قالت الكاتبة والاديبة العربية / ريم أبو عيد : من الصفاقة أن تتحدث دولة مثل فرنسا عن حقوق الإنسان ومن المثير للدهشة أيضًا أن تنتقد دولًا أخرى في هذا الشأن.. فمن المعروف للجميع بلا استثناء أن فرنسا من الدول الاستعمارية التي انتهكت حقوق بلدانًا وشعوبًا بأكملها.. بالإضافة إلى ما لها من تاريخ طويل ملوث بالدماء والجرائم في دول العالم المختلفة.. فأي حقوق تلك التي تتحدث عنها فرنسا؟.. أين كانت تلك الحقوق أثناء الاحتلال الفرنسي للجزائر الذي دام لمدة 132 عامًا.. وأين كان الإنسان في القاموس الفرنسي حين قتلت فرنسا الملايين في الجزائر ودفنتهم في مقابر جماعية لا لشيء إلا أنهم طالبوا بحق بلدهم في الحرية من الاحتلال الفرنسي.. أين كانت حقوق الإنسان أثناء محاكمة المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد لكونها وقفت بصمود وشموخ ضد جنود فرنسا الذين دنسوا أرضها وانتهكوا بلدها وحق شعبها في العيش بحرية وأمان.. ماذا عن العدوان الثلاثي على مصر الذي شاركت فيه الطائرات الفرنسية بالاشتراك مع طائرات بريطانيا واسرائيل.. ماذا عن الأبرياء الذين راحوا ضحية هذا القصف الغاشم.. وماذا عن الدول الإفريقية التي لا تزال ترزخ تحت وطأة الاحتلال الفرنسي حتى الآن لنهب وسرقة خيراتها وثرواتها وتجويع شعوبها التي تعيش تحت خط الفقر بسبب ما تمارسه فرنسا الاستعمارية من انتهاكات في حقها.. إن الحديث عما ارتكبته فرنسا من جرائم وانتهاكات في حق الانسانية يطول.. فمنذ فجر تاريخها وحتى وقتنا الراهن وهي تمارس كل أنواع الانتهاكات الإنسانية في دول شتى دون مواربة أو خجل.. فالفجاجة عنوان صريح لمثل هذه الدول الاستعمارية التي لا ترى غضاضة في ارتكاب أشنع الجرائم ضد كل ما هو إنساني وحق أصيل لكل إنسان ولكنها في الوقت ذاته تنظر بوقاحة على غيرها من الدول.. فحين يأتي رئيس فرنسا إلى مصر زائرًا ثم يحاول انتقاد مصر فيما يتعلق بحقوق الإنسان لابد لنا كمصريين أن نتذكر ما ارتكبته فرنسا من جرائم في حقنا كشعب وفي حق مصر كدولة لها سيادتها وكرامتها التي لا نقبل أن تمس.. كما يجب علينا أن نذكر فرنسا بتاريخها الدامي وجرائمها الوحشية التي ارتكبتها في مختلف الدول على مر العصور.. حقَا إن شر البلية ما يضحك.. وليس هناك بلية أكثر من أن دولة مثل فرنسا تشحذ أسلحتها للهجوم على مصر واتهامها بانتهاك حقوق الإنسان.. وليس هناك بلاء أكثر من أن بعض المحسوبين على مصر ممن يحملون الجنسية المصرية كمسمى فقط في بطاقات الرقم القومي يهللون لتلك الفتاة المجهولة الهوية التي هاجمت مصر وتطاولت عليها على قناة فرنسا 24 مؤخرًا.. بل تصل بهم البجاجة لمهاجمة النائبة البرلمانية المصرية غادة عجمي التي دافعت عن مصر في نفس البرنامج.. واتساءل كمصرية متى وأين انتهكت مصر حقوق الإنسان؟ هل الرئيس ماكرون حين تحدث عن تلك الانتهاكات الوهمية أثناء لقائه بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي كان يعني بحديثه الارهابيين والخونة الذين يحاكمون في مصر وفقا للقانون أم من تحديدًا؟ فمصر كدولة لا تنتهك حقوق الإنسان إذا كان المعنى هو الإنسان المسالم والمواطن المحترم الذي يعمل ويكد ويتعب من أجل نهضة وطنه ورفعته.. أما من يشارك في العمليات الارهابية والتخريبية فهو من ينتهك حق كل مصري في العيش بسلام وأمان ومن حق أي مواطن مصري على الدولة المصرية أن تحميه من هؤلاء الارهابيين وأن تحاكمهم أيضا حتى تحمي المجتمع منهم ومن جرائمهم.. مصر لم تكن يوما دولة استعمارية أو محتلة ولم يكن جيشها قط معتديًا أو غازيًا.. في حين أن فرنسا طيلة تاريخها وهي تعيش على استعمار الدول ونهب خيراتها وثرواتها ونشر الفوضى والخراب بين شعوب تلك الدول التي تحتلها.. فأي حقوق إنسان يتحدث عنها ماكرون وهو ضيف على مصر؟ وأي حقوق إنسان تتحدث عنها تلك الفتاة المأجورة التي هاجمت مصر على قناة فرنسا 24؟.. إنه المعنى الحرفي للهراء والهرطقة.. فلو أنكم أيها الفرنسيون نسيتم ما اقترفته أيديكم في حق شعوب العالم المسالمة فنحن لم ننس ولن ننسى وسيظل تاريخكم الملوث بجرائمكم شاهدًاعليكم كما سيظل كل مصري يدافع عن مصر شريف ضد كل من يفتري عليها كذبًا وبهتانًا.. حين تتحدثون عن مصر فلتتحدثوا بأدب أو فلتصمتوا وحين تتجرأون عليها اعلموا جيدًا أننا جميعًا جنود في معركة كرامتها التي لن نقبل انتهاكها بأي حال من الأحوال كما لن نقبل أي تدخل من أي دولة شأننا الداخلي المصري. نحن مصر التاريخ والحضارة والعزة والكرامة.. فمن أنتم أيها الاستعماريون؟