حكم الدين في تربية الكلاب داخل المنزل بغرض الحراسة
يسأل البعض عن ما هو حكم تريبة الكلاب داخل المنزل بغرض الحراسة ، و هل وجود الكلب داخل المنزل لهذا الغرض يمنع دخول الملائكة ، أو يسبب نجاسة المكان الذي يوجد فيه ؟
أجاب الشيخ 'أحمد سليم الدرملي' من علماء الأزهر الشريف عن هذا السؤال قائلا :
جاء في السنة النبوية الشريفة ترتيب نقص الأجر على اقتناء الكلاب واتخاذها ما لم يكن ذلك لغرضٍ من أغراض الانتفاع التي أباحها الشرع؛ كالصيد والماشية والزرع؛ فقال النبي صلى الله تعالى عليه و آله وسلم: «مَنِ اتَّخَذَ كَلبًا إلَّا كَلبَ ماشِيةٍ أو صَيدٍ أو زَرعٍ انتَقَصَ مِن أَجرِه كُلَّ يَومٍ قِيراطٌ» متفق عليه مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وفِي رواية أخرى: «قِيراطانِ»، وقد قاسَ الفقهاء على هذه الأغراضِ غيرَها مِن وجوه الانتفاع الصحيحة ؛ كحفظ البيوت و حراسة الدُّرُوب وغيرهما مِمَّا يُمكن أن يُنتَفَع بالكلاب فيه ، على اختلافٍ بينهم في توسيع ذلك ؛ نظرًا للعِلَّة المفهومة مِن الحديث و هي الحاجة، أو تضييقه؛ وقوفًا عند مَورد النص.
و أمَّا أثر وجود الكلب في المنزل على دخول الملائكة:
فقد ورد في ذلك قول النبي صلى الله عليه و آله وسلم فيما رواه الشيخان -و اللفظ للبخاري- من حديث أبي طلحة الأنصاري رضي الله عنه: «لا تَدخُلُ المَلائِكةُ بَيتًا فيه كَلبٌ و لا صُورةُ تماثيل»، غير أن العلماء متفقون على أن هذا الحديث ليس على ظاهر عمومه ، و أنه يُستثنَى مِن ذلك الحَفَظَةُ و مَلَكُ الموت و غيرُهم مِمَّن لا يُفارِقُون إبنَ آدم، ثم إختلفوا: هل هذا خاصٌّ بالكلاب التي لا يُؤذَن في إقتنائها ، أم أنه عامٌّ في كل الكلاب: على قولين، أرجحهما الأول ؛ بقرينة الإذن ، على أن مِن العلماء مَن يخصص ذلك بملائكة الوحي ، فيكون ذلك خاصًّا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم.
و ذكر العلماء أن سبب نقصان الأجر هو إمتناع الملائكة مِن دخول البيت بسبب الكلب ؛ لأن رائحته كريهة ، و الملائكة تكره الرائحة الخبيثة ، وقيل: لِمَا يلحق المارِّين مِن الأذى مِن ترويع الكلب لهم ، و قيل: عقوبةً لأتخاذ ما نُهِيَ عن إتخاذه و عصيانه في ذلك، و قيل: لِما يُبتَلى به مِن ولوغه في غفلة صاحبه و لا يغسله بالماء.
أما بالنسبة لنجاسة المكان الذي يوجد فيه الكلب: فجمهور الفقهاء يرون نجاسة الكلب مستدلين بقوله صلى الله عليه و آله وسلم: «إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ إِحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ» متفق عليه، و يرى الإمام مالك طهارته؛ لأن كل حيٍّ طاهرٌ عنده ، و أَوَّلَ هذا الحديثَ بأنه على سبيل التعبد من غير علة ، و على قول الإمام مالك يكون مكان الكلب طاهرًا.
و بناءً على ذلك و في واقعة السؤال: فلا مانع من إقتناء الكلاب التي يحتاجها المكلف في حياته و عمله ، بشرط ألَّا يروع الآمنين أو يزعج الجيران ، و إقتناء الكلب المحتاج إليه لا يمنع مِن دخول الملائكة على قول كثيرٍ من أهل العلم ، أما عن نجاسة الكلب و مكانه فيمكن الأخذ في ذلك بمذهب السادة المالكية في القول بطهارة الكلب ، و يُنصَح بوضعه في حديقة الدار إن وجدت ، و إلَّا فليجعل الإنسان لنفسه في بيته مُصلًّى لا يدخله الكلب . و الله سبحانه وتعالى أعلم.