الزواج شرعه الله عز وجل وجعله من سنن هذا الكون وهى سنة نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم ولم يولد النبى الكريم من سفاح بل ولد من زواج وأمر الناس بالزواج ونادى به فى احاديثه ولكن حدثت أمور افسدت الاسره وضيعت العلاقات الاسريه ولقد أرسى الإسلامُ قواعدَ الأسرةِ على مبدأ المودةِ والرحمةِ، وبيّن العلاقةَ بينَ الذّكرِ والأنثى، وجعلَ الرجالَ قوّامين على النساءِ، بما فضّلَ اللهُ به بعضَهم على بعضٍ، ووضعَ القواعدَ المُحْكَمةَ التي تحكُمُ تصرفَ كل واحدٍ منهما في حدودِ مسؤوليتِهِ، وأمر كلاًّ من الزوجينِ بأن يُحسنَ اختيارَ صاحبهِ، وحذّر من التفريطِ في حقوقِ الذريةِ التي تنتجُ عن هذهِ العلاقةِ بينَ الطرفين. أيها المؤمنون: لقد استطاعَ الإسلامُ بتعاليمِهِ السّاميةِ أنْ يُوجِد الأسرةَ الصّالحةَ التي يسودُهَا الحبُّ والاستقرارُ والطمأنينةُ، وينتجُ عنها جيلٌ مؤمنٌ، وأمَّةٌ واعيةٌ، وجعلَ تعاليمَهُ تتّسِمُ بالواقعيّةِ التي تتلاءمُ وطبيعةُ النّفسِ البشريةِ؛ فأعطى السيادةَ للرجلِ ليضطلعَ بالمهمةِ الصعبةِ لقدرتِهِ على التحمُّلِ ومقارعةِ الخطوبِ، ومواجهةِ أحداثِ الحياةِ، وَرَسَمَ لكلٍّ منَ الذّكرِ والأنثى حقوقاً على الآخر، فما كان لواحدٍ منهما أنْ يتخطاها أو يُهملَ جانباً منها؛ لأنَّ إهمالَ أيٍّ منهما لحقوقِ الآخرِ، في أيِّ جانبٍ من الجوانبِ كفيلٌ بأنْ يُحدثَ تصدُّعاً في كيانِ الأسرةِ أو انهيارِها. عبادَ اللِه: ولعلَّ منْ أهمِّ الأسبابِ التي أثّرتْ على الترابطِ الأسريّ ما يلي: أولاً: مَا يَحْصلُ منَ الشّقاقِ والخلافِ والخصامِ بين الزوجينِ أمامَ الأولادِ، ومَا يترتبُ على ذلكَ من أمورٍ لا تُحمدُ عقباها، مِن تشتّتِ الأولادِ ومعاناتهم النّفسيّةِ والحياتيّةِ، مما يؤدي إلى تشرذمِهِمْ، وفسادِ أحوالهمْ وانحرافهمْ عنْ طريقِ الجادّة، ووقوعهمْ في براثنِ الفسادِ، وسوءِ الأخلاقِ. ثانياً: انشغالُ الزوجِ بطلبِ الرزقِ، والتجارةِ، والسفرِ، والاهتمامُ بالأصدقاءِ والجلوسُ في الاستراحاتِ، فلا يعلمُ عن أولادهِ شيئاً، ويتركُ الزوجةَ تتحمّلُ أعباءَ التربيةِ والتوجيهِ، فيحصلَ القُصورُ. وكذلكَ انشغالُ أغلبِ الأمّهاتِ بأمورٍ ثانويةٍ كالزّياراتِ الكثيرةِ، والركونُ إلى الدّعةِ والرّاحةِ، والبحثُ عنْ وسائلَ الرّفاهيةِ، والإكثارُ من الخروجِ بغيرِ ضرورةٍ، ممّا يترتبُ عليهِ تقصيرٌ شديدٌ في متابعةِ الأولادِ، وتربيتهِمْ، وتنشئتِهم التنشئةَ الصّالحةَ، وفقدانِهِم للحبِّ والحنانِ والعطفِ والأمنِ النّفسي، والتوجيهِ والإرشادِ، والمتابعةِ، فلا يجدوا أمامهمْ القدوةَ الحسنةَ، والمثلَ الأعلى الذي يساعدُهم على السّيرِ بخطواتٍ ثابتةٍ في الحياةِ، وحلِّ ما يعتريهمْ من مشكلاتٍ، والوصولِ إلى أهدافٍ إيجابيةٍ مما يؤدي إلى اتّساعِ الفجوةِ وضعفِ العلاقةِ تدريجياً، وحصولِ الفشلِ والانحرافِ في حياتهمْ. ثالثاً: التباينُ الفكريُّ والعاطفيُّ بين الزوجينِ: مما يؤدي إلى حدوثِ كثيرٍ من الخلافاتِ حولَ طرقِ تربيةِ الأبناءِ واتخاذِ القرارِ ومعاملةِ الآخرين. رابعاً: انشغالُ أغلبِ أفرادِ الأسرةِ بوسائلِ التّواصلِ الاجتماعيّ؛ فكلُّ فردٍ منْ أفرادِها ينطوي على جهازهِ؛ فلا يشعرُ بأحدٍ، ولا يتكلّمُ مع أحدٍ، وقدْ وصلَ هذا الأمرُ إلى الجلساتِ العائليّةِ الكبيرةِ، فتجدُ كلَّ واحدٍ منهم منكباً على جوالهِ، فتشعرُ أنكَ جالسٌ بين أناسٍ غرباءَ وليسوا أقرباء. خامساً: تأثُّرُ الأولادِ بالتغيراتِ الاجتماعيةِ الخارجية؛ فيتبنونَ قِيَماً وأفكاراً متحرّرةً جديدةً غير تلكَ التي تربوا ونشأوا عليها، مما يؤدي إلى حدوثِ الصراعِ بين الأبناءِ والآباءِ. سادساً: انطواءُ الأبناءِ وانعزالهمْ عن الحياةِ العمليةِ بسببِ قضاءِ معظمِ أوقاتهمْ على الفضائياتِ، فيؤثّرُ ذلك سلباً على مستوياتِ ثقافتهمْ وأخلاقهمْ وقيمهمْ، وترابطِ بعضهِم ببعض. سابعاً: وجودُ الضغوطاتِ الاقتصاديةِ في حياةِ الأسرةِ، فيكونُ ذلك عائقاً في تحقيقِ تماسكِهَا وتلبيةِ متطلباتِها واحتياجاتِها المختلفة. أعوذُ باللهِ من الشيطانِ الرجيمِ: (وَمِن آيَاتِه أَن خَلَقَ لَكُم مِن أَنْفُسِكُم أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)[الروم: 21]. فاللهم أصلح أزواجنا وأصلح أسرنا وأصلح ما بين نفوسنا يا رب العالمين ...