حذرت دراسة أكاديمية للباحثة الفلسطينية ليندا فخري المجايدة من مخاطر سد النهضة الأثيوبي على الأمن المائي المصري والسوداني .
وتناولت الدراسة التي حملت عنوان: "سد النهضة الأثيوبي وتداعياته على الأمن المائي المصري والسوداني"، الآثار السلبية لمشروع سد النهضة الأثيوبي وتداعياته المحتملة على الأمن القومي المصري والسوداني في ضوء احتمالات انهياره الكبيرة، في ظل إصرار أثيوبيا على بنائه في نفس الموقع، وبنفس المواصفات التي تساهم في جعل السد يحمل الكثير من المخاطر الاقتصادية والمائية والبيئية على دول المصب.
وركزت الدراسة التي نالت بموجبها الباحثة درجة الماجستير في العلوم السياسية من جامعة القدس الاسبوع الماضي , على العلاقات المصرية الأثيوبية والعلاقات السودانية الأثيوبية، والدور الإسرائيلي في قضية سد النهضة، والتغلغل الإسرائيلي في منطقة القرن الأفريقي، ومحاولتها العبث بقضية المياه بشكل عام، وقضية مياه نهر النيل على وجه التحديد؛ للضغط على مصر للسماح لها بالحصول على حصة من مياه نهر النيل.
وقد أوضحت الدراسة المخاطر الاقتصادية والزراعية والاجتماعية والبيئة التي يمكن أنْ تترتب على استمرار أثيوبيا في بناء السد وفق العديد من الدراسات التي قامت بها شركات ومكاتب استشارية وهندسية عالمية، خلصت في معظمها أنَّ لسد النهضة تداعيات كبيرة على الأمن القومي المصري والسوداني، مع احتمال انهيار السد، سواءً بسبب حدوث زلازل في المنطقة التي تعتبر منطقة نشطة لحركة الزلازل، أو بسبب تراكم كميات كبيرة من الطمي؛ ما يرفع منسوب المياه أكثر من قدرة السد على التحمل.
وقد استخدمت الدراسة المنهج الوصفي التحليلي؛ لوصف وتحليل الموقف المصري والسوداني من السد، وأهداف أثيوبيا من بناء السد، ومحاولة إسرائيل اللعب بورقة سد النهضة، والتعاون الإسرائيلي الأثيوبي في كثير من المجالات .
خطر حقيقي
وقالت الباحثة ان سد النهضة يشكل خطرًا استراتيجيًا على الأمن المائي والأمن القومي المصري والسوداني، نتيجة للتداعيات والآثار السلبية التي سوف تترتب على بنائه في الموقع المخصص بنفس المواصفات التي تحمل الكثير من الأخطاء الهندسية والفنية.
حيث يجمع الخبراء على وجود آثار كارثية مدمرة لسد النهضة على مصر، سواءً عند تشغيله وبدء عملية تخزين المياه وتفاقم الأزمات مع مرور الوقت بعد التشغيل؛ فالآثار سوف تكون كارثية حال سقوطه وانهياره؛ لوجود احتمالات كبيرة لانهيار السد.
واوضحت الباحثة ان قضيةُ سد النهضة تمثل تحديًا كبيرًا للأمن القومي المصري؛ بسبب العديد من العوامل؛ منها ما يتعلق بالمماطلة الأثيوبية ومحاولتها شراء الوقت وتثبيت حقائق جديدة على الأرض عبر سياسة تشكيل اللجان، أو ما يتعلق بالموقف السلبي لنظام البشير من السد، إضافةً لمحاولة إسرائيل استخدام ورقة السد للتأثير على الأمن القومي المصري عبر سياسة خلق الأزمات.
وخلصت الباحثة ليندا فخري المجايدة الى ان أثيوبيا تسعى لاستخدام قضية سد النهضة كورقة إقليمية مؤثرة في سبيل جعل نفسها متحكمًا رئيسيًا في قضايا المياه والتنمية في منطقة القرن الأفريقي، ما يجعل من قضية سد النهضة تتجاوز الأبعاد التنموية لأبعاد أخرى تتعلق بمصالح قوى إقليمية أخرى تريد الضغط على القاهرة من خلال قضية المياه.
