قصة قصيرة ... الحائكة 

قصة قصيرة ... الحائكة 

ذات مساء عدت إلى الدار فلم أجد أمى ... أين أمى ؟ 
انطلقت ابحث عنها وقادتنى قدماي الى هناك .... إلى الجرن الكبير حيث الزينات والأنوار ونساء القرية يقرعن بأيديهن على الصينية النحاسية وهن يرددن الأغانى فرحاً بيوم عرسها .... ولم أصدق عينى .... كانت أمى ,
تجلس على كرسي وسط نساء القرية ترتدي فستاناً ابيض تلمع فيه حبات الترتر تحت الأنوار .... تتمايل مع الأغانى ودقات الطبول .
هل هذه أمى التى كانت ترتدي السواد من الثياب بالأمس القريب ؟ اندفعت مهرولا فى اتجاهها .... تراجعت ....... انزويت بعيداً .
ذات مساء تبلدت مشاعر أبي وأرسل لها ورقة طلاقها منه ناكراً للجميل متجاهلاً تعبها وسهرها الليالي وهى تعمل على ماكينتها فى حياكة ملابس نساء القرية حتى تساعده على مصاريف الجامعة حتى تخرج منها وتزوج من زميلته وسافر ... وانين أمى يتأجج داخل صدرها في صمت وسكون .
ومرت الأعوام وزلزلات صراخها خامدة بداخلها تشفق على من الحرمان أنا اليتيم وأبي مازال حياً .
ذات مساء حضر إلى الدار رجال ما لبثوا أن انصرفوا ووسط ضغوط جدتى وافقت أمى على الزواج .
أخذت تبحث بعينيها وسط الحضور لعلها تلمح طيفي أو ترانى .... دقائق عصيبة عادت بها إلى ذكريات وعذابات الماضي القريب فسحبت منها الإبتسامة العريضة التى كانت مرسومة على شفتيها منذ قليل وسبحت في بحور بلا شطان تبحث عنى .... فتوقفت حين رأتنى وتجمدت ملامحها حينما رأت العبرات تتساقط من مقلتي على الأرض في صمت وسكون ودارت برأسها الأفكار والهواجس ونبض قلبها نبضات سريعة متلاحقة فإذا بها تخرج من بحور الاحتمالات خوفاً على . 
فوثبت من مكانها مهرولة ناحيتى تاركة خلفها الزينات والأنوار وفتحت ذراعيها فأسرعت مهرولاً ناحيتها وارتميت فى أحضانها أسمع دقات قلبها وهو ينادينى وحملتنى بين يديها ... منزوية بي بعيداً عن ضوضاء المكان وجلست على الكرسي وأدارت ماكينتها لحياكة ملابس نساء القرية .
تمت 
سامى علوان

مقالات مشابهه

من قسم آخر


التقيمات

راديو القمة

radio

فيس بوك

a
;