ربما لقت أسباب الخيانة وطرق علاجها أو حتى معنى الخيانة جدلاً واسعاً عند المفسرين لكنها فى النهاية هي خيانة الأمانة وإنتهاك حقوق الأخرين أو خرق لعهد بين طرفين من الممكن أن تكون عناصره من الأفراد أو من الكيانات فتخون الأفراد بعضها أو تخون الكيانات بعضها أو تخون الأفراد كيانات أو العكس والخيانة تنبع من عدم الإيمان بمقدورات الله أو الإحساس الوقتى باللا وجود لله ومراقبة الله الدائمة للعبد فتجعله لا يعرف كيف يتحلي بالأخلاق العالية التي تمنع الوقوع في بئر الخيانة ولو تحلى الإنسان بالأخلاق الحميدة والمحمدية لملأته ثقته بربه أو ثقته بنفسه فلن يشعر بشئ من النقص فى شخصيته لأن الخائن يشعر بالنقص فيحاول تعويض النقص الذى عنده بخرق القوانين والمبادئ وأخذ حقوق الأخرين أو خيانة عهده مع الأخرين
المهم فى الأمر أن الخيانة آفة إجتماعية مدمرة وكما ذكرت أن أسبابها وطرق عالجها لا تزال ضمن إطار النظريات العامة المختلفة لكنها أساس يتفرع منه الأشكال المتنوعة والعديدة لأساليب الغش والخداع والكذب والنفاق والرياء وغيرها من اللا أخلاقيات
المشكلة التى أردت سردها هى ليست الخيانة بمعناها المطلق فحسب ولكن المشكلة الأكبر هى فروعها التى سيطرت على عقول الخائنين العصريين فى عصرنا فتحولت كلمة خيانة إلى كلمة فهلوة يفتخر بها الخائن على أنه الأقدر والأفضل فى الفكر والتصرف وأنه عرف كيف يتحايل على الأخرين وأنه بمكره ودهاءه أو ذكاؤه أوقع من وثقوا فيه فى عملية نصب
وعلى ماذكرت فإن الخيانة تحولت من مرض نفسى إلى موضة يتنافس بها أصحاب النفوس الضعيفة فأصبحت تسمى عند بعض السياسيين بالسياسة بالرغم أنها سياسة مغلوطة لكنها أسهل عندهم بخرق قوانين المبادئ وإعتبارها وسيلة للوصول للهدف فأصبحت مقولة أن السياسة نجاسة تتناولها ألسنة الغير فاهمين للأمور أو الغير قادرين على قراءة الشخصيات ومعرفة وسائلهم المغلوطة وعدم القدرة على التفرقة بأن هناك شخصيات سياسية وغير سياسية مازالوا على مبادئهم الراقية غير مبالين لأى من المناصب وأن السلطان لله وحده وعلى يقين بقول الله تعالى : ( قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ ۖ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )