يؤمن الكثيرون أن حقوق الإنسان لها لأولوية على جميع القيم والمبادئ الأخرى، بما في ذلك القيم والموروثات الاجتماعية والثقافية، فجميع الناس في كل أنحاء العالم يتمتعون بحقوق متساوية لمجرد أنهم بشر. ومع أن هذا الاعتقاد منتشر بشكل واسع في العالم الا إننا نقع في اشكالية فهم مصطلح حقوق الإنسان بمفهومه الحالي والذي يعتبره البعض حديثاً نسبياً من الناحية التاريخية. الامر الذي حول مفهوم المدافعين عن حقوق الانسان بفضل تلك الثقافة الخاطئة الي مجموعة أو زمرة من المتخصصين أو صانعي الحقوق الذين ينتمون بالضرورة إلى منظمات حقوق الإنسان ويستمدون شرعية وجودهم من "الخارج" ويغلب على ممارستهم اللهاث وراء التمويل والفساد الإداري ويتدخلون بالقوة في إطار علاقة صراع المصالح مع السلطات بجميع أنواعها. فعلي سبيل المثال الدفاع عن الحقوق السياسية : هي دعوة لإسقاط النظام , هذا انعكاس أوتوماتيكي لسلوك السلطات مع المدافع عن حقوق الإنسان والدليل أنك لا تجد فرقا في الحكم بين كونك منتم إلى حزب معارض أو كونك مدافع عن حقوق الإنسان .. والأمثلة في مصر أكثر من أن تحصى.. لذا يسقط نسبيا عنصر الحياد والموضوعية هنا عن خطاب الناشط مهما حاول إلى ذلك سبيلا ورغم اننا لا ننفي وجود تجاوزات ونقص في الشفافية والفساد في بعض المجموعات التي تنتمي إلى فضاء حقوق الإنسان، ولكننا لا يمكن أن تكون تلك هي القاعدة التي من الممكن ان يتم استخدامها لضرب مفهوم الدفاع عن الحريات في جوهره. ينسحب هذا الأمر بطبيعة الحال على أغلب بلدان "العالم الثالث" التي لا تقوم لأنظمتها قائمة بغير الانتهاك المتواصل لحقوق الإنسان من جانب السلطات التنفيذية والتشريعية وحتى القضائية فالطابع العالمي لإلزامية حقوق الانسان يستضم دائماً مع أمن النظام المقرر فوق أي اعتبار للعدل أو الحرية. ومن ثم فليس أقدر على التصدي لهذا الانتهاك مِن جماهير ضحاياه أنفسهم في ما لو "أدركوا" هذه الضرورة. ولعل هذا ما يفسر الأهمية التي يكتسيها نشر تلك الثقافة في الكثير من وثائق التي تتحدث عن حقوق الانسان. التصدي إذن للدفاع عن هذه الحقوق يعتبر واجباً جماهيرياً عاماً، بل فرض عين على كل فرد فـ"حريات الناس أثمن من أن يؤتمن عليها الآخرون، وثمن حرية كل فرد هو دوام سهره على حراستها. وجهة نظرنا هذه لا تكتمل إلا بالحوار البعيد عن التشنج والحساسيات عند الجميع كي يلتقي الجميع على أرضية واحدة من تقاطع الحقوق والمصالح والآمال في أوطان أسسها وغايتها المواطن الحر الذي يتمتع بكامل حقوقه التي نصت عليها الشرعة الدولية لحقوق الإنسان ..ومهما كان انتماءه القومي أو الديني أو الطائفي..