سيدي... مازالت العصمة بيديك...مازالت تلك الكلمات القابعة في كل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة مفتقدة إلى نقطة لنبدأ بداية جديدة من أول السطر..
تلك الكلمات التي تحوي بين طياتها حقوق المرأة... ومازلت أتساءل بيني وبين نفسي :هل حصلت المرأة على كل حقوقها؟!
إنها الآن تعمل إذا أرادت.. باستطاعتها القيام بأعمال جمة لم يكن باستطاعتها الحلم أن تقم بها منذ عهدٍ ليس ببعيد..
ولكن مازال بداخلها شئ.. شيئًا لا يحسه إلا هي.. شيئًا متعلقًا بكينونتها كامرأة..
لقد حاولت جاهدة أن أضع أنا تلك النقطة.. فقمت بوضع عينة عشوائية من النساء نصب عينيّ لأجد ضالتي.. لكن.. للأسف أسفرت تلك الدراسة عن أشياء حاول أن تتحقق منها بنفسك..
إن التي حصلت على حقوقها هي المرأة القاضية، الطبيبة، المعلمة، المهندسة، الإعلامية...... وأكثرها الحقوق المادية.. ولكن مازالت المرأة ربة المنزل، متوسطة التعليم، البسيطة،والمرأة التي تحمل بيئتها إرثًا ثقافيًا لا ذنب لها به.. فأي منهن ربما لم تنل من حقوقها إلا اليسير... مازلنا ونحن في تلك الألفية نرى رأي العين أن المطلوب من الفتاة أن تكون هيفاء.. غيداء.. غرّاء.. وكل ما آخره ءاء.. بالإضافة إلى أنها تجيد أعمال المنزل.. تربية الأبناء.. فن التعامل مع حماتها وأقارب زوجها.. والتفنن في كيفية إسعاد الرجل وتقبل كل التقلبات المزاجيةلزوجها ريثما يكون... ربما واجمًا.. ناهرًا.. الأهم أن يعج البيت بإشراقها ليلمسه طوال الوقت.. أما عنه، فلابد أن يكون لديه عمل وسكن ولكن نصف ما يتميز به كونه رجل ويكفي..
مازالت الأوساط الأقل تعليمًا تتأجج بقهر المرأة فهي امرأة كادحة راضية وبرغم كل شئ يكون نصيبها تلك الجملة الشهيرة :انتي بتعملي إيه طول اليوم.. لا أبدًا إنها لا تفعل شئ.. فقط تحاول أن تتسابق مع نفسها طوال اليوم ليكون كل شئ على ما يرام.. فقط تحاول أن تقتص بعضًا من الزمن لتشملك بحنوها وعطفها..
وإن كانت المرأة عاملة اشتعلت الخلافات وخاصةً على راتبها.. وأنها ليست متفرغة لتشمل زوجها بما تشمل به النساء المتفرغات لأزواجهن.. ثم ماذا؟!
ثم ناهيك عن تلك الإشاعة المتفشية بالمجتمع حتى تغلغلت في أوصاله حتى أضحت واقعًا، وهي أن المرأة المصرية نكدية..
من أطلق هذه الشائعة؟! إن كل الدراسات أثبتت أن الرجل في بيته أكثر نكدًا من المرأة.. إن الرجل بطبعه أقل صبرًا من المرأة، فإذا أصابه ضيقًا، سرعان ما ألقى بضيه موزعًا إياه على كل جنبات البيت.. حتى يهدأ..فيهدأ الجميع، ويسعد فيسعد الجميع..
كم من امرأة تتفهم زوجها بمجرد نظرة في عينيه لأنه دائمًا نصب عينيها بكل كيانه.. وكم من رجل استقرت عينه بعين زوجته وهو لا يعلم أنها تئن..
إن أي نظرية بالعالم ليس بالأحرى أن تطبق على الجميع.. فيوجد رجال يستحقون كل التقدير والامتنان، وتوجد نساء ذوات معتقدات وطباع فوق الاحتمال.. ولكن مازال هناك معين لا ينضب بعد.. معين من الاستحقاقات التي أعطاها لها الله سبحانه وتعالى ويأبي المجتمع أن يمنحها إياها.. حينما طالبت المرأة بحقوقها قالوا :التحقي بالعمل، فظلت تتباري لتحقق شيئًا لا يعلمه الرجل، شيئًا ساكنًا ذاتها.. ساكنًا كيانها.. فعسى أن تحققه..
سيدي الرجل، لقد ظللت طيلة حياتك تردد تلك الجملة المكونة من كلمتين ، أن العصمة بيديك.. لقد مرت عليك وكان مرورها عابرًا.. لم تتمهل يومًا لتعي كنهها.. إنها تعني كثيرًا لدي المرأة.. إن العصمة أن تعصم من تحب.. ان تعصم زوجك بجناحك الأيمن، وأولادك يجناحك الأيسر، وتضمهما وهم يستبسلوا للتشبس بك.. وتطير بهما إلى أرضٍ بها بعض السعادة.. وهي لم تتمنى يومًا إلا أن تكون عصمة حياتها بيديك...