دعانى صديقى الى تناول كوباً من الشاى الدافىء ليلة العيد ونحن فى انتظار صلاة الفجر وسألنى : أيٌّهما أنفع للانسانية الخبز أم الشعر ؟
فقلت له : ان الحب بمعناه الانسانى الكامل والشامل ليس بأنفع من الشعر
فلايمكن للانسان الواقف فى أعلى سلم الكائنات أن ينكر قيمة عواطفه مهما بدا من قلة جدواها فى الانتاج أو مخالفتها للروح الاجتماعية
فقاطعنى : نحن نحتاج الخبزلكى نأكل ولكن الشعر يصنعه فردٌ واحد ولا يقرأه الجميع نحن نحتاج الخبز أكثر من أجل البقاء
فقلت له : يا صديقى ان الشعر الجيد ينبغى أن يصنعه الجميع لا شخص واحد والانسان لايبقى بالخبز وانما بالعمل والارادة والعزيمة والتفاؤل والاصرار والحب فأنا باقٍ: لأحسِّنَ نفسى حتى لو لم تتح لى فى حياتى كلها غير لحظة واحدة من الأمل فعلينا جميعاً أن نخوض المعركة التى قد تفرض علينا بدلاً من أن نفقدها لأن هناك آخرون يكسبونها كل الآخرين
سألنى صديقى :أنت تتحدث بلهجة الذى يعانى شيئاً يؤلمه فهل شعرت يوماً بحالة اغتراب أم هجر أم أن أم أن الأحزان تهاجمك حتى جعلتك فيلسوفاً أو زاهداً فى !الدنيا ؟
قلت له : يوماً بعد يوم سوف يفسح الشقاء مكانه للفجر
فسألنى : هل شعرت يوماً بخيانة بعض الأصدقاء أو الحكومات فتمنيت سقوطهم ؟
قلت : لا سماءَ أسطع من صباحٍ يسقط فيه الخونة
قال : فهل تنوى الانتقام
قلت : لا حجرَ أثمن من الرغبة فى الثأر للبرىء
قال : ألا تغفر وتسامح من ظلمك ؟
قلت : لا سلام على الأرض اذا اغتفرنا للجلاَّدين
وهنا قاطعنى قائلاً : ألهذا السبب أراكَ مكفهرَّ الجهِ مقطَّب الجبين ؟ ألا تسمع لهذه الضحكات الأغانى التى تأتينا من الشارع ؟
قلت : نعم أسمع ضحكات كبيرة فوق الميادين الكبيرة وضجكاتٍ ملَّونه على الوجوه الملونة وأرى الحصاد والأطفال يبررون الطموح وبريق العشق يكسو الوجوه حناناً فيجعل فى القلب براح يتحدى فضاء الفلك مثل موجة لا انتهاء لها
وهنا فاجأنى صديقى بقوله : لقد جاع اخواننا ونهبوا وقتلوا ودفعوا الى اليأس وسيقوا الى المذابح دون ذنبٍ جنوه
قلت : لكنَّ وردةً من دمهم ناريَّة ظلَِت تعيش
قال : اذن لماذا نتحدث عن الحب ؟
قلت : عندما يقترن الحب بالشجاعة فانَّكَ اذا صجوتَ مظلوماً فلابد أن يشتد عزمك على الكفاح من أجل الحبيبة وعندما تكون هباءاً .. فانك بالحب تصبح كل شىء ويصبح العالم شيئاً مفيد
قال : اذن يمكن للانسان أن يستغنى عن الخبز ولكنه لا يمكن له الاستغناء عن الحب الى يوم البقاء :؟
فقلت : نعم لأنَّ الخبزَ نافع للجسد ... ولكن الحب نبعٌ دائم يخلِّد هذا الجسد
وهو رائع فى جلال الحياة .