عجبًا للولايات المتحدة الأمريكية، تختار باراك أوباما الأسود رئيسًا لها لتظهر أمام العالم بأنها دولة ديمقراطية متحضرة، لاتعترف بالعنصرية، وتؤكد وتتفاخر بأنها بوتقة تنصهر فيها كل الجنسيات والأعراق، وتذوب فيها كل الثقافات، دولة لاتعترف إلا بالكفاءات، وتمنحهم الفرصة التي يستحقونها، وهذا بالفعل ماميز الولايات المتحدة الأمريكية، وأحد الأسباب الكبري التي جعلت الولايات المتحدة الأمريكية دولة عظمي.
وعلي حين غرة وبدون سابق إنذار وتمهيد وتحضير، وفي مفاجأة سياسية من العيار الثقيل تشبه قنبلة هيروشيما ونجازاكي التي ألقتها الولايات المتحدة الأمريكية علي اليابان، ينتخب الشعب الأمريكي (المريض بالديمقراطية) كما يصور لنا المفتونون بالحلم الأميركي دونالد ترامب!!! الرجل العنصري حتي النخاع الذي لايضطهد المسلمين فقط بل يضطهد كل الملونين ويفكر بعقلية رجعية، يشبه عادل إمام في فيلم رسالة إلي الوالي (فارس رشيد الذي حل إلي القلعة لتوصيل رسالة إلي الوالي بأن الغزاة قد دخلوا رشيد) رجل مغيب عن الوعي والإداراك، رئيس خارج نطاق الخدمة والعصر، جاء في غفلة من الزمن، والأدهي أنه يريد بناء جدارٍ عازلٍ بينه وبين جيرانه المكسيكيين، ويتعامل مع كل دول العالم بعقلية التاجر الذي تحكمه لغة المكسب والخسارة دون النظر لأي اعتبارات أخلاقية أو التفكير في تشويه واهتزاز سمعة وصورة دولتة العظمي.
في السابق كان الكاوبوي الأميركي يستطيع خداع العالم وخداع العرب بصفة خاصة فأضواء هوليوود كانت تعمي الأبصار وتأسر القلوب، أما الآن فقد سقط القناع وظهر وجه العم سام السافر للغافلين الذين لايزالون يثقون بالحليف الأميركي أو بالأحري البلطجي الجديد الذي لايعرف إلا الإتاوة و(المعلوم) وقد أعلنها ترامب صراحة مرارًا وتكرارًا (الدفع مقابل الحماية).
ألا يمثل ترامب بداية السقوط للحلم الأمريكي؟
كيف سيخرج ترامب من أزماته؟
هل سيكرر نفس سيناريو بوش الإبن الذي احتل العراق هربًا من مشاكله الداخلية وسيدخل حربًا ضد إيران حتي يُلهي الرأي العام الأميركي ومعارضيه وفي نفس الوقت يحصل علي نقاط ويرفع من شعبيته؟
هل سيكمل ترامب مدته؟
دونالد ترامب هو المحك والاختبار الحقيقي للديمقراطية الأمريكية، هل سيتحمل الشعب الأميركي نتيجة اختياره السئ لترامب حتي نهاية ولايته؟
فأكثر من نصف الشعب الأميركي يرفض سياسات ترامب ويطالب بعزله.
ولو نجح ترامب في اجتياز وعبور كل الفخاخ المنصوبة له وأكمل ولايته ودخل انتخابات 2020 وخسرها هل سيسلم السلطة؟
أم سيلجأ لديمقراطية العالم الثالث كمايؤكد بعض المراقبين وبوادر ذلك معركة الجدار؟
وهل سينجح ترامب في معركة الجدار العازل مع المكسيك، فترامب هدد بإغلاق مؤسسات الحكومة جزئيًا، إذا لم يتم توفير التمويل اللازم لجداره العنصري الحدودي مع المكسيك، بل ذهب لأبعد من ذلك في حالة لو رفض الكونجرس تقديم خمسة مليارات دولار لبناء جداره العنصري سيلجأ للجيش، ففي تغريدة له عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، يقول: "إذا لم يمنحنا الديمقراطيون الأصوات اللازمة لتأمين بلادنا، سيقوم الجيش ببناء الأجزأ المتبقية من الجدار".
ودعا لنشر قوات إضافية من الجيش لحراسة الحدود مع المكسيك، حتى استكمال بناء الجدار.
الكونجرس الي الآن لم يسمح لترامب إلا ب 1.6 مليار دولار لتحسين الأحوال الأمنية علي الحدود مع المكسيك ولم يسمح بجدار عازل.
لم يعد الأمر مجرد جدار عازل بل هو أعمق من ذلك، فالديمقراطية الأمريكية المزعومة في مواجهة العنصرية الواقعية، وحكم الفرد المتسلط المتغطرس في مواجهة التعددية التي لطالما سعي الكاوبوي الأميركي في ترسيخها في أذهان العالم من بعد الحرب العالمية الثانية وحتي الآن.
تري من سيكسب معركة الجدار الكونجرس أم ترامب؟