست صفة اساسيه بأمة دون أخري ، بل انه قد يأتي التاريخ بأمة في حاله حرب بحقبه ، ثم تأتي نفس الأمه بمرحلة تالية في حالة من السلم طويله الأمد .