وأوصت الدراسة بتفعيل مكامن القوة المصرية والعربية في مواجهة مشروع سد النهضة وتداعياته الخطيرة على الأمن القومي العربي والمصري، والبحث عن حلول إبداعية لتوفير مصادر جديدة للمياه، وعمل مشاريع في دول المنبع تخدم دول حوض النيل، مثل: شراء وزراعة أراضٍ في دول المنبع، وترشيد الاستهلاك، وعدم الإسراف في استخدام الماء، وإصلاح نظم الري المصري، واستخدام أنظمة الري الحديث؛ مما يوفر الكثير من المياه المهدرة.
وتناولت هذه الدراسة ماهيّة سد النهضة الأثيوبي الذي تسعى دولة أثيوبيا لإقامته على مياه النيل الأزرق؛ بهدف توليد الطاقة الكهربائية، عبر استعراض تعريف السد، وخصائصه وموصفاته، ومكانه، والطاقة الإنتاجية له، وتكلفته، والشركة المسؤولة عن الإنشاء، والفائدة المرجوة منه، وحدد الدراسة الأسس القانونية المنظمة لمياه الأنهار الدولية والاتفاقيات الدولية المنظمة لمياه نهر النيل، أسس الخلاف بين الأطراف المعنية.
وركزت الدراسة على العلاقات المصرية الأثيوبية والانعكاسات السلبية لسد النهضة على علاقة مصر المتوترة أصلًا بدول جنوب أفريقيا، عبر استعراض موقف دولة أثيوبيا من مشروع بناء سد النهضة والمبررات التي طرحتها في سياق تنفيذ المشروع، وحاولت الدراسة إبراز المواقف المصرية المختلفة خلال أنظمة الحكم التي تعاقبت على إدارة الشأن المصري خلال السنوات الماضية، وهي سنوات الأزمة، وأوضحت سيناريوهات العلاقات المصرية الأثيوبية في ضوء استمرار الخلافات، حتى عقب التوقيع على مذكرة إعلان المبادئ، وحدد التداعيات والآثار السلبية المتوقعة من عملية تشغيل السد على الاقتصاد المصري والبيئة المصرية من مختلف الجوانب.
كما تناولت الدراسة العلاقات الإسرائيلية الأفريقية التي بدأت عقب نشأت إسرائيل مباشرة، والعلاقات الأثيوبية الإسرائيلية، ومرتكزات هذه العلاقات والدور الإسرائيلي في قضية مياه نهر النيل، وأهمية قضية سد النهضة بالنسبة لإسرائيل، وتأثير الدور الإسرائيلي في قضية مياه نهر النيل على الأمن القومي المصري والسوداني.
توصيات وحلول
وأشارت الدراسة الي ان هناك العديد من الحلول المقترحة التي يمكن أنْ تشكل طرقًا إضافية للحد من تداعيات السد على الأمن القومي المصري والسوداني، ومواجهة مشكلة الجفاف والتصحر، المساعدة في تجاوز أزمة لحل مشكلة سد النهضة الأثيوبي، ومنها:
- العمل على تنمية محور حوض النيل، والبحث عن حلول منصفة لقضية سد النهضة، وتعزيز التعاون بين دول حوض النيل، وإقامة مشاريع مشتركة في أثيوبيا ودول المنبع تخدم دول حوض النيل وتعزز التعاون والتبادل التجاري.
- تفعيل سياسة ترشيد الاستهلاك، وعدم الاسراف في استخدامات المياه، وإصلاح نظم الري المصري، واستخدم أنظمة الري الحديث؛ مما يوفر الكثير من المياه المهدرة.
- إنشاء إدارة مشتركة بين مصر والسودان؛ من أجل انشاء محطات تحلية بمواصفات دولية وفتح مشاريع استثمارية تخدم البلدين.
- ينبغي على الحكومة المصرية تسخير طاقاتها البشرية والموارد المائية؛ من خلال عمل قنوات مائية تربط بين البلدين، واستغلالها في إقامة مناطق زراعية تخدم البلدين من خلال تعاون مشترك بينهما.
- في حالة استمرار الأزمة بدون حل سياسي عبر اللجان المختلفة يتوجب على القاهرة العمل على تدويل قضية سد النهضة؛ لمواجهة المماطلة الأثيوبية والاستمرار في سياسة شراء الوقت فرض الحقائق على الأرض، عبر رفع القضية لمجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية، باعتبارها قضية تهدد الأمن والاستقرار الدوليين.