مسكت قلمى لأكتب عن ضحايا سيناء المجدية؛ وجلست أتذكر ما حدث لهم من بشاعة لكى أصف مدى معاناتهم الذين يعيشون فيها كل يوم؛ ولكنى وجدت حالهم محيرا للجميع. وجدت الجنود يقبلون على الشهادة وكأنهم عشاق أشتاقوا لرؤية أحبتهم الذين طال غيابهم عليهم. كل يوم يستيقذوا الجنود فى موعدهم لصلاة الفجر ويصلى كلا منهم لربه ويناجى بما لا نعلمه ويدعى له بلقائه الذى أنتظره منذ ان لبى نداء الوطن فوجدت أنه المعتاد لهم يبدأون يومهم مقبلون على الشهادة وليس الحياة. وجدت الجنود كل يوم قبل أن يخلدون إلى نومهم يقوم كلا منهم بتلميع أيشه وحذاءه ويقوم بكى ملابسة بانتظار الغد؛ وفى ثانى يوم يقومون بهندمة أنفسهم لكى يكونوا جاهزين بمهامهم ولكنهم بين أنفسهم يتنمقون لكى يكونوا فى قمة روعتهم وكأنهم فى عرسهم؛ فأنهم ينتظرون لقاء ربهم. وجدت الجنود يقبلون على الموت وكأنه سعادة طال الأنتظار للشعور بها. كانوا أشخاص عادية ولكن قبل أن يلبسون الميرى والبيادة ويحملون البندقية ليحموا الكثير منا؛ وأصبحوا فى الجنة مخلدون؛ كانوا يسهرون لكى ننام؛ كانوا يتفانوا فى حمايتنا لكى نشعر بالأمان وهم فى شجاعة لم يهابوا عدوا خسيس يأتى من وراء ظهورهم. لم يحتاجون منا كلمة شكر ولا ثناء فهم أحق منا بالحياة ولكن إختيار الله لهم هو الأمر النافذ فإنه أمر الله بتخليدهم. (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ).